سيلفانا أبي رميا

"مدينتان"... الدراما والتوثيق يجمعان نضال الأشقر بابنها

24 أيلول 2022

02 : 01

بفكاهتها المعهودة استقبلت الجمهور

بابتسامتها المعتادة وباقات الحب والترحيب، استقبلتنا الممثلة والكاتبة والمخرجة في "مسرح المدينة"، لتخبرنا أنها تحاول "منذ 50 سنة ومن خلال الفن أن تصل إلى آفاق جديدة فيها شيء من الأمل في بلد نهشته الأزمات ومزّقت ما تبقى من مجتمعه وثقافته".

وعن "مشكال" قالت: "أؤمن بأن الناس اليوم في أمس الحاجة إلى مساحة فنية ترفّه عنهم وتخفف من همومهم. وفي النسخة العاشرة من هذا الحدث نركز على إزاحة غباشة الانحطاط السائدة في البلاد، ونعمل عكس الموجة السلبية الطاغية على حياة اللبناني بهدف تحقيق فسحة أمل من خلال المسرح".



من كواليس التصوير



كما أخبرتنا أن عمر اضطرّ قسراً للغياب عن عرض الفيلم والمهرجان بسبب وجوده في الولايات المتحدة، وتابعت: "العام 2016 قررنا خلق مهرجان فني وثقافي ضخم وانطلقت التحضيرات بـ30 فرقة تعمل ليلاً ونهاراً، وخطرت لي فكرة فيلم وثائقي وعرضتها على عمر الذي كان موجوداً في لبنان فوافق وباشر العمل فوراً. يومها، بدأ يصوّر التحضيرات المسرحية موثقاً ما يجري في البلد راصداً بكاميراته أحوال بيروت المتردية. أخبرني أنه ينوي المقارنة بين مدينة المسرح ومدينة الواقع البيروتي، ومن هنا تأتي تسمية فيلمه: "مدينتان". وبمزيج من الفنّ والإبداع والفوضى، صوّر وثائقياً لا تتعدّى مدّته الساعة الواحدة، مليئاً بالأحداث والعواطف".

وعن التمويل وأعضاء الفريق، أخبرتنا أنها تمكنت من الاستحصال عليه من وزارة الثقافة وعلّقت مازحةً "لو شاهدوا الفيلم لندموا على تمويله". وأضافت: "استلزم إنجاز الفيلم شهراً ونصف الشهر بمشاركة فريق عمل رائع على رأسهم طلال الخوري وجورج خباز وغيرهما، فخلقوا مقارنة بين مدينتين، الأولى خالية من الطائفية والعنصرية تجمع الناس تحت راية الحرية والديموقراطية وباسم المسرح، والثانية منبر هوبرة وكلام فارغ ووعود أغرقت الشعب"، خاتمةً "الفيلم الذي أظهر فيه وزوجي فؤاد، يحمل عبارات مضحكة مرفّهة وأخرى قاسية ومشاهد مبكية. وكانت قد اشترته وعرضته قناة الـ"BBC" واليوم حصلت عليه الـ"LBCI" وستعرضه قريباً. إيماني كبير بالشباب اللبناني فهو وحده قادر على تغيير العقلية المتحجرة في الدولة، وعلى انتشال الناس من عنصريتهم وتعصبهم وطائفيتهم إلى فضاءات الحياة الرحبة، لعلّني أصل بعد 50 عاماً من الجهد والعطاءات إلى صورة المدينة الجميلة التي رسمتها وناضلت لأجلها".



مسرح المدينة احتضن آلاف المواهب



وقبل بدء عرض الفيلم اعتلت نضال المسرح بهيبتها المعهودة التي لم تخلُ من حس الفكاهة، ورحّبت بالموجودين من دون تفويت فرصة التنديد بالسياسيين وما فعلوه بهذا البلد الجميل.

ومن قلب السواد، انطلق "مدينتان" ليأخذنا في رحلة ما بين بيروت المدينة في ظروفها الشائكة والمأسوية، و"مسرح المدينة" الذي يمثل بقعة ضوء في هذا الظلام القاتم الذي لم نشهد مثله حتى في أحلك أيام الحرب، ونجح في اظهار بيروت الفقر والبؤس والقهر، بيروت النفايات والتلوث، بيروت الفساد والطائفية والمذهبية والعمالة المعلنة والانقسام الأهلي، تقابلها بيروت أخرى هي بيروت "مسرح المدينة"، الذي يكاد يكون وحيداً أو شبه وحيد في صموده بل في "عناده" وإصراره على البقاء.

الفيلم الذي يجمع بين الشاعرية والواقعية في السيناريو والتصوير، منذ بداية حب نضال الأشقر للمسرح وإمتلاكها مسرحها الخاص، يضيء على أهمية المسرح بشكل عام، الذي يعبر عنها، ونتعرف من خلاله على قصة حب نضال وزوجها الممثل والمخرج والصحافي فؤاد نعيم.

مشاهد جميلة، تقابلها أخرى محزنة، فنشاهد عروضاً مسرحية يقدمها صانعوها وأبطالها بشغف كبير، في مواجهة الصراع السياسي الدائر في بيروت ولبنان، والنفايات المتراكمة على جانبي الطرقات، وأزمات أخرى.




صور الماضي الجميل


وفي النهاية استذكر الفيلم المسارح التي أقفلت في العاصمة، منها "بابل"، "إسترال"، البيكاديلي"، ومسرح "بيروت"... وشددت الأشقر على النضال المستمر لبقاء المسارح على قيد الحياة، وعلى حبها للبنان، هي التي تظهر في الفيلم وهي تغني "حلوة يا بلدي" بإحساس عالٍ يعبق بنسيم الأرز ويعطي كل لبناني حفنة أمل يكمل بها ما تبقّى من ثورة وإصلاحات وتغيير للواقع المرير.




صور الماضي الجميل


تأبى نضال الأشقر، رغم كل الظروف المحيطة، إلا أن تفتح مسرحها ليكون مساحة تعبير للشباب المبدع ومدينة تضجّ فرحاً وغناء ومسرحيات وأملاً. وتزامناً مع افتتاح فعاليات "مشكال 2022" وهو مهرجان فني أطلقته العام 2012 ويشكّل ملتقى للشباب وللإبداع في الفن والثقافة والمسرح، تم عرض فيلم "مدينتان" لمدّة 60 دقيقة للمخرج عمر نعيم ابن نضال وفؤاد نعيم.

MISS 3