خالد العزي

ضخ المعلومات والحراك اللبناني...

3 كانون الثاني 2020

02 : 00

الممانعة تحاول تشويه الرأي العام (فضل عيتاني)

يعيش الحراك اللبناني حالة حرب معلومات مستمرة منذ بدايته وصولاً الى تكليف حسان دياب لرئاسة الحكومة، والتي تعتبر مرحلة صعبة جداً بضخ المعلومات والاخبار والبيانات المختلفة، التي تنتشر في الوسائل الاعلامية المختلفة (العادية والتكنولوجية)، حيث بات الكم الهائل لهذه المعلومات المتناقضة كونها باتت معلومات حقيقية وغير قابلة للنقاش.

هي معلومات غير مترابطة ومن دون مصادر حقيقية، غير منسقة وفاقدة للمصداقية والثقة، وكان متطوعو هذه المهمة هم من اخذوا على عاتقهم بثها بشكل منظم من اجل قلب الطاولة على افكار الجمهور اللبناني والعربي وتشويهها.

تبدأ الحملة بواسطة دعاية بسيطة، منشور، اعلان او بوست بصفة عامة وهذه الاساليب ستحمل هذه الوسائط للحصول على قدر اكبر من المعلومات سواء عن طريق شبكة الانترنت او خطوط الهاتف او البرامج الاذاعية والتلفزيونية من خلال اشخاص، فالاستراتيجية تهدف الى تحويل الفرد الى متلق للمعلومات وباحث عن المعلومات ومن ثم الى صاحب راي عن طريق التلقين.

ومن هنا يتضح بان مروجي هذه المعلومات هم من الجيش الالكتروني المنظم المتطوع ضمن مهمة واضحة، واهداف محددة تعمل عليها هذه المجموعات خدمة لمشروع سياسي واضح التوجه، وهذا المشروع هو الذي رشح دياب الى تنفيذ هذه المهمة المطلوبة، والتي باتت واضحة لدى الجميع بعد ان شابها الكثير من الغموض والابهام في التعامل مع هذه المعلومات الموجهة التي باتت مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية مروجاً اساسياً ومسرحاً واسعاً لها.

فكانت هذه الفئة تهدف الى طرح معلومات هائلة ومحددة بطريقة دعائية منظمة على الرأي العام كأداة من ادوات الصراع السياسي ضمن نظرية صب الرصاص التي كانت تستخدم في الاتحاد السوفياتي ولا تزال روسيا تستخدمها فتصب معلوماتها على القضايا الشائكة وكذلك باتت تستخدمها بشكل واضح قوى الممانعة الجاهدة في تجميع الكم الكبير من المعلومات وصبها دفعة واحدة باتجاه الرأي العام، وتهدف هذه العملية الدعائية الى امرين:

1 - شن حرب نفسية على جمهور الحراك من خلال تشويه معلوماته وافكاره حول السلطة والامل بالتغيير ومحاربة الفساد والمطالبة بالتغيير.

2 - رفع معنويات جمهور الاحزاب التي باتت ترى بان السلطة واحزابها مرتبكة بشكل مختلف عن الحالات السابقة.

اما بخصوص المعلومات التي كانت تنتشر بسرعة كالهشيم في الاعلام كانت تحاول بدورها ان توهم الآراء بان التسوية الكبرى بين الايراني والاميركي بواسطة عُمان وموافقة سعودية ادت الى تكليف دياب نائب رئيس الجامعة الاميركية وكأن ترامب نفسه بارك بهذه الشخصية بالوقت التي كانت الحملة منذ بداية الحراك تشن ضد الجامعة الاميركية ودعم الحراك من السفارة الاميركية، ورفض البوسطة التي كانت تنطلق من الشمال نحو الجنوب بان من قادها كريستين خوري العاملة في السفارة، الخ... وفجأة اصبحت اميركا ليست معارضة لتشكيل حكومة دياب.

فالهدف من نشر هذه المعلومات بهذه الكمية الكبيرة والمختلفة وسط الجماهير كانت تهدف بشكل واضح الى تشكيل رأي عام وخاص حول هذه الاشكالية المطروحة بالشارع اللبناني والتي ادت الى اشتباك شعبي ورسمي ودولي من خلال استمرار الحراك المستمر منذ 70 يوماً. فهذه المعلومات التي تنشر تحمل في طياتها نوعين من انواع الدعاية:

-"الدعاية الرمادية" وهي الدعاية المقنعة والتي تخفي في داخلها مصدرها محاولة التوجه بخطابها الى الرأي العام".

-اما "الدعاية السياسية" وهي التي تهدف الى خلق فعل سياسي مستخدمة كل الاساليب الممكنة من اجل الوصول الى تحقيق الهدف المطلوب.

فالممانعة تحاول تشويه الرأي العام من خلال المعلومات المتداخلة في طرحها وتغييب المصدر الذي ينسب الى مصادر واسماء اجنبية لا نجد لها مكاناً في الصحف المطروحة.

وبالرغم من اصرار الطرف الذي يرسل المعلومات المغلوطة للجمهور المتلقي كمية كبيرة من المعلومات الغير متناسقة والغير مرتبطة بالواقع مما يمكن الرد عليها ليس بالاجتهاد بكتابة التقرير والتبرير للمعلومات المنشورة ولكن ضمن رد واحد فكيف لترامب ان يوافق على تسوية لم يعلن عنها؟ وفي الوقت نفسه يوقع على قانون قيصر بعدما وقعه الكونغرس الأميركي وبعد ان وضعه الرئيس اوباما في الدرج، وهذا القانون يعتبر من اخطر القرارات في الادارة الأميركية بشان الازمة السورية منذ اندلاعها ويطال النظام وحلفاءه من روسيا حتى لبنان. وبذلك تستخدم الدعاية اساليب عدة منها التكرار في نشر المعلومات بطرق مختلفة، اطلاق النعوت على الآخرين لكي تبقى في ذهنية الرأي العام هذه النعوت، اسلوب تحميل المسؤولية للخصم من خلال التسديد على اسماء معينين، من خلال التضليل والتعتيم على الاحداث والمواقف.

وهنا نرى التطور الملفت في عملية التسويق والترويج مستفيدين من تقنيات الاتصال والتواصل والتي تركز على العقل الباطن للأفراد والتأثير اللاواعي على اهتمامات المتلقي ورغباته ثم توجيهها وفق مصالح الطرف المعني.

اذا فان الدعاية هي عملية مقصودة وهادفة عن طريق الايحاء والرسائل النفسية للجمهور وذلك يرمي الى تغيير وتسيير الآراء والاشكال والقيم والاتجاهات نحو الطرف المدبر لضرب الحراك اللبناني.

MISS 3