الكركم لمكافحة السرطان؟

11 : 39

الكركم جزء من عائلة الزنجبيل. نشأ في الأصل في الهند وجنوب شرق آسيا وكان الناس هناك يستعملون جذوره لتحسين نكهة أطباقهم على مر آلاف السنين.

يهتم الباحثون في الأوساط الطبية بعنصر كيماوي موجود في الكركم: إنه نوع من البوليفينول واسمه ديفيرولويل ميثان، لكنه يُعرَف على نطاق واسع باسم الكركمين. يُركّز معظم الباحثين المهتمين بمنافع الكركم على هذا العنصر تحديداً.

على مر السنين، جرّب الباحثون الكركمين لمعرفة مفعوله على عدد من الأعراض والاضطرابات، منها الالتهابات، ومتلازمة الأيض، والتهاب المفاصل، وأمراض الكبد، والبدانة، وأمراض التنكس العصبي، وحققوا نجاحاً متفاوتاً.

لكن لطالما اهتم العلماء بالسرطان في المقام الأول. وفق المشرفين على المراجعة الأخيرة التي شملت 12595 تقريراً نشرها الباحثون عن الكركمين بين العامين 1924 و2018، يُركّز 37% من العلماء على السرطان.

نُشرت نتائج المراجعة الجديدة في مجلة "المغذيات"، وركّز فيها الباحثون على مسار إشارات الخلايا التي تؤثر على نمو السرطان وتطوره وطريقة تأثير الكركم عليه. استنتج الباحثون أن الكركمين يُعتبر مرشحاً واعداً كي يصبح دواءً فاعلاً لمكافحة السرطان، على أن يُستعمَل وحده أو مع أدوية أخرى.

تكشف المراجعة أن الكركمين قد يؤثر على مجموعة واسعة من الجزيئات التي تنعكس على نشوء السرطان، بما في ذلك عوامل النسخ الضرورية لتكاثر الحمض النووي، وعوامل النمو، والسيتوكينات الأساسية لإطلاق الإشارات الخلوية، والبروتينات التي تتحكم بموت الخلايا.

إلى جانب النقاشات المحيطة بأثر الكركمين الجزيئي على مسارات السرطان، يطرح الباحثون أيضاً المشاكل المحتملة عند استعمال الكركمين كدواء. عند أخذه كعلاج عن طريق الفم (على شكل لاتيه بالكركم مثلاً)، يميل الجسم إلى تفكيكه سريعاً وتحويله إلى نواتج أيضية. نتيجةً لذلك، من المستبعد أن تصل أي مكونات ناشطة إلى موقع الورم.

لهذا السبب، يحاول بعض الباحثين تصميم طرقٍ لضخ الكركمين في الجسم وحمايته من عملية التفكك تلك. حقق العلماء نتائج واعدة في المختبر وعلى نماذج من الفئران مثلاً حين غلّفوا العنصر الكيماوي بجسم نانوي بروتيني.سبق ونشر العلماء تقارير ممتازة عن الكركمين والسرطان، لكن تبرز الحاجة إلى إجراء أبحاث إضافية. جرى عدد كبير من الدراسات الواردة في المراجعة الأخيرة في المختبر، واستُعمِلت فيها خلايا أو أنسجة. قد يكون هذا النوع من الأبحاث أساسياً لفهم المقاربات التي تؤثر على السرطان، لكن لا تنطبق جميع الدراسات المخبرية على البشر.

تَقِلّ الدراسات التي اختبرت خصائص الكركم أو الكركمين على مستوى مكافحة السرطان لدى البشر، وتبقى الدراسات البشرية حتى الآن صغيرة. لكن عدا عن المصاعب المستمرة والبيانات المحدودة، يبدو الكركمين خياراً واعداً كعلاج للسرطان.

يتابع العلماء العمل على حل المشكلة. يذكر الباحثون مثلاً أن تجربتَين عياديتَين أصبحتا قيد التنفيذ، وهما تهدفان إلى تقييم الأثر العلاجي للكركمين على نمو سرطان الثدي الأولي والنقيلي، فضلاً عن تقدير مخاطر الأحداث المعاكسة. كما أنهم يشيرون إلى دراسات مستمرة أخرى على البشر لتقييم مفعول الكركمين كعلاج لسرطان البروستات وعنق الرحم وعقيدات الرئة وأمراض أخرى.

يظن العلماء أن الكركمين ينتمي إلى أكثر مجموعة واعدة من العناصر الطبيعية الناشطة بيولوجياً، ويبرز أثره تحديداً في علاج أنواع متعددة من السرطان. لكن تضعف إشادتهم بالكركمين كبطلٍ محارب للسرطان بسبب الوقائع التي يكشفونها في مراجعتهم، فينهون تقريرهم بالاستنتاج التالي: "الكركمين ليس محصّناً ضد الآثار الجانبية، على غرار الغثيان والإسهال والصداع والبراز الأصفر. كما أنه يسجل مستوىً منخفضاً من التوافر البيولوجي بسبب ضعف امتصاصه وسرعة تفككه وطريقة تفريغه من الجسم، ما يقلّص فعاليته في معالجة الأمراض. لا بد من إجراء دراسات وتجارب عيادية أخرى على البشر للتأكد من صوابية تصنيف الكركمين كعنصر فاعل ضد السرطان".