مريم سيف الدين

في زمن الثورة... عصام خليفة إلى السجن؟

3 كانون الثاني 2020

02 : 00

الدكتور عصام خليفة

تفاجأ عارفو الدكتور عصام خليفة، بقرار الهيئة الاتهامية في بيروت بإصدار مذكرة "إلقاء قبض بحقه وإحالته إلى محكمة الجنايات في بيروت ليحاكم أمامها بما اتهم به، وإحضاره إلى مكان التوقيف الكائن لديها والظن به بجنحة المادة 408 من قانون العقوبات واتباعها بالجناية للتلازم"، بدعوى مقدمة ضده من رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب. ومن لا يعرف خليفة ويقرأ الخبر قد يعتقد بأنه ارتكب جرماً لا يغتفر، أو قد يأخذه حسن الظن للاعتقاد بأن السلطة بدأت اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة الفاسدين والمسؤولين عن الانهيار المالي لإنقاذ البلد وإخراجه من محنته.

وقد يصدم من يكتشف أنه وفي خضم هذا الانهيار، تنشغل السلطة في القبض على أستاذ جامعي متقاعد في العقد السابع من عمره، بدأ النضال لأجل الجامعة والوطن منذ كان طالباً. وذنب خليفة أنه لم يبتعد عن هموم الجامعة اللبنانية بعد تقاعده منها، بل ظل حاملاً همومها ولواء إصلاحها وظل على تواصل مع أساتذتها وطلابها، يستمع إلى شكواهم. وإن أخطأ خليفة، ربما، في بعض ما قاله أو في شهادته أمام القضاء، حسبما ذكر في القرار، فمن يعرفه يعلم أن خطأه لم يكن من باب "الجزم بالباطل" أو الإدلاء بشهادة الزور، وإنما من باب المطالبة بتوضيح الملابسات التي رافقت وصول أيوب إلى منصبه والتساؤلات التي أحاطت بأدائه. وإن كان بعض الأساتذة قد اختبأوا خلف خليفة الذي كان أجرأ منهم، لخوفهم من خسارة ما. وبعد أن تقدم أيوب بالعديد من الدعاوى ضد خليفة الذي طالبه مراراً بالكشف عن شهادته إضافة إلى المطالبة بالتحقيق في اتهامات اخرى، ووفق الجزء الذي حصلنا عليه من القرار، يبدو أن القرار بالقبض على خليفة أتى على أثر اتهامه أيوب باستغلال النفوذ للحصول على أربع درجات من الجامعة اللبنانية ومبالغ مالية مرتبطة بها. يومها كشف خليفة للإعلام بعد استدعائه إلى النيابة العامة المالية أنه قدم وثائق للقاضي علي إبراهيم، بما في ذلك محضر مجلس الجامعة بتاريخ 18 نيسان 2018 الذي قال إنه تقرر فيه منح أيوب أربع درجات، أي ما مجموعه 250 مليون ليرة كتعويضات منذ العام 1994 إلى اليوم.

قبل القرار بإلقاء القبض على خليفة، صدر قرار عن قاضي التحقيق في بيروت بمنع المحاكمة عنه، لكن أيوب استأنف القرار ونال ما تمناه بعد سعي منذ أكثر من سنة، فصدر القرار بإلقاء القبض على خليفة بتاريخ 31-12-2019. واستند القرار الى قراءة اعتبرت في شهادة خليفة أمام المدعي العام المالي، "محاولة لإيهام القاضي ان قرار مجلس الجامعة كان قد صدر بمنح المدعي (أيوب) درجات أربع وان الوزير هو من عدله. في حين أن القرار المذكور قد ارتكز إلى تقرير اللجنة المكلفة دراسة طلبات الاستفادة من القانون الذي خلص إلى منح المدعي درجة مع تقديم التدرج سنة. ولناحية القانون فإن القانون رقم 81/12 نص صراحة على أنه لا يمكن منح الأستاذ المستفيد من احتساب سنوات البحث اكثر من ثلاث درجات تحتسب من تاريخ تعيينه، أي دخوله الملاك". واللافت أن القراءة أدانت خليفة باعتباره "صاحب النضال الطويل في قضايا للجامعة اللبنانية والذي كان رئيساً لهيأتها التعليمية لا بد وان يعلم ذلك". واستناداً الى هذه القراءة اعتبر القرار أن خليفة قد "جزم بالباطل خلال استماعه كشاهد من السلطة القضائية في معرض التحقيق باختلاس أموال عمومية وصرف نفوذ".

في حديث إلى "نداء الوطن" تعبّر المحامية ماريانا برو عن استغرابها لصدور قرار بإلقاء القبض على خليفة وتحويله فجأة إلى محكمة الجنايات، بعد أن كان قد صدر قرار بمنع المحاكمة عنه. "لو كانت هناك أدلة تدين خليفة لما صدر قرار بمنع المحاكمة عنه ولما صدقت النيابة العامة على القرار". كذلك تستغرب برّو الاستعجال في اتخاذ القرار بإلقاء القبض على خليفة وعدم انتظار صدور القرار من الهيئة الأصلية، وهو ما أظهره مصادقة شخصين منتدبين على القرار بدل الهيئة الأصلية. ترفض برو التشكيك بالقضاة الذين أصدروا القرار، لكنها تطالب بإصدار توضيح للرأي العام والإجابة على التساؤلات. وترى أن أيوب شخصية عامة مثيرة للرأي العام وللجدل، "بالتالي تكلم خليفة عنه كما يتكلم كل الناس. وليكون هناك جرم يجب أن يتوافر العنصران المادي والمعنوي للجريمة. فإن أدلى خليفة بمعلومات خاطئة حصل عليها من آخرين فلا يعني ذلك وجود النية الجرمية".


MISS 3