سيلفانا أبي رميا

"حلم خشبة" يفتح باب الترشيحات غداً

جان حجار: نحاول إنشاء مساحة تعبيرية لشباب طرابلس

26 كانون الثاني 2023

02 : 01

هنا مساحة تعبير حرّة

من معاناة اجتماعية واقتصادية عمرها عقود، ومن شوارع طرابلس وعكار والشمال المنسية، ولد مختبر مسرحي هو الأول من نوعه في لبنان ليكون مساحة حاضنة لشبابها المهمّش. وانطلق منذ 7 سنوات بعيداً عن المحسوبيات والطابع الديني والسياسي ليجمع هذه الفئة تحت جناح المسرح التعبيري والدورات التدريبية والكتابة.

ومع فتح باب الترشيحات لدورة هذا العام من "حلم خشبة"، التقت "نداء الوطن" السيد جان حجار مؤسس جمعية "الفنون المتقاطعة" التي أطلقت المختبر للإطلاع أكثر على الأهداف والاستراتيجيات التي يتبعونها.

كيف ومتى ولد مشروع "حلم خشبة"؟

"حلم خشبة" مبادرة انطلقت من الجمعية التي أسّسناها "جمعية الفنون المتقاطعة" Cross Arts، وكان بمثابة حلم راود كل أعضائها وهم هواة مسرح وفن. كنا نبحث عن مساحة للتعبير وتنمية القدرات وإيصال صوت الشباب المهمّش في الشمال عموماً وفي طرابلس خصوصاً.

وبعد سلسلة تحضيرات، وضعنا المشروع قيد التنفيذ في العام 2016. وتنقّل مختبرنا بين الشوارع المفتوحة ليبقى الحلم الوحيد حتى اليوم والذي لم نستطع تنفيذه بعد، إيجاد "خشبة" ثابتة ومسرح يحضن كل هذه المواهب. لا نزال حتى اليوم نحلم بالمسرح الذي حُرمت منه منطقتنا، ليكون مساحة ثابتة ملكاً لكل الناس ولا تنتمي لأي جهة سياسية أو دينية.

ما هدف المختبر؟

المشروع عبارة عن مجموعة ورش من كتابة وتمثيل وتدريبات مسرحية الى مواضيع يختارها المشاركون ويكتبون نصوصها بأنفسهم. نستهدف في الأساس فئة الشباب التي لا تجد متنفس ترفيه وتسلية خارج "البلاي ستايشن" والمقاهي ومجالس النرجيلة.

هدفنا الأول هو جمع شباب الشمال من طرابلس وعكار والضنية والكورة على مختلف مذاهبهم وطوائفهم وتطلعاتهم ليكونوا مجموعة واحدة ثقافية تنتج عملاً فريداً تعبيرياً وتخرج بمواهبها إلى العلن. فالمسرح فن يهذب المعرفة ويطور الثقافة والمجتمعات.

ويبقى الهدف الأساسي طبعاً المساحة التفاعلية الحرة والحوارية والدعم النفسي، وعليه سمّينا مركزنا الأساسي في الكورة Agora لما يفرضه هذا النظام التلقيني من حرية في التعبير.



جمعهم حبّهم للمسرح



متى تنطلق تجارب الأداء ومن يمكنه المشاركة؟

تجارب الأداء لدورة هذا العام ستنطلق غداً في "بيت الفن" في ميناء طرابلس، لتنتقل لاحقاً إلى مركزنا في الكورة. الكل يمكنه المشاركة لكن أولويتنا هي فئة الشباب الجامعيين الذين سنعمل على مساعدتهم هذه السنة في التفاعل الفكري والحوار الثقافي.

ويجب على المنتسب أن يكون لبنانياً لاكثر من 18 سنة، وليس بالضرورة أن يتمتع بأي خبرة في المسرح، انما بموهبة معينة كالصوت أو التقليد أو الإلقاء أو الكتابة... ويمكنه تقديم عرض حر من ابتكاره الخاص بأية لغة كانت أو الاستعانة بأي نص جاهز. وطبعاً على هؤلاء الالتزام بمواعيد التدريبات لاحقاً.

من يقوم بالتدريبات؟ ومن يختار المشاركين في الدورات؟

أنا والسيد برّاق صبيح، وبدعم كبير من بعض الأصدقاء المتخصصين بالمسرح. ومع مرور الوقت بات لـ "مشروع خشبة" مجموعتها ولجنتها الخاصة من الشباب الذين شاركوا سابقاً، فهم اكتسبوا الخبرات واليوم يساعدوننا في التنظيم والتجهيز والتدريب.

هل أنتجتم أي أعمال مسرحية؟

نعم أنتجنا الكثير من الأعمال المسرحية كان أولها المسرحية الاجتماعية "طرابلس" والتي تحكي عن تجييش الشباب في العمل البلدي والانتخابي، واستخدمت فيها موسيقى الراب كلغة تخاطب، ولقيت نجاحاً واستحساناً.

كذلك نجحت مسرحيتا "ما تجوا نصيحة" و"نصيحة ما تجوا" المنتجتان بالتعاون مع مؤسسة DRC. ولكن حُرم الكثير من أعمالنا من فرصة العرض ومنها مسرحية "مستقيمة" التي كتبتها وحوّرتها ومثلتها مجموعة من النساء وتتناول واقع المرأة اللبنانية في مجتمعنا.

ماذا عن الدورة الأولى للمشروع؟



عدد الذين أقبلوا على المشاركة فاق التوقّع، وكان دليلاً دامغاً على أن شبابنا بحاجة ماسة إلى التعبير وأن مجتمعاتنا مليئة بالمواهب الفنية والمسرحية وغيرها والتي لم تخرج إلى الضوء بعد.

من يدعم المشـــروع وكيـــف يتــــم التمويل؟



التمويل ذاتي. كلنا متطوعون هنا ونحاول بقدراتنا وإمكاناتنا خلق مسرح وخشبة تحكي قصصنا وقصص كل لبناني. للأسف التمويل في بلدنا يأخذ دائماً منحىً سياسياً أو طائفياً فيصبح المسرح المموَّل "محسوباً" على جهةٍ معينة. كما أن الممولين دائماً ما يبحثون عن أشخاص ذات قدرات ومستويات معينة. حتى أن جمعيتنا Cross Arts تعرضت للمحاربة ومحاولة القمع من بعض السياسيين عبر الإعلام بعدما أزعجناهم ببعض التحركات الشبابية الحرة.


جان حجار





ما موقف وزارة الثقافة واليونسكو من مشروعكم؟

أعتقد ان وزارة الثقافة بنفسها تحتاج إلى التمويل اليوم فكيف تموِّل؟ وباتت خريطة من تموّلهم واضحة ومحصورة. مثّلنا لبنان في عدة محافل ونشاطات مسرحية وثقافية ولم تكن الوزارة على علم بالموضوع حتى ولم تعره أهمية. أما عن اللجنة الوطنية لليونسكو فنحن نتعاون معها بما يخصّ تطوير الإرث الثقافي غير المادي والمحافظة عليه لا أكثر.

برأيك هل المسرح يأخذ حقه بين شباب اليوم؟

المسرح لم يأخذ حقه لا في الوسط الشبابي ولا في الوسط العام، فالأزمة مستفحلة في علاقة اللبنانيين بالمسرح وخصوصاً بعدما بات الأخير يلجأ للمحسوبيات للاستمرارية، وهو ما لا يشبه روحية هذا الفن بشيء. هناك نوع من المقاومة الثقافية ومحاولات لطمث هذا المنبر الذي لطالما غيّر المجتمعات وهزّ العروش.

طرابلس تحديداً خالية كلياً من المسارح المفتوحة. من المحزن أن نرى مدينة عريقة أعطت الكثير في تاريخ المسرح تفتقر إلى أدنى مقوماته اليوم. إرث المسرح لم يعد أولوية، والكل تغاضى عن قدرته الهائلة في تغيير الشباب وتوعية المجتمعات.

ماذا عن دورة هذا العام؟



تهدف الى تعليم الشباب كيفية الالتزام والتمسك بالأرض وقيم المجتمع. شبابنا منكسر ولا يشعر بالانتماء وهو ما يشكل خطراً كبيراً على مستقبل لبنان.

هل اكتشفتم أي مواهب مميزة؟

المواهب المكتشفة هائلة، مجتمعنا يضج بالقدرات الشبابية النادرة في الإخراج والتصوير وإدارة المسرح. ولاحظنا أن نساءنا يلمعن في مجال التمثيل كثيراً. لكن للأسف ما من إعادة إنتاج لهذه الأعمال وعليه تبقى هذه المواهب مطمورة. حتى أن معاهد المسرح غير موجودة في منطقتنا بل تتركز في قلب العاصمة بيروت وهو ما يصعّب على شبابنا إكمال أحلامهم في الدراسة الفنية والمسرحية.

هل مسرح لبنان يتجه الى اندثار ولماذا؟

مسرحنا في حالة موت سريري والعمل الثقافي يلفظ آخر أنفاسه خصوصاً بعدما خسر الطابع الحر الذي ينطلق من الناس وإلى الناس ويشكل امتداداً لمواهب وصوت شبابنا. خوفنا كبير على المسرح فهو من أهم دعائم التعلّم والتربية وليس أداة ترفيه فحسب.

ماذا تقول حول هذا الموضوع لكل شاب وشابة في مجتمعنا؟



لشبابنا أقول تجرّأوا. واجهوا أنفسكم وطموحاتكم، أخرِجوا ما بداخلكم من مشاكل وحزن وهموم وفرح، جرّبوا المسرح وعيشوا حرية التعبير في هذه المساحة التي ستغرَمون بها بالتأكيد. المسرح اللبناني مسؤوليتنا فكونوا أنتم الصوت والتغيير علّه يأخذ حقه وننطلق بالمجتمع إلى حيث تستحقون.