عماد موسى

جبران ومي

30 كانون الثاني 2020

01 : 50

"هل تعلمين بأنني كنت أقول لذاتي هناك في مشارق الأرض صبية ليست كالصبايا قد دخلت الهيكل قبل ولادتها ووقفت في قدس الأقداس (...) سأنظم قصيدة في ابتسامة ميّ ولو كان لدي صورتها مبتسمة لفعلت اليوم. ولكن عليّ أن أزور مصر لأرى ميّ وابتسامتها"، هذا أول ما خطّه يراع جبران لمي، أما آخر ما كتبته مي لجبران:

"جبران باسيل... ستفتقد القمة العربية لبسالتك في الدفاع عن فلسطين...هل سنجد من بين العرب من سيتجرّأ على قول الحقيقة ومواجهة صفقة القرن".

حتماً لن تجد مي لجبران مثيلاً في الجرأة والإقدام، وهل كان فخامة الرئيس دونالد ترامب ليجرؤ على إعلان صفقة القرن وجبران باسيل في الخارجية؟ ما إن ضمن الرئيس الأميركي خروج باسيل من قصر بسترس حتى ضرب ضربته!

بين نص جبران لمي، ونص مي لجبران 100 عام.

النص الأول مقطع من رسالة مشوبة بحياء. النص الثاني تغريدة قاطعة كسيف الحق.

النص الأول ينمّ عن اشتياق رجل رومنسي لأنثى. النص الثاني تأليه أنثى لقائد تاريخي يكاد يكون وحيد العصر العربي في مواجهة صفقة القرن، ومن نوافل القول إن تاريخ التحول العربي الكبير ما عاد يؤرخ بحسب المحامية مي خريش، لا بفتح الأندلس ولا بدخول الناصر صلاح الدين إلى القدس، بل بخطب جبران في القمم العربية، التي جيء بخليفة بهزاد الفارسي لتهذيب كلماتها.

أما الجوامع المشتركة المُستخلصة من النصين فهي اللحظات النورانية التي اندمجت فيها القلوب والأرواح ويُستشف أيضاً أن مي الأولى كالثانية صبية ليست كالصبايا، وجبران بشري ليس كجبران البترون فما بينهما البون شاسع. الأول "نبيُّه" شخصية متخيّلة متأملة في الوجود. الثاني بشخصه نبيّ من لحم ودم وبطولات. فشتّان ما بين الإثنين.

وما يجمع بين الرئيس التاريخي لـ "التيار الوطني الحر" ونائبته للشؤون السياسية قراءة واحدة وتحليل يقارب في "هوائيته" المستحيل، وقد غردت مي:

"صفقة القرن عادت إلى الواجهة... بغض النظر عن المطالب المعيشية المحقة... لا تفصلوا ما حدث ويحدث في لبنان منذ 17 تشرين الأول، من المطالبة بإسقاط الرئيس ميشال عون إلى الإنتخابات النيابية المبكرة، عن صفقة العار...".

تغريدة ملتبسة، مبهمة، زاد عليها إبهاماً العلاّمة في الفكر الاستراتيجي سليم عون في واحدة من لقيّاته "بعدما شرّبكم ترامب صفقة القرن بالملعقة (...) هل فهمتم الآن حاجة لبنان إلى الرئيس القوي؟" أفهمتم أو يفهّمكم سليم؟

مي وجبران ومعهم عون "الجايي من عند الله" يا له من صباح جميل.


MISS 3