د. ميشال الشماعي

اللامركزيّة واختلاف المقاربات بين "التيار" و"القوات"

10 كانون الأول 2022

02 : 01

طرح جديّ أو من باب الشعبوية؟ (رمزي الحاج)

ما بدا لافتاً في الآونة الأخيرة تذكير رئيس «التيار الوطني الحرّ» جبران باسيل باللامركزيّة في معرض غمزه من قناة حليفه «حزب الله» على أثر موقف الأخير من جلسة الحكومة الأخيرة. فبرغم قوله إنّ «الصادقين قد نكثوا بوعدهم»، وهذا ما يعتبَرُ تصعيداً لافتاً بحقّ «الحزب» إلا أنّ الردّ البسيط جاء بالنّفي: «الصادقون لم ينكثوا بالوعد». كذلك لا يمكن القفز فوق الصوتيْن اللافتين اللذين ظهرا في الجلسة التاسعة لانتخاب رئيس الجمهوريّة حيث حملت ورقة اسم ميشال والثانية اسم معوّض. والورقتان من «تكتّل لبنان القويّ».

فهل طرح اللامركزيّة هو من باب الشعبويّة أم هو جدّيّ؟

في هذا السياق يوضح النّائب أسعد درغام في حديث لـ»نداء الوطن» أنّ «قضية اللامركزية الادارية والمالية بالنسبة إلى «التيار الوطني الحرّ» هي قضيّة مبدئيّة. وهذه المسألة هي في صلب البنود الموجودة في اتّفاق «الطائف»، ويتساءل: «هل باتت الدعوة اليوم لتنفيذ «الطائف» هي في سياق شدّ العصب الطائفي، أو لإحراج فريق سياسي لبناني آخر؟».

أمّا نائب البترون السابق أنطوان زهرا فيرى أنّ كلام باسيل عن اللامركزية التي قال «نطبقها على الأرض»، «مزحة سمجة». ويعلّل ذلك بأنّ «مَن كانت حياته السياسية عبارة عن تنازلات سياديّة ونيابيّة ووزاريّة وشخصيّة مقابل التحكم بمفاصل الدّولة، لا يستطيع تهديد أحد، لأنّ أفق مشروعه محدّد ومعروف ومختبَر، فهو قد يتّفق أو قد يختلف مع الناس كلّها للحفاظ على دورٍ له في السلطة». ويجزم بأنّ «هذا الكلام سوف يتمّ استيعابه من قبل «حزب الله».

ويتحدث عن مقاربته للامركزية ويقول: «ليس كما طرحها جبران لكن كما أقرها الطائف. والخطأ أنّ المجلس النيابي لم يتعاطَ مع هذا الموضوع انطلاقاً من كونه أساساً في الدّستور اللبناني. فالانماء المتوازن مستحيل من دون اللامركزية الإداريّة الموسّعة معطوفة على لامركزية إنمائية متعلقة بالجباية من حيث عمل وإدارة المناطق إنمائيّاً».

بدوره يرى درغام أنّ «هذه ليست قضية شعبوية بالنسبة إلينا حيث كنّا نعمل عليها كتكتّل لبنان القوي في اللجان الفرعية في مجلس النواب. ونحن متّفقون حول هذه المسألة مع حزبي «القوات اللبنانية» و»الكتائب اللبنانية»؛ كما أنّنا متّفقون بقضايا أخرى كقانون الإنتخاب مثلاً».

مادّة للحوار أم مجرّد تهويل؟

أمّا أنطوان زهرا فيعتبر أنّ «إرادة التيار ورئيسه بالتضامن والتكافل مع الرئيس السابق ميشال عون تكمن في الاستمرار بإدارة الدولة من خارج بعبدا. ولكن هذه الإرادة اصطدمت بواقع سياسي من حيث الممارسة بالفعالية نفسها. فالتحكّم من خارج السلطة لم يعد مُتاحاً كما كان لهذا الفريق عندما كان في صلبها».

ويوضح أنّ «ما قام به باسيل لتشكيل حكومة يكون له فيها حصة وازنة، لملء الشغور الرئاسي، وليستطيع أن يكمل تحكّمه بالدولة بعدما أصبح عمّه رئيساً سابقاً». ويرى أنّ باسيل لم يوفق بذلك إطلاقاً، «لذلك حاول التعويض عنه بحكومة تصريف الأعمال، والسعي إلى إصدار مرسوم استقالة هذه الحكومة الذي يندرج في السياق عينه». ويستذكر درغام دعوة الرئيس السابق ميشال عون إلى الحوار «حيث كانت قضية اللامركزية الادارية والمالية والاستراتيجية الدفاعية على طاولة الحوار؛ ويومها حصل ذلك كلّه بموافقة «حزب الله» على شروط هذا الحوار». ويؤكّد أنّ التيار «لم يكن يوماً على خلاف مع «الحزب» من حيث قضية اللامركزية الإدارية والمالية. ونحن كفريق سياسي لا نطرح هذا الأمر من باب تسجيل المواقف أو للتمايز بيننا وبين أيّ فريق سياسي آخر». ويكمل: «نحن نطرحها من باب قناعتنا لربّما تكون الحلّ لكثير من الإشكاليات الوطنية؛ والحلّ يكون بانتظام عمل الإدارات والمؤسسات بشكل عام، عسى أن تستطيع اللامركزية تخفيف معاناة اللبنانيين مع المؤسسات والبيروقراطية».

أمّا من حيث ردّ فعل «حزب الله» فيرى زهرا أنّ «رسالة «الحزب» لباسيل هي لإبلاغه أنّ زمن الدلع السياسي قد ولّى إلى غير رجعة، ولم يعد جائزاً ولا حتّى قادراً على ممارسته في فترة الشغور». فيعتبر أنّ «ردّة فعل جبران قد أتت عالية النبرة، لكنّ هذا الخطاب لن يتجاوز حدود العتب. ولقد ردّ عليه الحزب ببساطة؛ وكانت رسالته لجبران بالمساهمة في تأمين الجلسة. فزمن الأوّل قد تحوّل».

وعن المستوى الكلامي الذي بلغه باسيل، يختم زهرا حديثه مؤكّداً أنّ «هذا مجرد تهويل بما لا يستطيع القيام به. وسيتمّ استيعابه عاجلاً أم آجلاً». أمّا درغام فيشير إلى أنّ «كلّ البنود التي لم تنفّذ من اتّفاق الطائف يجب تنفيذها، وما نُفّذ من هذا الاتّفاق وتبيّن وجود شوائب أو ثغرات فيه وجب تصحيحه. فيجب عدم النظر إلى هذه القضايا الجوهرية على أنّها مزايدات أو شعبوية لأنّها قضايا وطنية بامتياز».


MISS 3