رابط مفاجئ بين الاكتئاب والبحث عن السعادة!

14 : 43

قد يظن الناس أن تقدير قيمة السعادة يُسهّل العيش المريح. لكن يكشف بحث جديد أن الرغبة في الشعور بالسعادة قد تترافق مع انعكاسات سلبية أيضاً.استنتجت دراسات سابقة أن المبالغة في تقدير أهمية السعادة تُضعِف منسوب السعادة التي نشعر بها. حتى أنها ترتبط بأعراض الاكتئاب في بعض الحالات.تفترض إحدى النظريات أن هذه العلاقة السلبية تنحصر بالعالم الغربي، لا سيما الولايات المتحدة.

لكن ترصد دراسة واردة في "مجلة علم النفس التجريبي" في العام 2015 رابطاً إيجابياً بين قيمة السعادة والشعور بالراحة لدى جماعات من روسيا وشرق آسيا.

ربما يتعلق سبب هذا التناقض الثقافي بميل الثقافات الغربية إلى ربط مستويات سعادتها بالإنجازات الفردية بدل الأهداف العالمية.نُشر البحث الأخير حديثاً في "مجلة دراسات السعادة" وحلل هذه العلاقة بالتفصيل.

ركّز المشرفون على البحث الجديد على بريطانيا، وهي جماعة غربية أخرى، واستعملوا دراستين منفصلتين لتحليل الأسباب المحتملة وراء هذا الرابط السلبي.تراوحت نظريات الباحثين بين اختلال السيطرة الانتباهية، حيث يبالغ الناس في التركيز على الحالات العاطفية السلبية والإيجابية معاً، واختيار استراتيجيات غير مناسبة لتنظيم العواطف. يظن الناس عموماً أن هذه الاستراتيجيات لا تتطلب القدر نفسه من الجهود. هي ترتكز على آليات "غير قابلة للتكيف"، منها تجنب المواقف أو الكبت.

لاختبـــار هذه النظريات، وزع الباحثون استبيانات متعددة على مجموعة من الطلاب الجامعيين في بريطانيا. ثم قيّموا الأجوبة استناداً إلى عدد من مقاييس الصحة العاطفية والنفسية المنتقاة بحسب مصداقيتها.

شملت الدراسة الأولى قياس مستويات السيطرة الانتباهية لدى 151 طالباً عند مواجهة مواقف عاطفية متنـوعة. كذلك، حـلل العلـماء مظـاهر الكـبت وإعـادة التقيـيم، وهـما استراتيجيتان مختلفتان لتنظيم العواطف.

تكشف النتائج رابطاً بارزاً بين قيمة السعادة وأعراض الاكتئاب عن طريق اختلال السيطرة الانتباهية واستعمال الكبت لتنظيم العواطف.

شارك 299 طالباً في الدراسة الثانية. حاول الباحثون تكرار نتائجهم السابقة، لكنهم ذكروا هذه المرة جنسية المشاركين. كان ثلاثة أرباعهم بريطانيين وحمل 7% منهم جنسيتَين. في الجماعة غير البريطانية، كان 51% أوروبيين، و40% آسيويين، و7% إفريقيين، و2% أستراليين. حلل الباحثون أيضاً مدى قدرة المشاركين على تقدير قيمة العواطف الإيجابية، واستكشفوا مدى تأثير أعراض الهوس على الرابط القائم بين قيمة السعادة والاكتئاب.

مجدداً، رصد التحليل رابطاً بارزاً بين أعراض الاكتئاب والبحث عن السعادة. كذلك، أدى التشديد المفرط على شعور السعادة إلى تراجع القدرة على الاستمتاع بالتجارب الإيجابية. لكن لم يرصد العلماء العلاقة نفسها مع أعراض الهوس.

مع ذلك، توضح الباحثة جوليا فوغت، طبيبة نفسية في جامعة "ريدينغ"، بريطانيا: "من بين الملاحظات المثيرة للاهتمام، اكتشفنا أن هذا الرابط خاص بالمشاركين البريطانيين تحديداً. برزت العلاقة بين قيمة السعادة وأعراض الاكتئاب بكل وضوح في هذه المجموعة، مقارنةً بحاملي جنسيات أخرى. لن نذهب إلى حد اختبار تلك الاختلافات، لكن ثمة انقسام واضح بين الثقافات الغربية الناطقة باللغة الإنكليزية والثقافات الأخرى على مستوى تأثّر تجاربنا ومزاجنا بالأهمية التي نعطيها لعيش حياة سعيدة. على حد علمنا، إنها أول دراسة تحلل تجربة بريطانيا مع تقدير قيمة السعادة".

لا بد من إجراء دراسات طويلة الأمد في المستقبل، ويجب أن تتكرر هذه النتائج قبل أن يستخلص الباحثون أي استنتاجات حول وجود علاقة سببية بين الظاهرتَين. كذلك، يجب أن تُضاف آراء الرجال إلى الأبحاث، فقد كان الرجال أقلية في الدراستَين الأخيرتَين. مع مرور الوقت، قد يسهم هذا القطاع البحثي في معالجة أو تجنب حالات مثل الاكتئاب.


MISS 3