اعتبر أن الفراغ السياسي يزيد تأخير التوصل لأي اتفاق بشأن حل الأزمة

البنك الدولي: 5،4% إنكماش الناتج المحلّي في 2022

02 : 00

أعلن البنك الدولي أنه «بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على نشوب أسوأ أزمة اقتصادية ومالية في تاريخ لبنان، لا يزال الخلاف بين الأطراف المعنية الرئيسية حول كيفية توزيع الخسائر المالية يمثل العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق بشأن خطة إصلاح شاملة لإنقاذ البلاد»، معتبراً أنّه «من المرجَّح أن يؤدي الفراغ السياسي غير المسبوق إلى زيادة تأخير التوصل لأي اتفاق بشأن حل الأزمة وإقرار الإصلاحات الضرورية، مما يعمِّق محنة الشعب اللبناني».

وتوقّع في عدد خريف العام 2022 من تقرير «مرصد الاقتصاد اللبناني» المعنوَن «حان الوقت لإعادة هيكلة القطاع المصرفي على نحو منصف» الذي صدر أمس، أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 5,4 في المئة في العام 2022، بافتراض استمرار حالة الشلل السياسي وعدم تنفيذ استراتيجية للتعافي».

ويُضيف أنّه «نظراً لتوافر بيانات أفضل مما كان متوقعاً سابقاً، فإنه يعدِّل تقديراته لانكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لعام 2021 إلى 7 في المئة (مقابل نسبة 10,4 في المئة المقدرة سابقاً). وقد قضى الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي شهده لبنان منذ العام 2018 والبالغ 37,3 في المئة، وهو يُعد من بين أسوأ معدلات الانكماش التي شهدها العالم، على ما تحقق من نمو اقتصادي على مدار 15 عاماً، بل ويقوض قدرة الإقتصاد على التعافي».

إنخفاض قيمة الليرة

وتابع التقرير: «رغم تدخلات مصرف لبنان لمحاولة تثبيت سعر الصرف في السوق الموازية على حساب الاحتياطي بالعملات الأجنبية الآخذ في التناقص، فإن الانخفاض الحاد في قيمة الليرة اللبنانية مستمر (145 في المئة خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2022) مما أدى إلى دخول معدل التضخم في خانة المئات منذ تموز 2020 ويُتوقَّع أن يبلغ متوسطه 186 في المئة في العام 2022، وهو من بين أعلى المعدلات عالمياً. ويُعد لبنان من أكثر البلدان تضرُّراً من التضخم الذي طرأ مؤخراً على أسعار المواد الغذائية التي تتأثر بها بشكل خاص الأسر الفقيرة والمحتاجة إذ تشكِّل نسبة كبيرة من نفقاتها في ظل التآكل الشديد لقوتها الشرائية».

ورأى التقرير أنه «مع زيادة الخسائر المالية عن 72 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف إجمالي الناتج المحلي في العام 2021، فإن تعويم القطاع المالي بات أمراً غير قابل للتطبيق نظراً لعدم توفر الأموال العامة الكافية لذلك؛ فأصول الدولة لا تساوي سوى جزء بسيط من الخسائر المالية المقدَّرة، كما لا تزال الإيرادات المحتملة من النفط والغاز غير مؤكَّدة ويحتاج تحقيقها سنوات».

أضاف: «يفتقر تعويم القطاع المالي إلى الإنصاف كذلك؛ فمن شأن مطالبة عامة المواطنين بتعويض المساهمين في البنوك والمودعين الأثرياء أن تؤدي إلى إعادة توزيع الثروة من الأسر الأفقر إلى الأسر الأغنى. على أية عملية إعادة هيكلة ذات مصداقية أن تعتمد مبادئ الإنصاف والعدالة لضمان حماية دافعي الضرائب وصغار المودعين الذين تحملوا حتى الآن وطأة هذه الأزمة. ويتماشى هذا مع أفضل الممارسات العالمية لاستراتيجيات إعادة هيكلة القطاع المصرفي التي تدعو إلى الإعتراف بالخسائر الكبيرة ومعالجتها بشكل مسبق، واحترام ترتيب المطالبات، وحماية صغار المودعين، والامتناع عن اللجوء إلى الموارد العامة. ويُعد الحل المتمثل في خطة إعادة هيكلة القطاع المصرفي قائمة على ترتيب الدائنين، إلى جانب إجراء إصلاحات شاملة، هو الخيار الواقعي الوحيد أمام لبنان لطي صفحة نموذجه الإنمائي غير المستدام».

وتعليقاً على ذلك، قال جان - كريستوف كاريه المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي إنّ «عمق الأزمة واستمرارها يقوضان قدرة لبنان على النمو، إذ يجري استنفاد رأس المال المادي والبشري والاجتماعي والمؤسسي والبيئي بسرعة وعلى نحو قد يتعذر إصلاحه. كما دعونا مراراً وتكراراً، على لبنان اعتماد حل منصف وشامل على وجه السرعة يعيد الإستقرار للقطاع المالي ويضع الاقتصاد على مسار التعافي».

ويشتمل التقرير على قسمين خاصين. يقيّم القسم الخاص الأول، وهو بعنوان «البلدان المقارنة على مستوى العالم: الأزمة أكبر من مجموع مكوناتها»، مدى حدة الأزمة في لبنان من خلال مقارنتها بمجموعة مختارة من الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات ويخلُص إلى أن أداء الاقتصاد الكلي في لبنان أسوأ من أداء هذه المجموعة المحددة من الدول (زيمبابوي واليمن وفنزويلا والصومال) أو يضاهيها في أحسن الأحوال. ويحلل القسم الخاص الثاني «الدولرة في لبنان» ويخلُص إلى أن الأزمة الحالية ستعزِّز على الأرجح مستويات الدولرة المرتفعة، حتى بعد تحقيق التعافي.


MISS 3