طوني فرنسيس

إسرائيل تخبرنا بالإتفاق

4 تشرين الأول 2022

02 : 00

لم يفصح المفاوضون اللبنانيون عن مضمون الاتفاق الذي يبدو توقيعه قريباً مع إسرائيل. وما يعرفه عموم الناس هو أن الاتفاق بات جاهزاً خصوصاً بعد رسالة الوسيط الأميركي الأخيرة. الرؤساء الثلاثة تحدثوا بإيجابية عن العرض الأميركي والأمين العام لـ»حزب الله» سار في المنحى نفسه، ولم يعد أحد يشير إلى ملاحظات سابقة طرحها خبراء وسياسيون. انتهى النقاش في الخط 29 ولم يفهم موضوع العوامات الا في حلقات ضيقة. ببساطة لم يأخذ الاتفاق المزمع حقه من النقاش العام لأن أمره بقي محصوراً في كواليس المجلس الرئاسي والحزب القائد.

على العكس من ذلك جرى في إسرائيل. اخذ مشروع الاتفاق حقه من الأخذ والرد. لم تبقَ صحيفة الا واوردت المزيد من التفاصيل. كان اللبنانيون يسعون للمعرفة عبر متابعة الصحف الاسرائيلية، وفي وقت ما كان «العدو» مصدراً موثوقاً،أو مفيداً،  للإطلاع على حقيقة الاتفاق واطاره ومناخاته. لم يقل المفاوض اللبناني كلمة شافية عن المستقبل بعد الاتفاق، لكن إسرائيل تحدثت عن شيء يشبه السلام على طرفي خط الحفارات، ولم يفصح المفاوض اللبناني عن مصير حقل كاريش أو إنتاج حقل قانا، لكن إسرائيل أعلنت انها ستستغل كاريش وتحصل على تعويضات من قانا...

في موضوع الشفافية حدث ولا حرج. خاض المسؤولون الاسرائيليون معارك قضائية داخلية حول وجوب طرح الاتفاق على استفتاء شعبي، وبحثوا نقاطه في اجتماعات حكومية ووعدوا باقراره في الكنيست بعد التوقيع عليه.

شيء مشابه لم يحصل في لبنان. السلطة نفسها التي تحكم البلد المنهار ولم تتمكن من انتخاب رئيس أو تشكيل حكومة تستكمل بعزم وتوافق عجيب انجاز اتفاق تاريخي لا يعرف الناس عنه سوى ما تقوله إسرائيل!

أنه زمن الغرائب يواصل مسيرته. إسرائيل تعد أن نتنياهو لن يكون قادراً على إلغاء اتفاق دولي في حال فوزه في الانتخابات المقبلة، ولبنان ذاهب إلى التوقيع برئيس منتهي الولاية وحكومة غير موجودة الا في تصريف الأعمال.


MISS 3