جاد حداد

Godzilla vs. Kong... أعمق من فيلم عن الوحوش

21 كانون الأول 2022

02 : 01

يحمل فيلم Godzilla vs. Kong مواصفات قصص الوحوش الممتعة التي تعجّ بمشاهد الحركة. يدخل العمل في خانة الخيال العلمي، وقصص المؤامرات، والدراما المؤثرة عن الحيوانات ورفاقهم البشر. تكثر فيه مشاهد العواصف، والانفجارات، والثدييات، والزواحف، والبرمائيات، والحشرات، والوحوش العملاقة التي تأتي من ممالك الحيوانات، وترافقها أيضاً كائنات الزومبي والروبوتات والشياطين. لكن رغم وفرة العناصر المعروضة، يبقى الفيلم خفيفاً ومتماسكاً. حتى أنه قد يكون من أفضل الأعمال أو أكثرها متعة في الفترة الأخيرة.

الفيلم من إخراج آدم وينغارد (من أعماله The Guest (الضيف))، وهو من كتابة إيريك بيرسون وماكس بورينستاين (كتبا أول فيلم من هذه السلسلة).

في البداية، يوحي الفيلم بأنه تخلى عن أجواء الكآبة والكوارث الاعتيادية في هذا النوع من الأعمال، لكن سرعان ما يعود إليها بأسلوب مُعدّل. منذ أول مشهد مبهر، سنفهم أن "كينغ كونغ" انتقل إلى منشأة بحثية بعد هبوب عاصفة مسحت "جزيرة الجمجمة" بالكامل. تقع تلك المنشأة تحت مساحة ناشئة بالواقع الافتراضي وتشبه الأدغال التي كان يعيش فيها. هو يخضع للدراسة على يد العالِمة اللغوية وخبيرة الأنثروبولوجيا "إيلين أندروز" (ريبيكا هول) وابنتها الصماء بالتبني "جيا" (كايلي هوتل)، وهي الناجية الوحيدة من قبيلة "إيوي" في الجزيرة.

بعد فترة قصيرة، يهاجم "غودزيلا" منشأة "بينساكولا" البحثية التابعة لشركة "أبيكس سايبرنيتيكس" في فلوريدا، مع أن أحداً لم يشاهده منذ أن قتل التنين الفضائي ذي الرؤوس الثلاثة "غيدورا". يقول العالِم المشارك في مشروع "مونارك"، "مارك راسل" (كايل تشاندلر)، إن "غودزيلا يقتل الناس من دون أن نعلم السبب". لكننا نعرف ما يحصل. يطارد "غودزيلا" شركة "أبيكس" لأن المنشأة تطرح خطراً عليه. تستطيع هذه الشركة أن تخلق كائنات ميكانيكية يمكن وضعها في خانة الروبوتات أو الوحوش الآلية، حتى أن الشركة قد تُصنّع نسخاً ميكانيكية من "غودزيلا" نفسه!

لا يأخذ صانعو العمل عناء إخفاء وجهة القصة منذ البداية. تتعدد المؤشرات التي تنذر بالأحداث اللاحقة في السيناريو. في أحد المشاهد مثلاً، يقوم مؤسس ومدير شركة "أبيكس"، "والتر سيمونز" (ديميان بيشير)، بإقناع "ناثان ليند" الخبير بنظرية "الأرض المجوفة" (ألكسندر سكارسغارد) بقيادة بعثة إلى جوف الأرض، ويساعده للوصول إلى مصدر بدائي للطاقة لتنفيذ مشروعه الذي يُمهّد لإعادة تأسيس البشرية وكوكب الأرض ككل. لكن تتعلق أبرز النقاط طبعاً بالأسئلة التالية: متى ستبدأ أول معركة بين "غودزيلا" و"كينغ كونغ"؟ ومن سيفوز في المعركة الأولى والمبارزات اللاحقة؟ ومتى سيتعاون الكائنان معاً؟

تسمح بساطة القصة بتخصيص مساحة معيّنة لتطوير العلاقات بين الشخصيات. ولا تقتصر هذه العلاقات على البشر، بل تجمع بين الوحوش والناس وتشمل التبادلات بين الوحوش أيضاً. يتعلم "ليند" الذي لم ينجب الأطفال، والأم البديلة "أندروز"، و"جيا" اليتيمة، أن يثقوا ببعضهم ويتعاونوا إلى أن يشكّلوا عائلة مؤقتة.

على صعيد آخر، تتقرب المُخبِرة "ماديسون راسل" (ميلي بوبي براون) من "بيرني هايز" (براين تيري هنري) الذي يجري تحقيقات عن شركة "أبيكس" لأنه يتقاسم معها نظرتها الساخرة إلى العالم. هي تثق بصوته ورسالته ضمناً لدرجة أن تبدأ رحلة طويلة للعثور عليه بمساعدة صديقها "جوش فالنتين" (جوليان دينيسون). كانت "ماديسون" قد خسرت شقيقها في الكارثة التي تمحور حولها أول فيلم من هذه السلسلة، ثم فقدت والدتها في فيلم King of the Monsters (ملك الوحوش). لكنها تجد في "بيرني" شريكاً لها في نهاية هذا الفيلم وسرعان ما يصبح أشبه بشقيقها الأكبر.

بعد مشاهد العنف الصاخبة، من المدهش ألا نكتفي بتذكّر هذه الأجواء الفوضوية في نهاية الفيلم فحسب، إذ تكثر اللحظات الهادئة التي تسلّط الضوء على النواحي الإنسانية في الشخصيتَين الرئيسيتَين.

في النهاية، يعيش "غودزيلا" و"كينغ كونغ" الوحدة، مع أنهما لا يعترفان بذلك. هما أشبه بملكَين بلا مملكة. يطارد "غودزيلا" مملكة لا تستحق العناء على الأرجح، ولم يعرف "كونغ" يوماً أنه يستطيع الحصول على مملكة مماثلة قبل هذا الفيلم. يصبح "كونغ" في نهاية المطاف ملكاً في غابة مليئة بكائنات لا تُشبِهه في شيء. لكنه يعرف الآن على الأقل أنه ملك بالفطرة ويستحق لقب النبلاء، وكان أسلافه يحملون هذه الرتبة. شاهد "كونغ" تلك القلعة المدمّرة، ودخل إلى القاعة الضخمة، وجلس على العرش، وحمل فأساً بيده. ربما تخيّل أن يسيطر على عوالم غابرة في "الأرض الجوفاء".

لنتخيل أن يلتقي "غودزيلا" و"كونغ" في أحد المقاهي ويتكلما عن حياتهما...


MISS 3