مريم سيف الدين

المغتربون للمقيمين: "معكن للآخر"

27 كانون الثاني 2020

02 : 00

أمام تمثال المغترب في شارل الحلو (رمزي الحاج)

من 26 مدينة مختلفة حول العالم، وبعنوان "معكن للآخر"، أكد مغتربون لبنانيون التزامهم مع المقيمين بالثورة، ورفضهم منح الحكومة الجديدة الثقة. واستنكروا القمع الذي يمارس ضد المتظاهرين في لبنان. فنزلت عشرات التظاهرات التي انطلقت في الوقت نفسه في بريطانيا وفرنسا وأميركا وغيرها مروراً بالإمارات والكويت إلى الساحات، وجرى نقل الحدث مباشرةً عبر مواقع ووسائل إعلام عدة. فتزامنت التظاهرات في المهجر مع تحركات في مناطق لبنانية مختلفة. وأوصل المغتربون رسالة للمسؤولين والمقيمين بأنّهم لم يتركوا الثورة منذ 17 تشرين، وإصرارهم على متابعتها بكل تفاصيلها ودعمها بكل خبراتهم وقدراتهم لإنجاحها. ويزيد من أهمية هذه التحركات إصرار المغتربين على التواصل مع المقيمين في وقت تحاول فيه السلطة عزل المقيمين عن بعضهم.

المغتربون هم أيضاً ضحايا الفساد الذي هجّرهم ورماهم في أماكن مختلفة من العالم. وأكّد المتظاهرون في البلاد الأجنبية أمس رغبتهم بالعودة إلى لبنان، ورددوا الهتافات التي انطلقت من مختلف المناطق اللبنانية. كما عبر هؤلاء عن إصرارهم على تحقيق مطالب الثورة الواضحة منذ اليوم الأوّل، والتي تعمل السلطة على تمييعها، كاستعادة المال المنهوب ومحاسبة الفاسدين ورحيل جميع المسؤولين عن مناصبهم. والمغتربون ليسوا بمنأى عن الأزمة المالية التي لم تمنعهم من العودة فحسب، بل أدت أيضاً إلى حجز مدخرات العديد منهم وإعاقة حياة أولئك الذين سافروا للدراسة.

وفي حديث لـ"نداء الوطن" تكشف المنسقة الإعلامية للحدث، نادين مجذوب، أن التظاهرات انطلقت بالتزامن من مختلف المدن بعد أسابيع من التحضير. وتلفت إلى أن تنظيم التظاهرات في المهجر يختلف عنه في لبنان، "إذ لا يمكن الانطلاق بالتظاهرات بشكل عفوي بل يحتاج الأمر إلى إذن وتنظيم. وقد تأخر الحدث جراء انتظار الحصول على أذونات من مختلف الدول والحرص على تنسيق التوقيت لانطلاق التظاهرات في وقت واحد". وتشير إلى أنه "للمرة الأولى تنظم تظاهرات في بلاد عربية، أي الكويت والإمارات". وعن كيفية تنظيم الحدث، تقول مجذوب إن شباناً وشابات من بلدان مختلفة نسقوا في ما بينهم لإطلاق الحدث ونقله مباشرة، على الرغم من أنهم لا يعرفون بعضهم شخصياً. وتشدد على أن المغتربين لم يتركوا الثورة، "فقد تابعوا كل التفاصيل وقدموا الدعم من مالهم الخاص. هؤلاء لا علاقة لهم بالمليارات التي أنفقت على المؤتمرات التي لم تعيد مغترباً واحدا.ً فهم لا يرغبون جميعهم بالبقاء في الخارج، إنما يرغبون بالعودة. وقد زارت مجموعة منهم لبنان خلال الأعياد، وتواجدت على الطرقات. فكما لدى المقيمين قرار باسترداد لبنان من الزمرة الحاكمة لدى المغتربين القرار نفسه، ولن يعود البلد إلى ما قبل 17 تشرين".

وتبرز أهمية تحرك المغتربين وإصرارهم على الضغط من أجل تحقيق مطالب الثوار ومتابعة مجريات الأحداث في لبنان، في وقت تحاول فيه السلطة عزل المناطق اللبنانية عن بعضها وزرع الشرخ بين المقيمين. وهو ما أظهره تعاطي القوى الأمنية مع المتظاهرين مساء أمس الأول، إذ يكشف عن توجه واضح لدى وزير الداخلية ووزيرة الدفاع لقمع التظاهرات بالتنسيق في ما بينهما. فقد تعمد المعنيون إطفاء الإنارة في ساحة رياض الصلح والطرق المؤدية إليها لمنع المتظاهرين من الرؤية، وطوقوهم بعدد كبير من العناصر الأمنية من جيش وقوى أمن، على الرغم من عزل السراي الحكومي بالجدران الإسمنتية. وما إن حاول متظاهرون نزع أبواب أحد المداخل، حتى سارعت القوى الأمنية لفض التظاهرة برش المياه وإطلاق قنابل الغاز من دون أن تكترث لوجود أطفال بين المتظاهرين. كما أصدرت قوى الأمن الداخلي بياناً هددت فيه كل الموجودين في المكان بالتوقيف طالبة من المتظاهرين "المغادرة فوراً"، في انتهاك واضح لحق المواطنين بالتعبير، وتهديد باعتقال أبرياء وحجز حريتهم بلا سبب، لمجرد تواجدهم في ساحة اعتصام عامة والتعبير عن موقف سياسي. وكأن حال طوارئ قد أعلنت من دون ان ندري. فباتت قوى الأمن بذلك وكأنها هي من يحدد توقيت التظاهرات وموعد عودة المتظاهرين إلى منازلهم. الأمر الذي يفرض على المتظاهرين تحدياً جديداً لاستمرار تظاهراتهم، وإلا أصبح بإمكان أي كان وضع حد لها بمجرد افتعال الشغب.


MISS 3