كيف تسبّب الحمية الغذائية الأرق

11 : 42

قد يترافق الأرق مع تداعيات صحية خطيرة. اكتشفت دراسة نسائية جديدة الآن أن عناصر من الحمية الغذائية تؤثر على هذا النوع من اضطرابات النوم. يصيب الأرق عدداً كبيراً من الناس حول العالم. ركّز الباحثون على هذه المشكلة لأن دراسات كثيرة تذكر أن الأرق ليس مجرد اضطراب خفيف، بل إنه يرتبط بمشاكل صحية أخرى.

وفق "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها"، ترتبط قلة النوم أو اضطرابات النوم بمشاكل متعددة، منها أمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري، والاكتئاب.

لهذا السبب، يبحث الخبراء عن طرقٍ لمعالجة أو تجنب الأرق وأنواع أخرى من اضطرابات النوم، وبدأوا بتحليل جميع الأسباب المحتملة.

سبق وأشارت الأبحاث السابقة إلى تأثير الحمية المحتمل على نوعية النوم. وتكشف الدراسة الجديدة التي أجرتها "كلية فاجيلوس للأطباء والجراحين" في جامعة "كولومبيا"، نيويورك، أن الحمية الغنية بكربوهيدرات مُكررة، لا سيما السكريات المضافة، ترتبط بارتفاع مخاطر الأرق. إنه وضع النساء في عمر الخمسين وما فوق على الأقل. نشر الباحثون تقريراً عن نتائجهم في "المجلة الأميركية للتغذية العيادية".

يوضح المشرف الرئيس على الدراسة، جيمس غانغويش: "غالباً ما يُعالَج الأرق بالعلاج السلوكي المعرفي أو الأدوية، لكن قد تكون هذه المقاربة مكلفة أو تحمل آثاراً جانبية. من خلال تحديد عوامل أخرى مُسببة للأرق، قد نحصل على مقاربات مباشرة وقليلة الكلفة تزامناً مع تراجع الآثار الجانبية المحتملة".

استعمل الباحثون بيانات 53069 امرأة بين عمر 50 و79 عاماً، وقد تسجلن جميعاً في "مبادرة صحة النساء" بين أيلول 1994 وكانون الأول 1998.لفهم حقيقة العلاقة بين الخيارات الغذائية والأرق، بحث العلماء عن أي روابط بين حميات مختلفة واضطرابات النوم. فاكتشف غانغويش وزملاؤه رابطاً بين ارتفاع خطر الأرق والحمية الغنية بالكربوهيدرات المكررة، منها المنتجات التي تحتوي على سكريات مضافة، ومشروبات غازية، ورز أبيض، وخبز أبيض.

يلفت الباحثون إلى أن تحليلهم لم يوضح أن استهلاك الكربوهيدرات المكررة تسبب الأرق، أو أن المصابين بالأرق يكونون أكثر ميلاً إلى استهلاك الكربوهيدرات المكررة، لا سيما المنتجات السكرية. لكنهم اكتشفوا آلية كامنة محتملة لتفسير ما يجعل السكريات المضافة تسبب اضطرابات النوم.يقول غانغويش: "حين يرتفع سكر الدم بسرعة، يتفاعل الجسم عبر إطلاق الأنسولين، ثم يؤدي هبوط سكر الدم في المرحلة اللاحقة إلى إطلاق هرمونات مثل الأدرينالين والكورتيزول، وقد تؤثر هذه العناصر على النوم".

يوضح الباحثون أيضاً أن الأغذية الغنية بالسكر لا تعطي كلها الأثر نفسه. من المستبعد مثلاً أن تؤدي الفاكهة والخضروات (فيها سكر طبيعي) إلى ارتفاع مستويات سكر الدم بالسرعة التي تفعلها المنتجات الغنية بسكريات مضافة لأن هذه الأغذية الطبيعية تحتوي على كمية كبيرة من الألياف، ما يعني أن الجسم يمتص السكر بوتيرة أبطأ، وبالتالي لا ترتفع مستويات سكر الدم بشكل مفاجئ. تبيّن فعلاً أن خطر الإصابة بالأرق لم يرتفع لدى المشاركات عند تبني حمية غنية بالخضروات والفاكهة الكاملة (لا عصائر الفاكهة).

يضيف غانغويش: "تحتوي حبات الفاكهة على السكر، لكنّ الألياف فيها تبطئ إيقاع امتصاصه لمنع ارتفاع سكر الدم دفعةً واحدة. بعبارة أخرى، اشتق الأرق لدى النساء من المنتجات عالية التصنيع التي تحتوي على كميات كبيرة من السكريات المكررة وغير الموجودة طبيعياً في الأغذية".

اكتفى الباحثون بمراقبة النساء في عمر الخمسين وما فوق، لكنهم يظنون أن نتائجهم قد تنطبق أيضاً على الرجال والناس في فئات عمرية مختلفة. هذه الفكرة تستحق الاستكشاف برأيهم عبر دراسات مفصّلة أخرى.في النهاية، يستنتج غانغويش: "استناداً إلى نتائجنا، نحتاج إلى تجارب عشوائية للتأكد من فاعلية المقاربة الغذائية المبنية على زيادة استهلاك الأغذية الطبيعية والكربوهيدرات المركّبة لمعالجة الأرق والوقاية منه".