جاد حداد

The Sinner... أجواء مختلفة في الموسم الرابع

19 تشرين الأول 2022

02 : 01

تميّز مسلسل The Sinner (الخاطئ)، على مر مواسمه الثلاثة السابقة، بتركيزه على دوافع الجرائم بدل البحث عن هوية القاتل بكل بساطة. تبدأ القصة في الموسم الأول بظهور امرأة وهي تطعن رجلاً حتى الموت على شاطئ مزدحم. لم تتمحور القضية يوماً حول هوية القاتل، واعتمد الموسمان اللاحقان الصيغة نفسها التي تعتبر سبب الجريمة القوة الدافعة للغموض بدل الاكتفاء بالعثور على المشتبه فيه. لكن يأتي الموسم الرابع الآن ليؤجّج أجواء الغموض في جزيرة يكتنفها الضباب من خلال التركيز على الصدمات المرافقة للجرائم.

التحري "هاري أمبروز" (بيل بولمان) هو أحدث الوافدين إلى تلك الجزيرة. يقدّم بولمان هذه الشخصية عبر إقامة التوازن المناسب بين شعور التعب الذي يرافق التحقيق بجرائم وحشية من جهة، والذكاء والشغف الضروريَين لمتابعة هذه القضايا من جهة أخرى. يسهل أن نلاحظ القلق في نظرة "هاري" لأنه يعرف أن أحداً لن يحل لغز الجريمة إذا لم ينجح هو في هذه المهمة، وهذا ما يجعله ملتزماً بعمله لتحقيق العدالة، حتى لو كلّفه الأمر حياته.

كاد "هاري" يخسر حياته فعلاً في السنة الماضية، فقد اقتربت الحوادث الغامضة منه شخصياً في الموسم الثالث أكثر من أي جزء سابق، حتى أنه دُفِن حيّاً قبل أن يقتل شخصاً معتلاً اجتماعياً. من المبرّر إذاً أن يتقاعد ويحمل معه صوراً صادمة من ذلك الموسم وينتقل إلى جزيرة بعيدة، قبالة ساحل "نيو إنغلاند"، مع حبيبته (جيسيكا هيشت). بعد أيام على وصوله، يلتقي بشابة اسمها "بيرسي مولدون" (أليس كريميلبيرغ)، وهي تنتمي إلى عائلة ثرية ومعروفة في مجال الصيد على الجزيرة. في تلك الليلة، يشاهدها "هاري" وهي في وضعٍ سيئ ويلحقها إلى أن تصل إلى حافة منحدر. ثم تقفز أو ربما لا تفعل... يتعلق اللغز الحقيقي في الحلقات الأولى بمعرفة ما إذا كانت "بيرسي" مفقودة أو ميتة، فيساعد "هاري" قائد الشرطة المحلية على اكتشاف ما أصابها.

إرتكزت المواسم الثلاثة الأولى على قوة النجوم المشاركين في العمل، أبرزهم جيسيكا بيل، وكاري كون، ومات بومير. كان بولمان الاسم الثابت الوحيد بين موسم وآخر، وانضمّت إليه هيشت الآن لكن يبدو دورها أصغر مما كان عليه في السنة الماضية. يتخلى المسلسل هذه المرة عن قوة نجومه، مع أن العمل يضمّ ممثلين أقوياء لتجسيد مختلف الشخصيات في أنحاء الجزيرة، منهم فرانسيس فيشر، ومايكل موسلي، ونيل هاف. يكون هؤلاء أعضاءً في قبيلة "مولدون" الغامضة. يقدّم الممثلون كلهم أداءً جيداً، لكن لا مفر من الشعور بحصول تغيير معيّن في بنية القصة. ربما كانت الممثلة أليس كريميلبيرغ مُعدّة كي تصبح نجمة الموسم الجديد، لكن تبدو شخصيتها غامضة أكثر من اللزوم في بداية هذا الجزء، وتبقى معالم الشخصيات الأخرى في قبيلة "مولدون" مبهمة بدرجة معينة أيضاً.

على عكس المواسم السابقة، تتمحور الحبكة الأساسية هذه المرة حول لغزٍ غامض. هل كانت "بيرسي" تتعرّض للملاحقة؟ ماذا عن شاهد العيان الذي رآها وهي تغادر بالسيارة؟ هل كان "هاري" يتخيل كل ما حصل؟ تبدو الحبكة سريعة على نحو مبهر وتنكشف الحقائق من دون مماطلة، لكن لا مفر من ملاحظة تغيّر بنية القصة مقارنةً بالأجزاء السابقة التي بدت فيها مختلف العناصر أكثر وضوحاً. ربما أراد كاتب المسلسل ديريك سيموندز أن يغوص في حالة "هاري" النفسية، ما يعني أن تزداد الأحداث تعقيداً بسبب الصدمة التي يعيشها، لكن يبدو العمل هذه المرة قريباً من مسلسلات الغموض المألوفة أكثر مما أوحت به أفضل اللحظات التي قدّمتها المواسم الثلاثة الأولى.

إتخذ الموسم الثالث منحىً جنونياً بفضل التحولات الهائلة في الأحداث وبدرجة يصعب تصديقها أحياناً. ربما تعمّد صانعو العمل إبطاء هذا الإيقاع وتقديم محتوى ذي طابع تقليدي (مع أن التلميح إلى وجود ظاهرة خارقة للطبيعة في عالم بيرسي ينفي هذه النظرية)، لكنّ التوازن الذي حافظ عليه المسلسل بين القاتل في كل موسم والتحري الذي لا يكتفي باعتقاله يبدو مضطرباً في الموسم الجديد، مع أن أداء بولمان كفيل بدفع الجمهور إلى متابعة المشاهدة في مطلق الأحوال. يكون القاتل الذي يبحث عنه هذه المرة أشبه بشبحٍ حقيقي، إذ يبدو أن "بيرسي" تطارد "هاري" بمعنى الكلمة، وكأنه يحتاج إلى المزيد من المطاردات في حياته.


MISS 3