واشنطن تحسم وجودها العسكري في سوريا بسقف 600 جندي

موسكو تُعزّز انتشار قوّاتها في القامشلي

11 : 32

المياه تغمر مخيّماً للنازحين قرب قرية كيلي في شمال إدلب (أ ف ب)

يبدو المشهد في سوريا كلعبة تقاسم نفوذ على الخريطة الجيوسياسيّة للبلاد، مع شبه انسحاب عسكري أميركي هو أقرب إلى "إعادة تموضع"، يُقابله توسّع الانتشار الروسي، ويُزاد عليهما الوجود العسكري التركي في الشمال الشرقي، عدا عن الاجتماعات المزمع عقدُها بين الدول النافذة والمؤثرة لفضّ إشكاليّة هذا البلد.

وفي أوضح تصريح يُبدّد الغموض حيال وجود القوّات الأميركيّة في شمال شرقي سوريا بعد أمر الانسحاب الأوّلي الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تشرين الأوّل الماضي، أعلن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أنّ بلاده أتمّت انسحابها العسكري من المنطقة ليُصبح عدد جنودها في بقيّة أنحاء سوريا حوالى 600 جندي فقط.

وأكد إسبر احتفاظه بالقدرة على إدخال أعداد صغيرة من القوّات وإخراجها وفقاً للضرورة، لكنّه أشار إلى أن عدد القوّات في سوريا سيتأرجح عند مستوى 600 فرد في المستقبل المنظور. وقال مساء الأربعاء خلال عودته من قمّة "حلف شمال الأطلسي"، التي عُقدت على أطراف لندن: "سيكون العدد ثابتاً نسبياً حول ذلك الرقم، ولكن إذا رأينا أن هناك أموراً تحدث فسيكون باستطاعتي زيادته قليلاً".ولم يستبعد الوزير الأميركي خفض مستوى القوّات على نحو أكبر إذا ساهم الحلفاء الأوروبّيون في المهمّة في سوريا. وأوضح من دون الإشارة إلى أي مساهمة وشيكة أنّ "بعض الحلفاء قد يرغب في المساهمة بقوّات، وإذا قرّرت دولة عضو في "حلف شمال الأطلسي" تقديم 50 فرداً لنا، فقد يكون بمقدوري سحب 50 شخصاً (من قوّاتنا)". وكان ترامب قد أعلن خلال زيارته لندن الأربعاء، أنّه يرغب في الاحتفاظ بقوّات أميركيّة لضمان عدم سقوط احتياطات النفط السوريّة مرّة أخرى في يد "داعش". وأضاف: "حافظنا على النفط الذي كان يُموّل التنظيم".

وفي مقابل هذا الانسحاب الأميركي، تُعزّز روسيا انتشار قوّاتها في سوريا، خصوصاً في شمال شرقي البلاد، حيث وصلت قافلة ضخمة لشرطتها العسكريّة تضمّ عشرات المصفحات والشاحنات، إلى مطار القامشلي الدولي برفقة قوّات كرديّة قادمة من بلدة عين عيسى، وفق ما أفادت "روسيا اليوم" أمس. وكانت وزارة الدفاع الروسيّة قد نقلت في وقت سابق عدداً من المروحيّات من قاعدة حميميم إلى مطار القامشلي، لتأمين عمل الشرطة العسكريّة التي تقوم بدوريّات في شمال سوريا في إطار الاتفاق الروسي - التركي.

وأدّت عمليّة "نبع السلام" إلى تأجّج التوتر بين أنقرة والغرب، ما أرخى بثقله على اجتماعات "الأطلسي" في قمّته الأخيرة. لكنّ لقاءً عُقد على هامشها بين قادة تركيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا الثلثاء، حاول تسوية الخلافات، بيد أنّه لم يُبدّدها كلياً، ما استدعى الاتفاق على موعد اجتماع آخر في شباط المقبل، إذ نقلت وكالة "الأناضول" عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوله أمس إن قمة جديدة حول سوريا تضمّ القادة الأربعة ستُعقد في اسطنبول في شباط، مضيفاً: "اتفقنا على عقد قمة رباعيّة من هذا النوع مرّة في السنة على الأقلّ". وأكد أنّه سيطرح مسألة الهجمات على القوّات التركيّة والمنسوبة إلى "وحدات حماية الشعب" الكرديّة، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يزور تركيا في 8 كانون الثاني لتدشين أنبوب الغاز "تركستريم". ميدانيّاً، أوقع انفجار استهدف رتلاً للقوّات التركيّة في شمال سوريا الخاضع لسيطرة فصائل موالية لأنقرة، عدداً من القتلى والجرحى، وفق "المرصد السوري"، الذي أفاد بأنّ رتلاً لـ"القوّات التركيّة" استُهدف بسيّارة مفخّخة "خلال توجّهه إلى قاعدة البلدق غرب مدينة جرابلس في ريف حلب الشرقي"، ما أدّى إلى سقوط قتلى وجرحى.

في غضون ذلك، كشف وزير البيئة والإدارة المحلّية السوري حسين مخلوف أنّ عدد المهجّرين السوريين الذين عادوا إلى البلاد بلغ نحو مليون مواطن.


MISS 3