كلودين عون: إحترام حقوق الإنسان معيارٌ للتّطوّر الحضاريّ

15 : 50

في إطارِ الإعداد للاستراتيجيّة الوطنية للمرأة في لبنان 2022- 2030، تستكملُ رئيسة الهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون سلسلة اللقاءات التشاورية حول القضايا المؤثرة على أوضاع النساء في لبنان التي تعقدها الهيئة الوطنية، بالجلسة التاسعة تحت عنوان "الاعتراف بحقوق المواطنة للمرأة والوصول الى العدالة واعتماد الإصلاحات التشريعية والاجرائية الضرورية" وذلك بدعمٍ من صندوق الأمم المتحدة للسكان ومن وزارة الخارجية الهولندية ضمن مشروعها المشترك مع منظمة أبعاد.


شاركت في اللقاء شخصيات عديدة، ومنها رئيسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان رايتشيل دور-ويكس، مديرة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان تانيا كريستيانسن، رئيسة مجلس الخدمة المدنية نسرين مشموشي، رئيس لجنة مراقبة وضبط الحدود في الجيش اللبناني العميد جو حداد، رئيسة قسم النوع الاجتماعي في الجيش اللبناني العقيد مروى سعود، رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الانسان فادي جرجس والمديرة التنفيذية لمنظمة أبعاد غيدا عناني، إضافةً إلى ممثلات وممثلين عن الوزارات والإدارات الرسمية والمؤسسات الأمنية والعسكرية والنقابات والجمعيات والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الاكاديمية والأحزاب السياسية والمؤسسات الإعلامية والمنظمات الدولية، وأعضاء من الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية.


وألقت عون كلمة افتتاحية جاء فيها: "عندما نتكلم عن حقوق المرأة لا نعني غير حقوق الإنسان. واحترام حقوق الإنسان هو معيار للتطور الحضاري الذي وصلت إليه المجتمعات، وكل مرة تنتهك فيها هذه الحقوق في أي بلد كان، تسجل فيها خطوة إلى الوراء للإنسانية. في ديباجة اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" التي صادق عليها لبنان، تشير الدول الأطراف في الاتفاقية، إلى أن التمييز ضد المرأة يشكل انتهاكاً لمبدأ المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان، وعقبه أمام مشاركة المرأة على قدم المساواة مع الرجل في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وتقر الديباجة أنه على الرغم من الجهود المختلفة التي بذلتها الأمم المتحدة فإنه: "لا يزال هناك تمييز واسع النطاق ضد المرأة".



وتابعت: "رمت اتفاقية "سيداو" إلى إزالة هذا التمييز عبر التزام الدول باتخاذ التدابير اللازمة لذلك، ومنها الالتزام بمنح المرأة المساواة مع الرجل أمام القانون (المادة 15 من الاتفاقية) بما فيها القوانين الناظمة للعلاقات الأسرية (المادة 16 منها). لقد تعهد لبنان بالعمل بهذه الاتفاقية مع التحفظ على الالتزام بمنح المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل، في ما يتعلق بجنسية أطفالها، وعلى ضمان المساواة بين المرأة والرجل في الزواج. ذلك مع أن الدستور يعلن التزام لبنان بمواثيق منظمة الأمم المتحدة وبالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويؤكد أن الدولة "تجسد هذه المبادئ في كلّ الحقول والمجالات من دون استثناء"، ومع أنه يؤكد أيضا على أن "جميع اللبنانيين، سواء لدى القانون، وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة من دون فرق بينهم".


وأضافت: "إن التناقض القائم بين المبادئ الدستورية والتحفظات على اتفاقية "سيداو"، يعكس في الواقع التناقض القائم في لبنان بين الأحكام الدستورية والنصوص القانونية المعمول بها. فالجذور التي نشأ منها القانون في لبنان، تعود إلى حقبات تاريخية متعاقبة، نضجت خلالها مفاهيم حقوقية مختلفة للشخصية الإنسانية للمرأة وللرجل، كما للدولة ولمواطناتها ولمواطنيها. وفيما أقدم المشترع اللبناني على ورشة تحديث، تناولت قواعد التعامل الاقتصادي والتجاري والمصرفي، ظلت جهوده محدودة في ما يتعلق بحقوق المواطنة للمرأة، ونقل الجنسية إلى أولادها. إذ بقي مرتبكاً مفهوم الانتماء الوطني وتنافسه مع مفهوم الانتماء الطائفي الذي تتناقله الأسر بحسب النمط البطريركي، فيتم تسجيل الأولاد بالضرورة على مذهب الوالد. ولغاية اليوم، لم يتضح بعد ما هو مضمون "النظام العام" الذي يأتي ذكره في عدد من الموادّ في الدستور، والذي ينبغي على المذاهب الدينية أن تحترمه في إقامة الشعائر وفي ممارسة حرية التعليم".



وقالت: "للقانون أن يرسيَ قواعدَ التعامل البشري بحسب الحاجات في كل مجتمع، وله أيضا أن يصحح الاختلال في العلاقات البشرية، لضمان إرسائها على قواعد العدالة والمساواة وعدم التمييز في الحقوق. لذا، يأتي تنزيه القوانين من الأحكام المجحفة بحقوق النساء، وإقرار قوانين جديدة تضمن لهنّ فرصاً متساوية للفرص المتاحة للرجال في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في أولويات العمل لتحقيق هدف المساواة بين الجنسين".


وختمت: "طريقنا إلى ذلك في لبنان لا يزال طويلاً، أتمنى لنا ولكم السير عليه بخطوات سريعة خلال السنوات المقبلة".


واختتمت الجلسة التاسعة بتبادل النّقاشات واستخلاص التوجهات الرئيسيّة التي ينبغي اعتمادها في عمليّة إعداد الاستراتيجيّة. 

MISS 3