خاص - نداء الوطن

يأكل من الحاويات ويعيش في غرفة تفتقر إلى مقوّمات الحياة

21 كانون الثاني 2020

02 : 00

على جسمه الهزيل بانت كل أمراض السنين

عند عتبة منزل مصطفى الطفيلي ابو ربيع ابن الثالثة والستين عاماً سقطت هيبة دولةٍ لا تستطيع تأمين أبسط مقومات العيش لمواطنيها، وتركتهم يصارعون الفقر والعوز، يأكلون من حاويات القمامة، لا مأوى لهم ولا معيل، ينتظرون الفتات ويقتاتون على صدقة من هنا ومساعدة من هناك.

أن تواجه صعوبات الحياة في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة التي يعيشها الناس جراء الأزمة التي تعصف بلبنان وقامت الثورة من أجلها، لهو الجهاد نفسه،وأن تأتي في المساء حاملاً قوت يومك لك ولعائلتك وما يكفيك من مازوت للتدفئة يوازي بصعوبته قتال الأعداء، فيما يتنعم السياسيون وابناؤهم بحياة الترف والبذخ يأكلون كما يقول المثل البعلبكي "على كل ضرس لون"، لا يسمعون أنين الفقراء وأوجاعهم.

قامت الثورة بوجه هذه الطبقة السياسية الفاسدة التي أوصلت لبنان والناس إلى ما هم عليه الآن، وبدأت تتظهر حالات الفقر والجوع التي كانت مخبأة بستر الله وحده، وبدأت البطالة تنتشر لتزيد من عمق أزمة الناس حتى بات رغيف الخبز بعيد المنال وسط ارتفاع الأسعار إرتفاعاً جنونياً دون حسيب أو رقيب.

أبو ربيع الطفيلي ذلك الرجل الستيني الذي تعرفه مدينة بعلبك، وكان موظفاً في بلديتها لمدة خمسة عشر عاماً، ويعمل سائق آلية لنقل النفايات وتقاعد منذ سنتين وقبض تعويضاً لا يتجاوز الخمسة ملايين ليرة، يقطن منذ ذلك الوقت في غرفةٍ في حي الشيقان أقل ما يقال فيها أنها لا تليق بالبشر بجوار منزله الذي تقطنه طليقته وإبنها العسكري، إضافةً إلى ولدٍ آخر يقطن بعيداً منهم في بلدة دورس. هي عبارة عن غرفة لا تتجاوز الأمتار الخمسة وفي زاويتها حمام يفتقر إلى أبسط مقومات النظافة، من دون فرش أو أوانٍ منزلية يأكل بها، كذلك افتقاده إلى مدفأة يحتمي بنيرانها من صقيع الشتاء.

يروي الطفيلي معاناته لـ"نداء الوطن" حيث أشار الى أنه لا يعمل ابداً منذ أن تقاعد من البلدية وقبض التعويض فقط من دون معاش تقاعدي، يجول يومياً على الطرقات يلملم "الخرضة" ويجمعها في الغرفة التي يقطنها ومن ثم يبيعها بمعدل 15 ألف ليرة لبنانية كل خمسة أيام، أما الطعام فيجمعه من حاويات النفايات في المدينة من دون أن يرف لزوجته أو ابنه جفن شفقةٍ أو رحمة على حاله، ويضيف أن زوجته وولديه لا يساعدونه أبداً ولا يقدمون له أي طعام أو شراب منذ سنوات، وهو الذي بنى لهم المنازل لتكون نهايته في غرفة تصلح للحيوانات وفق قوله.

على وجه أبي ربيع ظهرت علامات أسى الأيام وجورها، وعلى جسمه الهزيل بانت كل أمراض السنين والأيام التي قضاها وحيداً من دون معيل أو من يهتم به، فغرفته التي يقطنها تفوح منها رائحة "الرطوبة" من كافة الجوانب، والروائح الكريهة لا يستطع أحد تحملها. يناشد الطفيلي الدولة والجمعيات مساعدته كي يعيش كما يقول وفق ما تقتضيه الإنسانية، فالظلم الذي لحق به من الحياة وزوجته وأولاده لا يستطيع أحدٌ تحمله.

قصةٌ من آلاف القصص التي ستتظهر تباعاً في الأيام المقبلة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، وغياب الحلول للأزمة المستفحلة ، وتفشي المجاعة والفقر بين الناس من دون حسيب أو رقيب.