ميشال قزح

دولار المرحلة المقبلة

31 تشرين الأول 2022

02 : 00

قد يراهن الكثير من الناس على رحيل الرئيس ميشال عون، ويراهن البعض الآخر على النفط والغاز لمستقبل مزدهر... لكنهم يحلمون في النهار.

المستقبل تصنعه القيادات الحكيمة والنظيفة، أمثال الرئيس كميل شمعون وفؤاد شهاب ورياض الصلح وكامل الأسعد. وكم نحن بحاجة لأمثال هؤلاء اليوم ؟!

إنّها سنوات عجاف بدأت في عام 2017، وبرأيي ستستمرّ طالما لا يوجد قيادات جديدة نظيفة.

لقد مرّ الترسيم بهدوء. ومن دون شك ستكون له مفاعيل ايجابية على الصعيد الاقتصادي. ولكن لا بدّ من تسوية ستحصل بمجيء رئيس للجمهورية ميوله غربية مع رئيس حكومة حريرية للإنقاذ.

هذا الكلام هو موسيقى لأذني. لكن قبل حصول هذه التطورات، يوجد واقع اقتصاد مدمّر مع مزيج من الفساد والميليشيات. ولا يمكن حصول أي استخراج للنفط قبل التخلّص من هذا المزيج، والا فلن يحصل أي تحسّن في الاقتصاد.

فالمافيا التي سرقت أكثر من 100 مليار دولار ودائع، لن تتردّد في سرقة ايرادات النفط والغاز.

في هذا الوقت الضائع، الشعب اللبناني يعاني الأمرين من عدم وجود الأدوية، ودمار القطاع العام، وإفلاس الشركات، والعتمه الشاملة، وانهيار الليرة. يحاولون تجميل المرحلة القادمة بجلب الكهرباء. حيث قام مصرف لبنان بالتحضير لها، وكان يشتري الدولارات من السوق. فقام بطبع أكثر من 25 تريليون ليرة ووضعها في التدوال ليموّل شراء الفيول لكهرباء لبنان لتغذية 8 ساعات كهرباء، على أمل الجباية بعد زيادة التعرفة، فوصل الدولار لمستوى 40 ألف ليرة.

هذا الحلّ مؤقت طبعاً. فعدد كبير من اللبنانيين من مصانع وجمعيات وسياسيين يسرقون الكهرباء، ولا يدفعون، وكذلك الامر بالنسبة للمخيمات واللاجئين. بعد عدّة أشهر سيعود مصرف لبنان لشراء الدولار من السوق لتغذية شراء الفيول، وستجفّ الدولارات مجدداً. وبالتالي سيرتفع الدولار أكثر ليبلغ مستويات تفوق ما شهدناه من أسعار. فكما قفز فوق الثلاثين ألف ليرة، عاد وقفز فوق الأربعين وسيقفز فوق الخمسين ألفاً. هذه الحلول بالقطعة لم تعد تنفع. ولا بدّ من وضع خطة لتخفيف النزيف في ميزان المدفوعات، تبدأ بإجراءات فورية كفرض رسوم على العمال الأجانب وعلى استيراد السيارات والاشياء الفخمة. ومن بعدها توزيع الخسائر (الودائع المفقودة ) بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين. إذ يوجد أكثر من 95 مليار دولار ودائع يحاول المودعون سحب ما أمكنهم منها شهرياً من المصارف، مما يزيد من الضغط على الليرة.

اذاً، لا مفرّ من الاتفاق مع صندوق النقد، والعمل ضمن برنامجه للاصلاح والانقاذ، اذا كنا نريد أن نخرج من الانهيار الاقتصادي.


(*) مستشار مالي


MISS 3