نغم شرف

"فرقة منوال" تنقذ المستقبل بالمسرح

4 تموز 2019

12 : 42

فتحت مدينة صيدا أبوابها أمام جاد حكواتي ورؤى بزيع كأنّها كانت بحاجة إليهما، فحين اتّخذا قبل سنوات قرار الإنتقال من بيروت إلى المدينة الجنوبية بهدف كسر المركزية الثقافية، ومحاولة إيجاد أرض خصبة تستقبل أفكارهما ومسرحهما، لم يدركا مدى التأثير الذي سيحدثانه على الصعيدين الشخصي والعام.
أسّس حكواتي وبزيع "فرقة منوال" في العام 2014 بهدف نقل أعمالهما ضمن إطار مؤسسة تحمي رؤيتهما، وباسمها انطلقت مشاريع حظيت بدعم مؤسسات عدّة مثل "آفاق"، "المورد الثقافي"  ومنها مسرحية "برزخ" والبرامج الشبابية التدريبية.
عُرضت مسرحية "برزخ" التي شاركت في مهرجانات دولية على مسارح متنوعة بين صيدا وبيروت، ونقلت الى المشاهد لمدّة 40 دقيقة، من خلال النص والـ multimedia الحياة داخل الجسد وخارجه، بعد أن دخلت رؤى في "كوما" ذهبت فيها إلى عالم البرزخ وعادت منه لتحكي قصّتها. في هذا العمل حوّل كل من رؤى (ممثلة) وجاد (مخرج) تجربتهما الشخصية إلى مادة عامة يراقبها الحضور ويصل في ختامها إلى استنتاج خاص حول العلاقات، الموت، الحياة، الحب وما هو مهم فعلاً.
تتميز اعمالهما باستخدامهما السينوغرافيا بأسلوب متطوّر مليء بالمشاهد، الالوان والموسيقى، وبتوظيفهما الشعر لخدمة السيناريو وتطويره. وبعيداً من الأعمال الشخصيّة، يمكن القول إنّ "فرقة منوال" تنفّذ عمليّة إنقاذ للمستقبل من خلال المسرح، وتحديداً عبر البرامج والورش الفنية "صبا" والتي تستقبل مراهقين لا متنفس لهم في مدينة مثل صيدا سوى المراكز التجارية، فتقدّم لهم بديلاً يعرّفهم عبر الفن على حركة اجسادهم وشخصياتهم.
تبلور هذا الأمر خلال عرض "دارة دوارة" 2017 الذي أقيم  في خان الصابون، بعد أن فتح بابه للمرة الاولى أمام المسرح، فأدّت مجموعة شباب من الجنسية اللبنانية والسورية والفلسطينية، عرضاً متماسكاً، يحكي عن قصصهم ومعاناتهم الشخصية، وبرهنوا أنهم متصالحون مع كل ما يمثلونه ويرفضونه، ونقلوا الشعور الطاغي بأنهم مراهقون اكتسبوا من المسرح إدراكاً لما هم عليه، وتلاشي خوفهم من الآخر.
تعتبر هذه النتيجة في محيط مدينة مثل صيدا أهم ما يمكن إعطاؤه للجيل الجديد، خصوصاً في ظل أحداث السنوات الأخيرة. وستؤدي تقنيات رؤى وجاد في نهاية المسار إلى خلق وعي عام لدى هؤلاء الشبان وستدفعهم للتعامل مع الخوف والقمع والنقص المادي من خلال الفن بدل التوجّه الى مجموعات سياسية لا تبغي سوى استثمارهم بهدف البقاء. فالحواجز التي أدّت إلى تأخّر المشاركين في برنامج " صبا" عن موعد التدريب تحولت إلى عمل فني حمل اسم "لنا أحلامنا الكبرى" 2018،  دُعم من "مؤسسة عبد المحسن القطان"  وتمّ التعبير من خلاله عن الحفلات اليومية التي يعانون منها للخروج من المخيم وبالتالي قدّم لهم وسيلة للتنفيس عن الحصار الذي يعيشونه.

متمثّلة باسمها تحيك "فرقة منوال" القصص، من نفسها ومن محيطها وتراعي النسيج الذي تتعامل معه، فتُبرز أفضل ما فيه، وتؤلّف من الحكايات الموجعة عالماً يسعى إلى تطوير إحياء المسرح وشفاء كل من يدخله. 


MISS 3