شربل داغر

بين الرواية والحرب

13 كانون الثاني 2020

01 : 50

فازت الروائية اللبنانية هدى بركات بجائزة "البوكر" الروائية في السنة المنصرمة، وهناك أكثر من روائي لبناني في القائمة الطويلة لهذا العام... وهو ما حصل تباعا في دورات الجائزة.

مبعثُ كلامي لا يتصل بتأكيد، أو بإبراز السرد اللبناني الحديث، وإنما للحديث عما كان يدور فوق ألسنة مثقفين لبنانيين (يساريين خصوصا) عشية الحرب في لبنان: لا إمكان لظهور هذا النوع الأدبي في بلد غير متبلور طبقياً... وهو ما قيل حينها في صعوبة ظهور سينما لبنانية، وللأسباب عينها.

كان يستند أصحاب هذا الرأي إلى آراء باحثِين، مثل جورج لوكاش، من دون أن يكذبه قلة الإنتاج اللبناني في النوعَين، بين توفيق يوسف عواد ويوسف حبشي الاشقر في الرواية، ومحمد سلمان في السينما...انقلبَ المشهد تماما، بل بات مبدعات ومبدعو هذين الصنفَين يتقدمون المشهد باقتدار، عدا أن بعضهم (مثل مارون بغدادي ونادين لبكي وغيرهما) راح يحصد الجوائز عالمياً...

أما الداعي إلى تغيرات هذا المشهد، فيمكن البحث عنها في... الحرب نفسها، التي جعلت الحكي "ينفلت" من أمكنته المُحتَبَسَة.هذا ما يحتاج إلى مباحث متوسعة، تُطاول الحرب في الإبداع اللبناني، ما لم يتم الانصراف إليه تماما، وبصورة متمكنة من أسبابها.

ذلك أن الحرب لا تظهر بقوة، بعدُ، فوق الشاشات الصغيرة... وهو ما اقتربتْ منه بعض الروايات اللبنانية المتأخرة.

الحرب حررت اللسان السردي، من دون أن تروي الحرب بالضرورة. ألا يعني هذا أن التغاضي عنها يعني تجنب معالجتها في مجتمع طائفي الهوية (وأكثر من مجتمع ما قبل الحرب)، ما يشير إلى إسقاطٍ لها من الطرفين: من جمهور القراء ومن جمهور المؤلفِين؟


MISS 3