احتجاجاً على إصلاح نظام التقاعد

إضراب يشلّ الحركة في فرنسا

11 : 30

اشتباكات عنيفة بين ملثّمين وقوّات الأمن في مدينة نانت أمس (أ ف ب)

أدّى إضراب على مستوى البلاد إلى شلّ الحركة في معظم أنحاء فرنسا، فيما نزل عشرات آلاف الأشخاص إلى الشوارع للاحتجاج على إصلاحات في أنظمة التقاعد تعهّد بها الرئيس ايمانويل ماكرون، وتعتبر النقابات أنّها ستُجبر الملايين على العمل لفترات أطول أو مواجهة اقتطاعات في المزايا.وأُلغيت رحلات قطارات سكك الحديد والمترو والحافلات وبعض الرحلات الجوّية، في حين أُغلقت معظم المدارس أو قدّمت خدمة حضانة فقط، ما أجبر العديد من الأهالي على البقاء في المنزل أو العثور على حلول بديلة. ونزل قرابة 450 ألف شخص إلى الشارع في أنحاء فرنسا قبيل حلول المساء، وهو رقم لا يشمل الآلاف الذين نزلوا إلى شوارع باريس. وأعلنت الكونفدراليّة العامة للعمل أن 250 ألف شخص شاركوا في العاصمة. وقال الأمين العام لنقابة "القوى العاملة" إيف فيريه، في مستهلّ تظاهرة باريس: "لم نشهد مثل هذه المشاركة منذ وقت طويل جدّاً"، مضيفاً: "نتوقع من الحكومة الآن أن ترى حجم هذه التعبئة وأن تفهم أن نظامها الشامل فكرة سيّئة".

وبالرغم من أن تظاهرة باريس بدأت بشكل سلمي، إلّا أن متظاهرين يرتدون ملابس سوداء أضرموا النار في وقت لاحق بمقطورة تخزين وهشّموا واجهات المتاجر، ما دفع بالشرطة إلى إطلاق الغاز المسيّل للدموع لوقف أعمال التخريب التي وقعت على مقربة من ساحة الجمهوريّة في شرق باريس. وأطلقت الشرطة أيضاً الغاز المسيّل للدموع في مدينة نانت (غرب)، حيث تعارك المتظاهرون مع الإطفائيين وعناصر الأمن. وأوقف 71 شخصاً في العاصمة الفرنسيّة، بحسب شرطة باريس. ومع حلول الظلام كان المتظاهرون لا يزالون في الساحة.بالتوازي، أعلنت نقابات النقل العام أنّها ستُمدّد حتّى الإثنين على الأقلّ إضرابها المفتوح الذي أدّى إلى إلغاء 90 في المئة من رحلات القطارات الفائقة السرعة و70 في المئة من رحلات القطارات بين المناطق، فيما تأثرت كلّ خطوط مترو باريس. وكانت ساعة الذروة أخفّ اكتظاظاً من المعتاد في العاصمة الباريسيّة، إذ أخذ كثيرون يوم عطلة تجنّباً لفوضى التنقل، في حين كانت أبواب العديد من المتاجر والمطاعم مغلقة لعدم تمكّن الموظّفين من الوصول إلى العمل، بينما كانت ممرّات الدرّاجات مكتظّة مع لجوء الكثيرين إلى استخدام الدرّاجات كوسيلة نقل.ولم تتمكّن الصحف الوطنيّة من إصدار أعدادها المطبوعة، فيما لفتت الكونفدراليّة العامة للعمل إلى أن عمّالاً قطعوا الطرق المؤدية إلى سبع من ثماني مصافي نفط، ما يُثير مخاوف من نقص في الوقود في حال استمرّ الاضراب.

ويأمل أكثر المعارضين تشدّداً لتعديل نظام التقاعد في أن يكون التحرّك طويل الأمد وأن يؤدّي إلى شلّ البلاد على غرار ما حصل العام 1995. حينها، توقفت حركة النقل العام لثلاثة أسابيع نتيجة لتحرّك احتجاجي على تعديل في نظام التقاعد والضمان الاجتماعي، أدّى في نهاية المطاف إلى تخلّي الحكومة عن مشروعها.

وبهذا التعديل الجديد، تلجأ الحكومة الفرنسيّة إلى خطوة غير محسوبة النتائج في ظلّ سياق اجتماعي متوتر أصلاً، يتمثل بحراك "السترات الصفراء" غير المسبوق، الذي بدأ قبل نحو عام، وكذلك بالاستياء في أوساط قطاعات عدّة، مثل المستشفيات والشرطة والإطفاء والتعليم وسكك الحديد والمزارعين والإطفائيين وغيرهم. ويُشارك في التحرّكات الحالية ناشطون من "السترات الصفراء" والأحزاب اليساريّة، وكذلك حزب "التجمّع الوطني" اليميني المتطرّف.ويأتي التحرّك الشعبي الأخير، خصوصاً للإعراب عن رفض النظام التقاعدي "الشامل" الجديد القائم على النقاط، والذي يُفترض أن يستبدل 42 آليّةً معمولاً بها حالياً من الآليّات الخاصة بالموظّفين والعاملين في القطاع الخاص إلى الأنظمة الخاصة والمكمّلة. وتتعهّد الحكومة بأن يكون النظام الجديد "أكثر بساطة" و"أكثر عدلاً"، لكن المناهضين للتعديل يتوقعون أن يؤدّي إلى "انعدام في الاستقرار" لدى المتقاعدين.


MISS 3