وليد شقير

حوارات للفرض أم لتبادل التنازلات؟

16 تشرين الثاني 2022

02 : 00

أي تسوية وأي توافق يمكن التوصل إليهما وفق الدعوة التي وجهها «حزب الله» إلى الفرقاء السياسيين بعدما طرح نسخة منقحة من الحوار والتواصل بين سائر الكتل النيابية، بديلة عن تلك التي كان رئيس البرلمان نبيه بري ينوي الدعوة إليها، ثم عدل عن نيته بعدما لقي اعتراضاً من كتلتي «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية».

في خطابه يوم الجمعة الماضي اعتبر نصر الله أنّ «البديل هو الحوار الثنائي والثلاثي، لا أن نجلس ونراهن على الزمن، وننتظر المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية»، داعياً القيادات إلى أن «يتحدثوا مع بعضهم ويناقشوا ويجادلوا ويحاولوا أن يقنع بعضهم بعضاً لأنه لا أحد عنده أغلبية في مجلس النواب يستطيع أن يأتي برئيس...».

لكن بعدما أوضح نصر الله مواصفات الرئيس العتيد، وأنه يريد رئيساً «لا يخاف من الولايات المتحدة، ثم من بعده رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد ، الذي جزم أن رئيساً يأتي به الخارج «لن يكون مهما طال الزمن»، فمََن سيقنع مَن وكيف في تلك الحوارات الثنائية والثلاثية التي ينصح بها الحزب؟ فلا هو سيقتنع برئيس لديه شيء من الاستقلالية عنه التي تعني بالحدّ الأدنى أن يطلب من قيادته أن تقدم التنازلات المطلوبة من أجل إنجاح عهده، ولا الفريق الآخر السيادي سيقتنع، بعد تجربة الرئيس ميشال عون، التي استأنست بها قيادة «الحزب» وطربت لها أجهزته، على رغم أنّه رجل «متعب» كما ينقل عن تلك القيادة قولها، فيقبل برئيس يغض الطرف عن أضرار تدخلات «الحزب» في النزاعات الإقليمية فيساير معاداة دول الخليج والسعودية إضافة إلى أميركا وأوروبا، ويحول بذلك دون تلقي لبنان أي دعم وانفتاح على الاستثمار في البلد.

الدعوة إلى الحوار تتوخى الحصول على تنازلات من فريقي الصراع. فأيّ تنازل مستعد «حزب الله» لتقديمه، بعدما أمعن الفريق المقابل له في تقديم التنازلات تارة بحجة أنه «أم الصبي» وأخرى لتقطيع مرحلة يعتقدها موقتة فيما يعتبرها الحزب نتيجة طبيعية لتفوقه في ميزان القوى؟ وبالتالي إذا كان افتراض التسوية والتوافق يقتضي توقع تنازلات متبادلة من الفريقين المتقابلين، أي ثمن يمكن للحزب أن يقبل بدفعه في وقت لا يفهم بعض الفرقاء الدعوة إلى «الأخذ والعطاء»، إلا أنّه يتوقع الأقوى منهما إذعان خصومه بالقبول بالرئيس «الذي نريد» بعد أن «يطول الزمن» وييأس المعارضون، فيعقدون صفقة يندمون عليها لاحقاً، مثلما حصل مع زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ...؟

الدعوة إلى الحوارات بين الفرقاء تحت ضغط امتداد الفراغ الرئاسي، أسابيع وأشهراً، غيرها قبل الفراغ لو أنّه كانت هناك رغبة في تجنب انقضاء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس. فتعطيل جلسات الانتخاب بدأ قبل انقضاء ولاية الرئيس عون، التي أريد لها أن تؤمّن استمراريتها في ظل حكومة كان «الحزب» يجهد في تشكيلها وفي حساباته سلفاً أنها تريحه وتريح حليفه النائب جبران باسيل في أثناء عملية إدارة الشغور في الرئاسة.

وفي ظل صعوبة التوصل إلى اتفاق سلة بين الحزب وخصومه، تشمل رئيس الجمهورية والأولويات التي يفترض دعمه لإنجازها، يصبح الهدف من الحوارات الثنائية والثلاثية التفاهم مع كتلة أو كتلتين صغيرتين أو بضعة نواب، من أجل التصويت لمرشح الحزب، لضمان حصوله على الأكثرية المطلقة. وإذا رسا الحوار مع باسيل على اتفاق بأن يؤيد تكتله النيابي رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، تكون الأصوات المضمونة لمصلحة هذا الخيار 61-62 صوتاً، تحتاج إلى اجتذاب 3-4 أصوات من المستقلين أو السنة المترددين للحصول على أكثرية النصف زائداً واحداً. الأرجح أنّ هذه هي وظيفة الحوارات، نظراً إلى صعوبة توسيع جدول أعمالها لتشمل سلة تفاهمات يكون اسم الرئيس العتيد واحداً منها. التوافق على سلة ربما يكون مطلب أسبوعها السادس.


MISS 3