رالف شربل

النهائي الحلم بين أفضل لاعبَين في العالم

16 كانون الأول 2022

02 : 01

هل يساهم مبابي بتتويج فرنسا بطلة للعالم؟ (أ ف ب)

في الحلقة ما قبل الأخيرة اليوم من مونديال قطر الذي تُسدل الستارة عليه يوم الأحد المقبل، تستعرض "نداء الوطن" أداء المنتخبات في الدورَين ربع النهائي ونصف النهائي وأبرز النتائج التي تحقّقت. 


مباريات الدور ربع النهائي: كرواتيا (1) – البرازيل (1): (4-2 لكرواتيا في ركلات الترجيح)



حقّق المنتخب الكرواتي مفاجأة من العيار الثقيل بإقصائه المنتخب البرازيلي أحد أبرز المرشّحين للفوز باللقب، إثر مباراة مليئة بالنديّة والإثارة والتشويق.

كسب المنتخب الكرواتي ثلاث معارك في المباراة قادته للفوز: المعركة الأولى في خط الوسط، فالثلاثي مودريتش- بروزوفيتش- كوفاتشيتش لم يسمح للبرازيل بالتفوّق في الاستحواذ والسيطرة على الكرة. المعركة الثانية في خط الدفاع، فكرواتيا كانت أكثر صلابة من البرازيل خصوصاً في ظلّ تألق كبير لأحد أهمّ اكتشافات البطولة قلب الدفاع جوسكو جفارديول، في حين أنّ البرازيل عانت بشكل خاص خلال هذا المونديال من عدم امتلاكها أظهرة يصنعون الفارق. أمّا المعركة الثالثة والأهمّ فهي معركة حراسة المرمى التي كسبها بوضوح نجم اللقاء الأول حارس مرمى كرواتيا دومينيك ليفاكوفيتش الذي تعملقَ في الوقتين الأصلي والإضافي وفي ركلات الترجيح، في حين أنّ حامي عرين البرازيل أليسون بيكير تلقّى هدفاً من التسديدة الوحيدة التي سدّدها الكروات بين الخشبات الثلاث طوال المباراة، ولم يستطع أن يتصدّى لأيّ ركلة ترجيحية نفّذها أبناء المدرب زلاتكو داليتش. تجدر الإشارة الى أنّ ليفاكوفيتش بات أوّل حارس مرمى يقوم بعشرة تصدّيات خلال مباراة واحدة في مونديال 2022.

فوز الكروات المتكرّر في ركلات الترجيح ليس وليد الصدفة، فهم يملكون حارسًا بارعاً، كما أنّهم أقوياء جدّاً من الناحية الذهنية ولديهم خبرة كبيرة، بالإضافة الى عدم وجود ضغوط كبيرة عليهم مقارنة بباقي المنتخبات الكبيرة.




ميسي يفرض نفسه نجماً مطلقاً للمونديال (أ ف ب)


الأرجنتين (2) – هولندا (2): (4-3 للأرجنتين في ركلات الترجيح)



في إحدى أكبر الملاحم الكروية في تاريخ كأس العالم، إستطاع محاربو الأرجنتين أن يخرجوا بانتصار صعب جداً على الطواحين الهولندية بركلات الترجيح.

رجلان صنعا الفارق للأرجنتين هما القائد ليونيل ميسي وحارس المرمى ايميليانو مارتينيز. الأوّل حمل الفريق على أكتافه طوال المباراة، فقد قدّم ليو "كافياراً" رائعاً لمولينا في الشوط الأوّل وسجّل هدفاً من علامة الجزاء في الشوط الثاني ونجح بترجمة ركلته الترجيحية، دون أن ننسى مراوغاته الذكية والخطورة التي خلقها طوال الوقتين الأصلي والإضافي. باختصار، لبّى ميسي نداء الأرجنتين مجدّداً. أمّا مارتينيز فقد تألق في ركلات الترجيح، حيث تصدّى لأوّل ركلتين للمنتخب الهولندي، ليهدي بلاده فوزاً مستحقاً. أصبح ميسي الهداف التاريخي للأرجنتين في المونديال برصيد عشرة أهداف (بالتساوي مع غابرييل باتيستوتا).

في المقابل، أعطت التبديلات التي قام بها مدرب هولندا لويس فان غال ثمارها، إذ استطاع البديل فوتر فيغورست تسجيل هدفين في الأمتار الأخيرة، ما مكّن هولندا من قلب تأخّرها بهدفين نظيفين الى تعادل بنتيجة (2-2). تجدر الإشارة الى أنّ الهدف الثاني كان من صناعة البديل الآخر تيون كووبميينيرز الذي نفّذ بطريقة عبقرية الركلة الحرّة التي احتسبت لهولندا عندما كانت المباراة تلفظ أنفاسها الأخيرة، لكنّ ذلك لم يكن كافياً لإقصاء الأرجنتين التي كانت الطرف الأفضل في الوقتين الأصلي والإضافي وفي ركلات الترجيح.




خيبة لاعبي المغرب بعد انتهاء مغامرتهم أمام فرنسا (أ ف ب)


المغرب (1) – البرتغال (صفر)



حقق أسود الأطلس إنتصاراً تاريخياً على حساب البرتغال بنتيجة (1-0)، ليتأهلوا للمرّة الأولى في تاريخهم الى الدور نصف النهائي، ويصبحوا أوّل منتخب أفريقي وأوّل منتخب عربي يتأهّل الى دور الأربعة في تاريخ كأس العالم.

المغرب أكّد أنّه يملك أفضل دفاع في البطولة حيث حافظ مرّة جديدة على نظافة شباكه (تلقّى هدفاً واحداً في البطولة وحافظ على نظافة شباكه في أربع مباريات).

تفوّق "أسود الأطلس" على "برازيليي أوروبا" في الشوط الأوّل ونجحوا بترجمة أفضليتهم من خلال هدف مميز سجّله برأسه القنّاص يوسف النصيري. أمّا في الشوط الثاني فبقي المنتخب المغربي يدافع في مناطقه، معوّلاً على تألّق نجم المباراة الحارس ياسين بونو الذي تصدّى للعديد من المحاولات البرتغالية الخطيرة.

عجزت أربعة منتخبات أوروبية بارزة (كرواتيا وبلجيكا واسبانيا والبرتغال) عن هزّ شباك المغرب خلال 390 دقيقة، لتنجح فرنسا بعدها في فكّ شيفرة دفاع المنتخب المغربي وحارسه.



فرنسا (2) – إنكلترا (1)



وفت القمّة الأوروبية بوعودها، فقد شهدت إثارة بالغة حتى اللحظات الأخيرة. قدّم الإنكليز مباراة كبيرة وتفوّقوا في الأداء على الفرنسيين ونجحوا في الحدّ من خطورة كيليان مبابي. هاجمت إنكلترا وسيطرت على الكرة وخلقت العدد الأكبر من الفرص، لكنّ تألّق الحارس لوريس في الذود عن مرماه وحظ هاري كاين السيّئ وواقعيّة فرنسا منحت "الديوك" بطاقة العبور الى دور الأربعة.

احتفل هوغو لوريس بأفضل طريقة ممكنة برقمَيه القياسيَين الجديدَين، فقد أصبح أكثر لاعب فرنسي مشاركة في مباريات كأس العالم (18 مباراة) وأكثر لاعب تمثيلاً للديوك برصيد 143 مباراة دولية.

لاعبان فرنسيان آخران خطفا الأضواء هما أوليفييه جيرو الذي سجل هدف الفوز، ليصبح ثاني أفضل هداف في هذا المونديال (بالتساوي مع ليونيل ميسي) ويعزّز صدارته لترتيب هدافي فرنسا عبر التاريخ برصيد 53 هدفاً، وأنطوان غريزمان الذي أصبح صاحب أكبر عدد من التمريرات الحاسمة بقميص فرنسا (28 تمريرة حاسمة) بفضل تمريرتيه الحاسمتين في مواجهة منتخب الأسود الثلاثة. أمّا قائد إنكلترا هاري كاين فلم تكتمل فرحته بمعادلته رقم واين روني في الأهداف المسجلة مع المنتخب الإنكليزي (53 هدفاً)، إذ أهدر ثاني ضربة جزاء إحتسبت لفائدة أبناء المدرب غاريث ساوثغيت، ليفرّط بفرصة إدراك التعادل.


على الرغم من خروجها من الدور ربع النهائي، استمرّت إنكلترا بأدائها التصاعدي منذ العام 2018 في البطولات الكبرى، وهذا الأداء من المتوقع أن يستمرّ في التحسّن في ظلّ وجود مواهب شابة متألّقة أمثال بوكايو ساكا وجود بيلينغهام وفيل فودين.



مباراتا الدور نصف النهائي: الأرجنتين (3) – كرواتيا (صفر)



قاد ميسي وجوليان ألفاريز منتخب الأرجنتين الى تحقيق فوز كاسح بثلاثية نظيفة على حساب كرواتيا والتأهل الى نهائي كأس العالم. قائد "الألبيسلستي" حقّق مكاسب شخصيّة كبيرة في هذه المباراة: أولاً، أصبح أكثر لاعب شارك في مباريات في كأس العالم برصيد 25 مباراة (بالتساوي مع لوثار ماتيوس). ثانياً، انفرد بفضل هدفه في شباك ليفاكوفيتش بصدارة هدافي الأرجنتين في المونديال عبر التاريخ، حيث بات رصيده 11 هدفاً. ثالثاً، عادل رقم مارادونا في التمريرات الحاسمة في المونديال بعد أن قدّم "كافياراً" رائعاً لألفاريز، سبقه فاصلٌ مهاريّ خياليّ تلاعب فيه بأحد أفضل المدافعين في البطولة جوسكو جفارديول. رابعاً، حصد ميسي جائزة أفضل لاعب في المباراة للمرّة الرابعة في هذا المونديال (رقم قياسيّ). خامساً، اعتلى صدارة الهدافين في هذه البطولة برصيد خمسة أهداف (بالتساوي مع كيليان مبابي)، كما أنّه أصبح صاحب أكبر عدد من التمريرات الحاسمة في هذه النسخة من كأس العالم برصيد ثلاث تمريرات حاسمة (بالتساوي مع الفرنسي أنطوان غريزمان). سادساً، تمكّن من الثأر من كرواتيا مودريتش التي هزمت الأرجنتين بثلاثية نظيفة في الدور الأول من مونديال روسيا 2018.

أمّا ألفاريز فهو أكبر مفاجآت هذه البطولة، اذ إنّه بدأ المونديال على مقاعد البدلاء قبل أن ينتزع مكاناً في التشكيلة الأساسية بفضل عروضه المميّزة، كما أنّه أصغر لاعب منذ العام 1958 ينجح بتسجيل ثنائية في نصف نهائي كأس العالم، ليرفع غلّته الى أربعة أهداف.

في المقابل، استحوذت كرواتيا على الكرة، لكنّها لم تستطع ترجمة سيطرتها الى فرص وخطورة، فالأرجنتين كانت في أتمّ الجهوزية ذهنياً وبدنياً وتكتيكياً، كما أنّ ملهمها ونجمها ميسي إرتدى ثوب البطل مرّة جديدة.



فرنسا (2) – المغرب (صفر)



باغت المنتخب الفرنسي نظيره المغربي مبكراً، حيث اقتنص الظهير ثيو هيرنانديز هدف التقدم "للديوك" في الدقائق الأولى من المباراة، ما أجبر المنتخب المغربي على تغيير طريقة لعبه الدفاعية وتقديم أداء هجوميّ مميّز لم ينقصه سوى الأهداف!

تراجع مستوى المنتخب الفرنسي في آخر مباراتين له في البطولة، حيث اتّسم أداؤه بالواقعية وبالانضباط الدفاعي وزاد اتكاله على تألق الحارس هوغو لوريس والحظ.

في المقابل، أضاع المنتخب المغربي العديد من الفرص المحققة للتسجيل، في ظلّ تعملق الحارس لوريس في الذود عن مرماه، كما أنّ "أسود الأطلس" دفعوا غالياً ثمن استقبالهم هدفاً مبكراً من الفرنسيين ومعاناتهم من الإصابات. كذلك، استطاع البدلاء صناعة الفارق لفرنسا، حيث أعطى ماركوس تورام حيوية كبيرة للفريق، وسجل راندال كولو مواني هدف حسم التأهل فور نزوله الى أرض الملعب. قدّم أنطوان غريزمان مباراة بطولية جديدة، حيث كان موجوداً في كلّ أرجاء الملعب، تارة يصنع الفرص لزملائه، وطوراً يخطف الكرات من أبناء المدرب وليد الركراكي.



حلم نيمار بإحراز اللقب يتبدّد على يد كرواتيا (أ ف ب)



الحصيلة:

النهائي الحلم سيجمع بين المنتخبين الأرجنتيني والفرنسي يوم الأحد المقبل، نهائيّ مرتقب بين هدّافَي مونديال 2022 وأفضل لاعبَين في العالم حاليًا ليونيل ميسي وكيليان مبابي.

استحقّ كلا المنتخبين الوصول الى نهائي مونديال قطر 2022، فقد قدّما بعض العروض الكرويّة المميزة، وأظهرا انضباطاً دفاعياً وتكتيكياً وشخصية قويّة وروحاً قتاليّة عالية وعقليّة انتصاريّة.