مايز عبيد

"عروس الثورة" منشغلة بمعاناتها

18 تشرين الأول 2022

02 : 00

لم يبقَ إلّا بعض الشعارات والرسوم

صودفت امس الذكرى الثالثة لثورة 17 تشرين الأول 2019 التي خرج فيها اللبنانيون إلى الشوارع للمطالبة برحيل السلطة الفاسدة الحاكمة وقيام دولة عادلة تحمي الجميع وتدافع عن الوطن والمواطن.

كل الأسباب التي قد تؤدي إلى انفجار الشارع في وجه الحكومة؛ وخروج الناس عن صمتها كانت موجودة، من إرتفاع نسبة البطالة؛ إلى الغلاء وانعدام فرص العمل. وجاءت مسألة فرض ضرائب جديدة على اتصالات الـ"واتساب" وغيرها بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير. وإذا كانت كل المناطق في لبنان بحاجة إلى ثورة فإن مدينة طرابلس كانت بحاجة إلى ثورات؛ نسبة إلى اهمالها وحرمانها المزمنين من قبل الحكومات المتعاقبة. لأجل ذلك شاهدنا طرابلس تبدع وتتألق حتى في التعبير عن ألمها، فاستحقت لقب "عروس الثورة" وكانت ثورتها في بداياتها محط أنظار اللبنانيين والعالم، وهي المدينة الأولى في لبنان التي خرج فيها الناس حتى قبل 17 تشرين ونادوا بإسقاط النظام.

في طرابلس نزل إلى ساحة النور (ساحة الثورة) معظم الأطياف الطرابلسية، خصوصاً من المواطنين العاديين وقد خرجوا من منازلهم للتعبير عن غضبهم من السلطة والمطالبة برحيلها حتى ينعم البلد بالأمان والإستقرار والإزدهار. شكّلت الساحة بفعالياتها الثورية ملجأ كل الشماليين واللبنانيين الحالمين بالتغيير، لكن الرياح جرت عكس ما تشتهي سفنهم. قد تكون مقولة "ثورة سرقها الزعران" التي كتبت على الجدران تعبّر عما حدث للثورة بعد انطلاقها بأسابيع قليلة. فقد دخلت إلى صفوف الثوار الحقيقيين مجموعات لا علاقة لها بالثورة، من حزبيين وأمنيين ومندسين وغيرهم وغيرهم، فحرفوا الثورة عن مسارها الحقيقي، وخرج الثوار الحقيقيون من الشارع هرباً من الفوضى واحتلّ الفوضويون عملاء النظام والأجهزة الأمنية الشوارع والساحات وباتوا يتحرّكون على الأرض ويقطعون الطرقات بأمر من هذه الأجهزة وبعض الأحزاب السياسية وبتوجيهاتها. بعض الذين كانوا ينزلون إلى الشوارع باسم الثورة والثوار كانوا أسوأ من السلطة نفسها في التعامل مع الناس وفي تصنيف الشعب بين وطني وغير وطني وفي الضغط على الناس بحياتها وحرياتها.

بعد مرور 3 سنوات على ثورة 17 تشرين التي لم يبق منها إلا اسمها وذكراها، وبعض الرسومات على جدار مبنى الغندور في ساحة النور، فقدَ الناس الأمل بكل شيء،. فقدوا الأمل بالثورة وبالتغيير كما فقدوا الأمل بالسياسة وبالسياسيين، حتى النواب الذين وصلوا حديثًا باسم الثورة ما كانوا على قدر الطموحات، ولم يتبقّ للناس إلا همومهم يتدثّرون بها بعدما زادت الضغوط والمعاناة على أكتافهم من زمن الثورة إلى اليوم عشرات الأضعاف.


MISS 3