خالد العزي

التكنولوجيا ودورها في الحراك اللبناني...

9 كانون الثاني 2020

00 : 44

لم يعد تخيّل التغير في العالم من دون استخدام التكنولوجيا التي باتت عاملاً اساسياً وفاعلاً في كل الحراك العربي والعالمي لما فيها قدرة على الربط والتأثير في استنهاض الجماهير وربطها بالحركة التي يتفاجأ بها الجميع ويحاول وصفها بالمؤامرة الخارجية التي تضرب الاستقرار الداخلي نتيجة الرغبة الخارجية في الاعتراض.

فالحراك اللبناني كانت فيه التكنولوجيا تلعب الدور الاساسي في دفع الجماهير وتجييش الناس وربطها بالحراك، لذا يمكن القول ان التكنولوجيا الجديدة وتطبيقاتها لعبت دوراً ريادياً في تحريك الناس وتسيير حراكهم، وربطهم ببعض من خلال التطبيقات المستخدمة بين الناس التي باتت تشكل لهم البوصلة الحقيقية في توجهاتهم ومعرفة معلوماتهم والبحث عنها، فالتكنولوجيا الجديدة او الاعلام البديل لقد تم استخدامه في كل الثورات العربية والغربية والتي كانت كل ثورة تعتمد على تطبيق خاص من تطبيقات الاتصال المرتبطة بالشبكة العنكبوتية في بث معلوماتها والتواصل بين المجموعات لتنفيذ عمل اعتراضي خلال بعض دقائق من خلال مفهوم مكونات التواصل للرسالة وما تحمله من مضمون عن طريق المرسل لكي تصل للمتلقي عن طريق الوسيلة المتواجدة في تطبيقات التواصل الاجتماعي لتشكل منصات اعلامية بذاتها.

اذا كان الدافع الاول للحراك اللبناني على قرارات الحكومة هو تطبيق "الواتس اب"، بفرض ضرائب عليه اضافية لتدخل ميزانية الدولة، مما دفع الناس للخروج الى الشارع بعد المساس بهذه الحالة، حيث باتت الشرارة الاولى من عمر الحراك المستمر من 17 تشرين الاول حتى اليوم ليشكل "الواتس اب" المحرك الاول والناقل الاساسي للمعلومات ونشرها بين الناس في الاعتراض السلمي. على هذا تصبح التكنولوجيا الجديدة هي القائد الفعلي للحراك اللبناني، الذي يتزعم الثورة حيث يمكن القول بكل صراحة بانها قائد الثورة الفعلي والمباشر، فاذا دخلنا في عملية التواصل الجديدة نرى ان عملية الاتصال الموجهة من جانب واحد انتهت لتبدأ عملية التواصل وتحل مكانها عبر عملية التواصل الجماعي عن طريق الصفحات والمجموعات وانشاء المجموعات المختلفة ذات الاهتمامات المشتركة بين الاشخاص الافتراضيين في عالم الاتصالات الافتراضي.

من هنا نرى بان كل الحركات الاحتجاجية في العالم هي منظمة تنظيماً فعلياً نتيجة ارتباطها بالتكنولوجيا واستخدامها للتطبيقات الحديثة التي بدورها تصبح وسائل اعلامية ومنصات اعلامية سريعة يمكن من خلالها البث والترويج والنشر والبحث.

لذا يمكن القول ان الثورة باتت هاتف كل واحد من المنتفضين وهي محرك العمل الاعتراضي من خلال اشارة صغيرة يمكن استخدامها لكي تصل الاشارة الى كل الفريق الواحد والأفرقاء الآخرين.

ووفقاً لذلك نرى بان للتكنولوجيا الحديثة وهي مكونة من مقطعين، كلمة تكنو والتي تعني حرفة أو مهارة أو فن، وكلمة لوجي التي تعني علم أو دراسة وهي تتكوّن من العديد من الإيجابيات والفوائد التي تنعكس على المستخدمين، منها:

-التواصل مع الآخرين، اذ تتيح التكنولوجيا للأشخاص بأن يتواصلوا مع بعضهم البعض؛ حيث يمكن لأي شخص في العالم أن يتواصل مع أشخاص بعيدين جغرافياً عنه، ولهذا الأمر فوائد جمّة في الحياة العمليّة والشخصية.

-زيادة فرص العمل، فقد أتاحت التكنولوجيا الحديثة الكثير من فرص العمل، وتحديداً للأشخاص الذين يفضلون العمل من المنزل في أوقات يختارونها بأنفسهم.

-زيادة الثروة المعلوماتية، وفرت التكنولوجيا والإنترنت كميات هائلة من المعلومات في جميع نواحي الحياة، وإن الوصول إليها متاح للجميع وهو في تزايدٍ مستمر، ولم يعد الأمر مقتصراً على الطرق التقليدية والحصول على المعلومات من خلال الكتب فقط.

-الترفيه، يعد جانب الترفيه من الأمور التي تطورت بِفِعل التكنولوجيا الحديثة، ومن الوسائل الترفيهية" الأفلام، الألعاب، الموسيقى"، وغيرها.

-السرعة، وفرت التكنولوجيا للبشر إمكانية القيام بالعديد من الأمور بسرعة كبيرة، ومن هذه الأمور إجراء عمليات حسابية معقدة وكبيرة خلال ثوانٍ، بالإضافة لأهمية التكنولوجيا في العديد من المجالات مثل الطب والكيمياء والفلك.

وبناء لذلك لا يستطيع الناس اطلاق تسمية حقيقية على الحراك اللبناني والخلط بين الحراك الذي يسعى للمشاركة في السلطة او الثورة التي تهدف للتغيير في الكل والحلول محل النظام الحالي او الانتفاضة التي تطالب بتنفيذ المطالب والاصرار عليها وفقاً للقانون والدستور والمراقبة وبناء لذلك فان لبنان يعيش حالة انتفاضة او تغيير اجتماعي ينتظر العروض من الطبقة السياسية والاعتراض عليها او الموافقة.

فالاختلاف بين مفاهيم التكنولوجيا التي باتت سلاح الشباب المعترض والثائر في الشوارع من خلال استخدامه لهذه اللغة الجديدة واتقانه لأساليبها الحديثة باتت تختلف كلياً عن المفاهيم الايديولوجية القديمة الملوثة بأفكار قديمة كلاسيكية باتت من الماضي، لا يزال يحمل مرثاتها واعراضها الجيل القديم الذي يقف عائقاً فعلياً امام جيل الشباب وجيل التغيير حيث باتت المعركة الفعلية بين حزب التكنولوجيا وحزب الايديولوجيا التي تتلاشى تدريجياً وتسبب ازعاجاً وسط الرأي العام حيث باتت الأيديولوجيا مكروهة ومحاربة من الناس.