جاد حداد

Stolen... حياة مسروقة في منطقة نائية

23 نيسان 2024

02 : 00

تدور أحداث الفيلم السويدي الجديد Stolen (مسروق) على شبكة «نتفلكس» في منطقة ثلجية بعيدة يعرفها الأجانب باسم «لابلاند» لكن يسمّيها السكان المحليون «سابمي»، وهي تقع على طرف التندرا في شمال النروج، والسويد، وفنلندا، وجزء صغير من روسيا. تشمل هذه المساحة الشعب «السامي» الذي يتألف عموماً من رعاة رنّة تقليديين عاشوا في هذا المكان البارد منذ آلاف السنين.

تشكّل هذه المنطقة موقعاً خلاباً لهذا الفيلم البسيط والممتع الذي يتطرق إلى التحديات المطروحة على هذه الجماعة «الدخيلة» في خضم مواجهتها لمظاهر العالم المعاصر. القصة مقتبسة من رواية للصحفية والروائية آن هيلين ليستاديوس المنتمية بدورها إلى الشعب «السامي».

سنتعرّف على الشعب «السامي» الذي يشكّل جماعة سكانية محدودة لا تزال متعلّقة بأسلوب حياة من عصر ما قبل التاريخ في وطنها التقليدي. كذلك، سنشاهد جمال قطعان الرنة وهي تركض في المساحات المغطاة بالثلج، ونقابل عائلة من قرية صغيرة وهي ترعى تلك الحيوانات عبر استعمال عربات الجليد وتتعامل مع التغيرات المناخية التي تُصعّب حياتها.

سرعان ما يبدأ أحدهم بقتل حيوانات الرنة وحرق طعامها. تحصل فتاة صغيرة وحيوية اسمها «إيلسا» (ريستن أليدا سيري سكوم) على أول حيوان رنّة في حياتها، فتُسمّيه وتهمس في أذنيه مقولة تقليدية: «أنا لا أملكك، لكني استعرتُك بكل بساطة». لكنها تشاهد لاحقاً مجرماً محلياً حاقداً على الشعب «السامي» وهو يذبح الحيوان، فيُمرر يده على عنقه وكأنه يقوم بحركة الذبح أمام «إيلسا» لإجبارها على التزام الصمت. هي تضطر للسكوت فعلاً، حتى عندما تشاهده في المحطة فيما يكون والدها (ماغنوس كوهمونين) منشغلاً بملء تقرير غير نافع آخر لدى الشرطة.

ليس مستغرباً أن تعجز الشرطة عن حل المشكلة، لأن جميع السكان غير المنتمين إلى الشعب «السامي» يبغضون هذه الفئة من الناس وحكومتهم وقراراتهم التي تؤثر على أرضهم. بعبارة أخرى، سنتعرّف على ثقافة دخيلة ومنبوذة يسيء الكثيرون فهمها، وهي تواجه تهديداً خطيراً من شاب مقرّب من الشرطة وتكون الطفلة «إيلسا» الشاهدة الوحيدة على أفعاله.

تعلّمت «إيلسا» أن ترفع الصوت وتُعبّر عن رأيها صراحةً، وهو موقف غير مألوف وسط النساء في ذلك المجتمع الذكوري التقليدي. هي اكتسبت هذه الصفات بسبب ثقافتها والضغوط المتزايدة التي تواجهها عائلتها، إذ تتلاحق الاعتداءات ضد قطعان الرنة، وتزيد التهديدات المطروحة على أراضيهم التي تشمل على الأرجح خام الحديد.

تخفي «إيلسا» هذه المرة السر الذي تعرفه عن تعذيب الحيوانات وذبح رجل اسمه «روبرت» (مارتن وولستروم). سرعان ما يصبح حل الأزمة ضرورياً حين تقرر «إيلسا» التكلم، وتبدأ بمضايقة الشرطة، وتلاحظ عائلتها التهديدات المطروحة، لكن يفضّل السكان تجاهل تحذيراتها.

يُعتبر فيلم التشويق هذا أول تجربة إخراجية في مسيرة إيل ماريا إيرا، وتشتق طبيعته «البسيطة» ظاهرياً من لمساته الميلودرامية المتكررة. يُطَمْئِن عدد كبير من الراشدين «إيلسا» الصغيرة لجعلها تتكلم، لكنها تمتنع عن الكلام في البداية. لكن من المعروف أن الأسرار تطرح أعباءً متزايدة مع مرور الوقت.

لا تُعلّمها جدّتها معلومات كثيرة عن أسلوب حياتها والتقاليد السائدة، فتقول في أحد المشاهد: «تلك الأضواء الشمالية هي أرواح الأموات المسروقة». قد تنطبق هذه المقولة على أرواح حيوانات الرنة أيضاً.

تتعرّض «إيلسا» في سن الرشد لاختبارات شائكة، فتواجه النبذ والتهديدات ويحاول البعض إسكاتها، لكنها تُصِرّ على المضي قدماً. مع ذلك، يفتقر الفيلم إلى أفكار جديدة تتجاوز حدود الزمن. لكن تبقى الحبكة انعكاساً للظروف الخطيرة من دون أن تلجأ إلى أفكار مألوفة عن تورّط بطلة القصة في أفخاخ متكررة، مع أنها تقترب من هذا النهج أحياناً.

MISS 3