وسام سعادة

منطق أميركا ومنطق "حزب الله"

10 تموز 2019

11 : 33

من دون كبير جهد، نجح "حزب الله" في الآونة الأخيرة بتحييد نفسه عن دوّامة النزاعات السياسيّة الدائرة رحاها بين أركان الحكومة.
حافظ على عُرى "التفاهم" مع رئيس الجمهوريّة، وتحفّظ على شطحات صهره. رسم حدوداً لمناكفات الأخير مع رئيس المجلس. لم يستظرف كثيراً علاقته بسعد الحريري. لم يتردّد في دعمه بعد حادثة قبرشمون. وهو يقف اليوم مع إحالة المطلوبين إلى المجلس العدلي، من دون أن يقوم بحركة ضاغطة خاصة به في هذا الإتجاه. أوحى مؤخراً بألّا يُكسَر باسيل. مع كل ما يظهره الحزب من جفاء تجاه جنبلاط لا يبدو متحمّساً لكسره هو الآخر. لكنه يربط الموقف منه بتعديل الزعيم الدرزي "وضعيته" تجاه القيادة السوريّة.


في الآونة الأخيرة، يطرح "الحزب" نفسه كـ"حزب الإستقرار في الداخل"، وتؤدي التناقضات المحلية إلى تنامي النظرة اليه كمرجعية "تحلّ وتربط" لدى الأصدقاء والأخصام على حدّ سواء... إلى درجة ان صارت إثارة موضوع سلاحه وتدخلاته "كلاماً قديماً" يتعثر مستعيدُه في إعادة تسويقه في السياسة.


بالتوازي، دان "الحزب" الموقف الحكومي الرسمي في قمتي مكة، ولم يتردّد أمينه العام في إعلان النيّة لمؤازرة إيران إذا ما اندلعت الحرب. لم تقم ضجّة فعلية بعد هذا الكلام في البلد. كما لو أنّ الجميع مسلّم إمّا بأنّ الحرب لن تقع، وإمّا بأنّ لا ردّ لمشيئة "الحزب" إذا ما وقعت. بيدَ أن تشديد العقوبات الإقتصادية الأميركية على إيران والمالية على "حزب الله" تواصل واستفحل، واقتصاد "الحزب" - مع كونه عابراً لبلدان عدّة - متداخل للغاية مع اقتصاد البلد. مثلما لا يمكن الفصل بين جناحين "سياسي" و"عسكري" في "حزب الله"، لا يمكن الفصل التام بين اقتصاد لبنان وبين اقتصاد "حزب الله"!


إضافة أسماء الحاج وفيق صفا والنائبين محمد رعد وأمين شرّي هي تصعيد نوعيّ من جانب وزارة الخزانة الأميركية في هذا المجال. المنطق الأميركي: لا يمكن أن يواظب "الحزب" على الإحتماء بأصدقائه وأخصامه على حدّ سواء، في الحكومة الإئتلافية والبرلمان المتعدّد. منطق الحزب: أنا المستقرّ بين متوتّرين في الداخل، وعلّة التوتير مع "الخارج"، ويمكن المحافظة على هذه المفارقة لفترة تطول. بين هذين المنطقين، ما هو منطق الآخرين في البلد؟ لا يوجد. قيد التصوّر. قيد البحث. قيد الإنتظار.


MISS 3