عماد موسى

دوام الحظ في كازينو لبنان

13 أيلول 2022

02 : 00

تلقيت قبل فترة إتصالاً غمرني بالسعادة من رأسي حتى قدمي."تشردقت" بالسعادة وكدت أختنق. فحوى الإتصال الذي رفع معنوياتي: بإمكانك التوجه إلى كازينو لبنان بدءاً من العاشرة من صباح الجمعة الموافق فيه 9 أيلول لقبض سلفة على أسهمك. 45 ألف ليرة لبنانية للسهم الواحد بعد حسم العمولات وتقبض المبلغ نقداً من أحد المصارف. آخر دفعة قبضتها قبل 4 أعوام بـ"شيك" بالدولار الأميركي.

لم أصدق متى أشرق نور التاسع من أيلول وغاب الديجور. ستهبط علي أربعة ملايين ونصف المليون من الليرات دفعة واحدة. تأنقت. تعطّرت وخرجت من المنزل أغني "يا طيور" وفي العاشرة إلا خمس دقائق وجدتني أمام مدخل الكازينو الرئيس، وفوجئت بجمهرة من المواطنين تنتظر أن يُفتح الباب. مواطنون بكروش ومن دون كروش. أتوا بثياب كل يوم. رجال ونساء من كل الفئات العمرية. لا أعرف منذ متى ينتظرون. تأملت إخوتي المساهمين وبدت على وجوههم أمائر الإنزعاج. "وقت الناس ثمين. يريدون قبض مستحقاتهم والتوجه إلى أعمالهم" قلت بيني وبين نفسي، كما ساءني أن أمضي ثلاثة أرباع اليوم قبل حصولي على جزء من أرباحي كمستثمر جدي وكرأسمالي "قذر".

فكرتُ أن أنسحب لإجراء اتصالات تسهل دخولي عبر "خط عسكري" وأعود لاحقاً بدل الجلوس على الدرج بانتظار الفرج. أنّبني ضميري لا بل جلدني وسمعت في داخلي صوتاً عميقاً يقول " يسواك ما يسوى الناس".

العاشرة وعشر دقائق، فتح موظّف باب الكازينو على مصراعيه فتدفّقت أمواج من البشر ودخلوا هرولة إلى الصرح السياحي وكأنهم في انطلاقة سبق الـ "بلاك فرايداي" وتوجهوا مباشرة صوب اليمين. هرولت خلف المهرولين ووجدتني في وسط صالة الألعاب أراقب من ظننتهم إخوتي المساهمين وقد أخذوا مواقع قتالية خلف ماكنات الحظ أو الـ "Slot machine" وحول بعض الطاولات. وبدأت القرقعة الكهربائية وبرمات الدواليب والتراشف بكل أنواع الفيش. هكذا إذاً. وأين قبضُ مستحقات الأسهم؟ سألتُ موظفاً فدلّني إلى ردهة مجاورة لصالة السفراء. فصعدت سعادتي الأدراج ونزلت بعد دقائق بسعادة مضاف إليها المبلغ "المرقوم".

كم جميل أن تكون على موعد يومي مع الحظ في العاشرة من صباح كل يوم. موظّف الدولة لا يداوم مثل القمرجي، حتى لو ركله الحظ على قفاه فهو يعود كل يوم بعزيمة أكبر.

وكم جميل أن تتذكر أن الأربعة ملايين ونصف المليون التي قبضتها كانت توازي 3 آلاف دولار أميركي قبل ثلاثة أعوام. دولارٌ ينطح دولاراً. وهل بقي في حساباتنا الجامدة غير الذكريات!


MISS 3