جوزيفين حبشي

ليك هالحكي

الجميلة و... العمر الوحش

13 أيلول 2022

02 : 01

التجاعيد، التي نخشاها جميعنا، نساءً ورجالاً على حدّ سواء، من الذي حوّلها "بعبعاً" و"وحشاً" وسلاحاً قاتلاً يشهره الجمهور في وجه جميلات الفن ونجمات السينما؟ نجمات مثل الممثلة المصرية مرفت أمين التي تعرّضت أخيراً لحملة تنمّر على مواقع التواصل الاجتماعي أثناء تقديمها واجب العزاء بالمخرج علي عبد الخالق. والسبب، ظهورها من دون أي أثر لمساحيق التجميل التي من شأنها أن تخفي نوعاً ما علامات تقدّمها بالعمر.

لن ندخل في دهاليز صناعة النجوم ومتطلبات الصورة التسويقية الآن، ولن ندافع أبداً عن المتنمّرين المصدومين برؤية نجمة لطالما مثّلت لهم الرمز المطلق للجمال، بصورة مختلفة تماماً عمّا اعتادوه. سنكتفي بالقول إن اللوم في تحويل التجاعيد "بعبع" تنمّر على نجمات تخطّين سنّ السبعين (مثل مرفت أمين)، يقع من جهة كبيرة على عاتق المجتمع وأحكامه (ونحن كلّنا ضحاياه وجزء منه)، ومن جهة أخرى على عاتق النجمات. نجمات الزمن الجميل مسؤولات إلى حدّ ما عن وضع سلاح التنمّر في يد الجمهور، بعدما ساهمن أو قبِلن ببناء أسطورتهنّ على ترجيح كفة الجمال في عيون المعجبين. وبالتالي كيف يعقل أن يُلام هؤلاء المعجبون على عدم تقبّلهم "آيات الحسن الفني" بشكل مخالف للصورة التي تمّ طبعها في أذهانهم؟ خذوا ألقاب النجمات، معظمها يرتكز على الجمال والدلال، مثل "جميلة الجميلات" (ليلى فوزي) و"مارلين مونرو الشرق" (هند رستم) و"دلوعة الشاشة" (شادية) و"سندريلا الشاشة" (سعاد حسني) و"وجه القمر" (دينا فؤاد) و"فينوس الدراما" (غادة عبد الرازق) و"تفاحة السينما" (ليلى علوي)، وأخيراً وليس آخراً "قطة السينما" و"فاتنة السينما" وهما اللقبان اللذان ارتبطا بالممثلة ميرفت أمين.

حتماً النجوم ضحايا مجتمع (نحن ضحاياه كذلك الأمر وجزء منه) يدفعهم بقوة إلى "فلترة" صورهم وإجراء عمليّات تجميل لا تغيّر في معظم الأحيان نظرة أيّ منهم إلى نفسه، لذلك يدخلون في دوّامة جراحات مستمرّة، حتى يتحوّلوا أشخاصاً آخرين لا يشبهون أنفسهم، بل هم أقرب إلى الكاريكاتور واللوحة الجامدة التي لا تعكس ما يتأجّج في داخلها من مشاعر وانفعالات. وفي حال قرر النجوم البقاء على طبيعتهم، يصبحون عرضة لهجمات تنمّر "غير طبيعية". مجتمع أدخل في عقولنا جميعاً أحكامه المسبقة عن الجمال والشباب، وكأنهما سرّا النجاح فقط لا غير، متناسياً أن التجعيدة على وجوهنا تعني أننا عشنا الحياة بكل فصولها، بكل تفاصيلها، بكل طلعاتها ونزلاتها، بكل حقيقيتها. تعني أننا اختبرنا كثيراً، ضحكنا من كل قلبنا كثيراً، حزنّا وتألمنا وبكينا بحرقة وقوة كثيراً... من ضحية من؟ النجم أو المجتمع الذي نحن ضحيته وجزء منه؟ البيضة أو الدجاجة؟


MISS 3