جوزيفين حبشي

لايك هالحكي

خبطة إعلامية على حساب "مخبوطين" على رؤوسهم

31 آب 2022

02 : 01

متى أصبح "بعض الإعلام" هكذا؟

متى أصبح قاسياً وسادياً، لا يبالي بوجع ومأساة ومصيبة أشخاص مفجوعين و"مخبوطين" على رؤوسهم، مثل أسرة الفنان الراحل جورج الراسي، بحجة أن كل شيء مبرر ويهون في سبيل تحقيق خبطة صحافية، ورفع نسب المشاهدة واللايكات والتعليقات؟

متى نسي بعضٌ مِمَن يطلقون على أنفسهم صفة إعلاميين، أنّ لكل مهنة أخلاقياتها، وتأتي في مقدم هذه المهن مهنة الصحافة والاعلام؟ متى نسوا أن حرية الاعلام يجب أن تقف عند حرمة الاشخاص وكراماتهم، فلا تتخطاها قبل ان تقرع باب الاخلاقيات، وتمتنع من تلقاء نفسها عن نقل الوجع، حتى في حال لم تجد من يمنعها؟

اعذرنا يا هذا "الاعلام" تحديداً، ولكننا لن نصفّق لك ونرفع لك قبعاتنا احتراماً، لأنك لم تقتحم البارحة وخلال جنازة الفنان جورج الراسي، جبهات تشتعل بحروب كونية وتمتلئ بالجثث والضحايا وتغرق بالدماء، بحثاً عن حقيقة تهز ضمائر العالم.

أعذرنا لن نقول لك "برافو" لأنك لم تخترق تظاهرة سياسة ممنوعة أو حريقاً ضخماً أو عملية تهريب غير شرعية على حدودنا، أو انفجاراً دمّر عاصمة لنقل الحدث الخطير، ولم تضع نفسك تحت خطر الموت او الخطف أو التهديد الدائم لحياتك وأمنك واستقرارك وصحتك وانت تطارد الانظمة الفاسدة، والاوبئة والانقلابات و… و… اعذرنا يا بعض هذا "الاعلام" تحديداً، فنحن لن نهنئك ولن نقول لك "أحسنت" وتستحق جائزة، ولن نشدّ على يدك التي حملت البارحة الميكروفون والكاميرا، واقحمتهما في دموع العيون وارتعاشة الفم وسقوط الاجساد مغشياً عليها من كثرة الوجع. لن نصفّق لك، وانت تراقب من بعيد، كوحش يستعد للانقضاض على فريسته، متمنياً في سرّك أن تقع نادين مغشياً عليها، وتصرخ راشيل وتمزّق قميصها، وتنتفض أم جورج كطائر مذبوح، وتمتنع الفنانة "الفلانية" عن مصافحة عدوتها اللدودة الفنانة "العلتانية"، فتخلّد اللحظة "العظيمة" وترفع نسب القراء والمشاهدين على موقعك، غير مبال بنسب من يسبّك لعدم احترامك حرمة الموت والوجع وأقل معايير أخلاقيات الانسان قبل الاعلام.

ما حصل البارحة خلال جنازة الفنان جورج الراسي من انتهاكات لعائلة مفجوعة، معيب جداً في حق بعض هذا الاعلام تحديداً.

متى توقف "الاعلام" عن وضع الانسان في أعلى سلم اولوياته، سقط من أعلى سلم اخلاقيات المهنة الى قاع القاع.


MISS 3