بغداد تُلوّح بـ"مراجعة" علاقاتها مع واشنطن

"ضربات تحذير" من ترامب إلى طهران

02 : 00

عراقيّون يحرقون العلم الأميركي بالأمس خلال تظاهرة مندّدة بالضربات التي استهدفت مواقع لـ"الحشد الشعبي"

مما لا شكّ فيه أن الولايات المتّحدة وجّهت رسائل شديدة اللهجة في اتجاهات عدّة، عبر تنفيذها ضربات جوّية استهدفت قواعد عسكريّة لـ"كتائب حزب الله" العراقي الموالي لإيران، إذ أكد المبعوث الأميركي إلى إيران براين هوك أن الضربات الأميركيّة الأخيرة في العراق وسوريا، جاءت كتحذير من الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران.

وقال هوك: "لقد بعث الرئيس ترامب رسالة واضحة إلى إيران مفادها أن الولايات المتّحدة لن تتسامح مع هجمات ضدّ مواقعها ومواطنيها، وإذا تعرّضنا لهجوم من قبل النظام الإيراني أو وكلائه، فنحن سنتّخذ خطوات جوابيّة حازمة"، مشيراً إلى أن واشنطن أبلغت العراق في شأن الضربات قبل شنّها. ورأى أن هذه الضربات تُعزّز الأمن العراقي ضدّ هجمات بعض "الميليشيات الإيرانيّة"، التي قَتَلت أيضاً عدداً من الجنود العراقيين في الآونة الأخيرة بقصف صاروخي لقواعد الجيش.وشدّد أيضاً على أن بلاده ستستمرّ في الردّ على أي هجمات تستهدف المصالح الأميركيّة في المنطقة، لافتاً إلى أن الجيش الأميركي موجود في العراق بناءً على طلب من الحكومة، وهناك قوّات عسكريّة أميركيّة في بعض القواعد من أجل مساعدة العراقيين في مكافحة الإرهاب. كما أكد الحاجة لردع أعمال الإرهاب الإيرانيّة في منطقة الخليج، وضرورة فرض عقوبات على طهران، خصوصاً بسبب القتل الذي مارسته ضدّ أبناء شعبها.

من ناحيته، دان "الحرس الثوري" الإيراني في بيان الهجوم الأميركي على قواعد لـ"الحشد الشعبي"، معتبراً الردّ على هذا الهجوم بمثابة "حق طبيعي للشعب والقوّات المدافعة عن العراق"، في وقت أعلنت الحكومة العراقيّة أن الضربات الجوّية الأميركيّة تدفعها إلى "مراجعة العلاقة" مع الولايات المتحدة. وجاء في بيان للمجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي، الذي عقد اجتماعاً طارئاً لدرس تداعيات الهجوم الأخير أن "القوّات الأميركيّة اعتمدت على استنتاجاتها الخاصة وأولويّاتها السياسيّة، وليس الأولويّات كما يراها العراق حكومةً وشعباً". وتابع أن "هذا الاعتداء الآثم المخالف للأهداف والمبادئ التي تشكّل من أجلها التحالف الدولي، يدفع العراق إلى مراجعة العلاقة وسياقات العمل أمنيّاً وسياسيّاً وقانونيّاً، بما يحفظ سيادة البلد وأمنه وحماية أرواح أبنائه وتعزيز المصالح المشتركة".

كذلك دان المرجع الديني الأعلى في العراق علي السيستاني، الضربات الأميركيّة، التي أدّت إلى مقتل أكثر من 25 مقاتلاً من "الحشد الشعبي". وشدّد بيان أصدره مكتب السيستاني على ضرورة "احترام السيادة العراقيّة وعدم خرقها بذريعة الردّ على ممارسات غير قانونيّة تقوم بها بعض الأطراف"، معتبراً أن السلطات الرسميّة العراقيّة "هي وحدها المعنيّة بالتعامل مع تلك الممارسات واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنعها". ودعا السلطات العراقيّة إلى "العمل على عدم جعل العراق ساحة لتصفية الحسابات الإقليميّة والدوليّة وتدخّل الآخرين في شؤونه الداخليّة"، في حين أكد زعيم التيّار الصدري وائتلاف "سائرون" العراقي، مقتدى الصدر، استعداده لإخراج الجيش الأميركي من العراق سياسيّاً، مهدّداً الولايات المتحدة "بتصرّف آخر" في حال عدم سحب قوّاتها من بلاده.

وفي السياق نفسه، رأت جماعة "عصائب أهل الحق"، التي جرى الإعلان أخيراً عن عقوبات أميركيّة بحق قياديَيْن فيها، أنّ "الوجود العسكري الأميركي صار عبئاً على الدولة العراقيّة، بل صار مصدراً لتهديد واعتداء على قوّاتنا المسلّحة"، مضيفةً في بيان: "أصبح لزاماً علينا جميعاً التصدّي لإخراجه بكلّ الطرق المشروعة".

من جهته، أعلن الناطق الرسمي باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، أن الولايات المتحدة لم تُخبر روسيا بقصف مواقع لـ"كتائب حزب الله" في العراق وسوريا، فيما اعتبرت الخارجيّة الروسيّة أن القصف الصاروخي على قاعدة عسكريّة في العراق والردّ الأميركي الذي تلاه بضربات جوّية، هو أمر "غير مقبول"، داعيةً "كلّ الأطراف إلى الامتناع عن اتخاذ اجراءات أخرى يُمكن أن تُزعزع بقوّة استقرار الوضع العسكري والسياسي" في المنطقة.

على صعيد آخر، وفي سياق تصاعد التوترات الجيوسياسيّة الإقليميّة، احتجز "الحرس الثوري" سفينة "يُشتبه بأنّها تُهرّب الوقود" واعتقل طاقمها المؤلّف من 16 ماليزيّاً. وذكر موقع هيئة إذاعة وتلفزيون "إيريب" الرسميّة أن الحرس الثوري صادر 1.3 مليون ليتر من "الوقود المهرّب" من سفينة لم يُسمّها، على بُعد 15 ميلاً بحرياً من جزيرة "أبو موسى". وجزيرة "أبو موسى"، هي واحدة من ثلاث جزر في جنوب الخليج تُسيطر عليها إيران وتُطالب بها الإمارات.


MISS 3