جاد حداد

In From the Cold... قصة تجسّس سخيفة وجاذبة في آن

22 آب 2022

02 : 01

يجب ألا يستخف أحد بتأثير التحولات المفاجئة على مسار القصص. يثبت مسلسل In From the Cold (الدخول من البرد) على شبكة "نتفلكس" هذا الواقع بكل وضوح. يشمل العمل جميع العناصر الجاذبة: قوى خارقة للطبيعة، أم تقليدية تكشف ماضيها السري كجاسوسة، عطلة غريبة في إسبانيا، منافسة بين فِرَق التزلج، مشاهد حركة متقاطعة وقوية... يرتكز هذا المسلسل الخفيف والممتع للكاتب آدم غلاس على هذه الأفكار. قد لا يستحق الإشادة على الحوارات أو طبيعة الشخصيات، لكنه يجيد التعامل مع حبكاته المتشابكة. هو يعجّ بالتحولات المفاجئة ويبرع في ربطها ببعضها البعض.

يبدأ المسلسل بمشهد عنف لا معنى له، وهو جانب نموذجي من أي عمل يُركّز على الصدمات الخفيفة. يرمي شاب ذات نظرات غريبة شاباً آخر من السطح فجأةً خلال حفلة فاخرة. في مكان آخر من مدريد، يتصرف رجل بطريقة عنصرية مع راكب أسود البشرة قبل طرده من الحافلة وتعرّضه للمطاردة. ثم يُسرَق طفل قبل القبض على السارق. لكن ما سبب هذه الأعمال المريعة كلها؟

ننتقل لاحقاً إلى "جيني" (مارغريتا ليفيفا) التي تقيم في مدريد مع ابنتها "بيكا" (ليديا فليمينغ) وفريق التزلج الذي تديره ويشمل مشاركين مستقبليين في الألعاب الأولمبية. تظن "بيكا" أن والدتها غير عصرية ومتحفظة بشأن ماضيها على نحو غريب، فتبدو علاقة الأم وابنتها متقلّبة طوال الوقت. عندما تدخل "جيني" المصعد في الفندق لاحقاً، يرمي شاب بزيّ متدرّب قنبلة دخانية قبل انغلاق الباب فجأةً ويطرحها أرضاً. ثم تستيقظ "جيني" وهي مكبّلة أمام مجموعة رجال، فتتعرّض للاستجواب حول جاسوس روسي وتنكر كل ما يُقال لها إلى أن تستعمل فجأةً مهاراتها القتالية الكامنة في داخلها لإنقاذ حياتها، ثم تكتشف أنها موجودة في منشأة تدريبية. تتعرّض "جيني" للخداع للخروج من مخبئها على يد رب عملها الجديد، وهو مسؤول أنيق في وكالة الاستخبارات المركزية. هو يحاول أن يوحي بأنه رجل خطير لكنه يحمل اسماً لا يخدم شخصيته بأي شكل: "شونسي لو" (سيليان أوسوليفان). ينجح "شونسي" ومساعده "كريس" الخبير في الكمبيوتر (تشارلز برايس) في دعم الجاسوسة السابقة "جيني" فيما تتعقب مؤامرة ضد رئيس الوزراء الإسباني، وسرعان ما تصل في تحقيقاتها إلى إسبان يمينيين عنيفين وتضطر لكشف ماضيها الخفي.

تفتقر لقطات الماضي التي تعرض شباب "جيني" (كانت تُعرَف حينها باسم "أنيا") إلى الغموض والتشويق مقارنةً بالأجزاء الأخرى من القصة. سنشاهد ما فعلته لتطوير سمعتها كقاتلة تُعرَف بلقب "الهامسة"، ونكتشف علاقة محرّمة ربطتها مع شابة أخرى اسمها "فاينا" (أناستازيا مارتن). يتعامل صانعو العمل مع هذا الجانب من القصة بدقة تامة ويخصصون له ما يكفي من الوقت. لكن تبقى الحوارات سطحية وسخيفة في هذه المشاهد أيضاً. يتنقل المسلسل بين الماضي والحاضر ويعرض لقطات مطوّلة من الزمنَين، لكن تشكّل أحداث الماضي مصدر إلهاء عن مشاهد الحركة التي تشارك فيها "جيني" وتتّسم بإيقاع أفضل في الزمن الحاضر.

أخيراً، يرتكز المسلسل على مقاربة بسيطة نسبياً، فيقدّم شخصيات سطحية وأداءً تمثيلياً مبالغاً فيه بشكل عام. حتى أن الحوارات لا تخلو من التلميحات التي تستهدف المشاهدين مباشرةً. تقول "بيكا" لوالدتها في أحد المشاهد مثلاً: "ما هو سرّكِ الكبير؟ أنتِ تتصرفين وكأنك جاسوسة سرية"! لكن تبقى مشاهد الحركة متقنة وجاذبة لدرجة أن تعوّض عن الجوانب المبتذلة في العمل. تثبت مارغريتا ليفيفا مهاراتها القتالية المبهرة في عدد من المشاهد وتواجه خصوماً بارعين بالقدر نفسه، ما يرفع مستوى التشويق في هذه اللقطات. إنها مشاهد كافية كي نرغب في رؤية ليفيفا في مشاريع مستقبلية أكثر جدّية.


MISS 3