أسعد بشارة

الترسيم واسترئاس باسيل

21 تشرين الأول 2022

02 : 00

بإعلانه رفض ترشيح سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون، يكون رئيس «التيار الوطنيّ الحرّ» جبران باسيل قد أفصح عن نية التعطيل المديد، انتظاراً لمتغيّرات قد تؤدّي به إلى النزول مرة ثانية الى الحلبة الرئاسية. فترسيم الحدود البحرية أعطاه جرعة من الأمل تكفي على الأقلّ لممارسة تعطيل انتخاب أي رئيس للجمهورية، ما دام «حزب الله» لم يقرّر بعد إجراء الانتخابات، وسيكون لباسيل بالتالي أن يلعب في الوقت الضائع بالورقة البيضاء، في كلّ جلسة سيحدّدها رئيس مجلس النواب نبيه بري.

في الواقع، فإنّ باسيل استفاد دعائياً من ملفّ الترسيم، حتّى أنه حرص على الظهور بمظر صانع الانجاز، واضعاً «حزب الله» خلفه، وهو ما بدا على أنّه أشبه بملهاة الضفدعة التي انتفخت بسبب شرب الماء، في حين أنّ الجميع يعرف أنّ صاحب القرار الحقيقي ببتّ الترسيم كان «حزب الله». ولكن لا بأس، فالمناورات وتكبير الانتصارات التي مارسها «صهر الجنرال»، كانت برضى وموافقة ومباركة «حزب الله» الذي لن يضيره إن نفخ حلفاؤه أحجامهم ما داموا تحت سيطرة الخطوط الحمر.

وعلى هذا المنوال، الأداء الرئاسي لباسيل لن يكون، مهما ذهب بعيداً، خارج هذه الخطوط الحمر، لاعتبارات عدّة يعرفها جيداً ويعرف كيف يكيّفها مع ثوابت «حزب الله». المعادلة الرئاسية في العام 2022 تشبه الى حدّ ما ما جرى في العام 2008، حيث أدّى الفراغ الرئاسي يومها الى السابع من أيار ومن ثم اتفاق الدوحة، ومن ثم انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً، رغماً عن العماد ميشال عون الذي كان ينتظر في الفندق في الدوحة، فإمّا الاتفاق على اختياره رئيساً، أو حزم الحقائب والعودة الى بيروت اذا اختير غيره، لكنّه انصاع لانتخاب سليمان، وهذا ما هو منتظر من باسيل ان يفعله، اذا ما هبطت الارادة العليا باختيار اسم للرئاسة في التوقيت المناسب لـ»حزب الله».

إنّها عملية شغب يمارسها باسيل مع الحزب، وهي تشبه الشغب الحكومي الذي لن يطول. فالمعادلة التي يطرحها «حزب الله» في الملفّ الرئاسي واضحة. الحزب يريد التفاوض على اسم الرئيس، وقبض ثمن مقابل تسهيل عملية الانتخاب، والإفراج عن النصاب، وهذا التفاوض لا يتم ّمع أي طرف داخلي، بل مع من يريد الحزب أن يفاوضهم لتحقيق مكاسب ونيل ضمانات، وهذا ما تحاول فرنسا أن تقوم به حيث تحاول لعب دور الوسيط المساعد بين اميركا وايران.

بانتظار التوقيت المناسب الذي يعني نضوج الطبخة والاسم الرئاسي، سيبقى الأطراف في الداخل تحت تأثير الوهم بأنّهم قادرون على ممارسة حق الفيتو، أو قادرون على التأثير في انتخاب الرئيس. لكن حين ينجز الاتفاق سينصاع من توهّم لعب دور صانع الرؤساء، كما انصاع العماد ميشال عون في الدوحة. فلا نتائج الترسيم يمكن أن تنفخ الأحجام المتهالكة، ولا التمترس خلف امتلاك موهوم لحق الفيتو سيفيد عندها، لأنّ الملفّ الرئاسي الذي تقرّر طهران فيه، بعد أخذ موافقة واشنطن، لا يحسم على وقع بهلوانيات سياسية محلية، أقصى ما يمكن أن ينتجه، استعراض أوهام القوة أمام رأي عام لبناني منهك.


MISS 3