إكتشاف وصية الإسكندر الأكبر الأخيرة بعد 2000 سنة على وفاته!

10 : 50

مخطوطة باللغة الأرمنية حول الاسكندر وهي من الوثائق المهمة التي استند إليها الباحث
يبدو أن وصية الإسكندر الأكبر الأسطورية ظهرت أخيراً بعد أكثر من ألفَي سنة على وفاته!يزعم خبير في لندن أنه اكتشف أمنيات الملك المقدوني الأخيرة في نص قديم "يختبئ في مكان معروف" منذ قرون.تكشف الوصية الأخيرة التي بقيت خفية لوقتٍ طويل خطط الإسكندر حول مستقبل الإمبراطورية اليونانية الفارسية التي كان يحكمها. كما أنها تذكر أمنياته بشأن طريقة دفنه وتُحدد المستفيدين من ثروته الطائلة ونفوذه الهائل.


من كان الإسكندر الأكبر؟


يُعتبر الإسكندر الأكبر واحداً من أنجح القادة العسكريين في التاريخ. هو لم يُهزَم يوماً في المعارك، وقد بنى إمبراطورية شاسعة تمتد من مقدونيا واليونان في أوروبا إلى بلاد فارس ومصر وحتى أجزاء من شمال الهند بحلول تاريخ وفاته عن عمر يناهز 32 عاماً.

لم تصمد حتى هذا اليوم إلا خمس وثائق سليمة عن وفاته في بابل في العام 323 قبل الميلاد، ولا يرتكز أي منها على شهود عيان بل تشوبها التناقضات بدرجات متفاوتة.

وفق إحدى الوثائق من الحقبة الرومانية، توفي الإسكندر بعدما ترك مملكته "لأقوى" جنرالاته أو "أكثرهم جدارة". وبحسب نسخة أخرى، يُقال إنه توفي وهو عاجز عن الكلام وفي حالة غيبوبة، فلم يضع أي خطط لتحديد من سيخلفه. لكن يكشف بحث جديد الآن أن هذه المعلومة خاطئة.

يمـكن إيجاد الأدلـة المرتبطة بالوصية المفقودة في مخطوطة قديمة تُعرَف باسـم Alexander Romance (رومانسية الإسكندر)، وهو كتاب مؤلف من حكايات رمزية تغطّي مغامرات الإسكندر الأسطورية.

جُمِعت تلك الحكايات على الأرجح خلال القرن الذي تلا وفاة الإسكندر، وهي تتضمن مقاطع تاريخية قيّمة عن حملات الإسكندر في الإمبراطورية الفارسية.

لطالما ظنّ المؤرخون أن الفصل الأخير من الكتاب يشمل منشوراً سياسياً فيه وصية الإسكندر، لكنهم كانوا يعتبرونه حتى الفترة الأخيرة مجرد رواية خيالية قديمة.


لكن يكشف مشروع بحثي امتدّ على عشر سنوات وأجراه ديفيد غرانت، خبير في تاريخ الإسكندر، أن الحقيقة مختلفة. تستنتج هذه الدراسة الشاملة أن الوصية كانت ترتكز على الوثيقة الأصلية، لكنها حُرّفت لأغراض سياسية.


الباحث دايفيد غرانت



لماذا اختفت الوصية؟


يفصّل غرانت اكتشافه في كتابه الجديدIn Search of the Lost Testament of Alexander the Great (بحثاً عن وصية الإسكندر الأكبر المفقودة). يظن الكاتب أن أقوى الجنرالات في عهد الإسكندر أخفوا وصيته الأصلية لأنها تُسمّي ابنه النصف آسيوي الإسكندر الرابع الذي لم يكن قد وُلِد بعد وابنه الأكبر هيراكليس خلفَين له.بدل تقبّل قائدَين اعتبرهما المقدونيون ابنَين "هجينَين"، وهو وضع "غير وارد"، حارب هؤلاء الجنرالات لكسب السلطة خلال حقبة دموية من الاقتتال الداخلي والحــرب الأهلية عُرِفت باسم "حروب الخلافة".

خلال العقود التي تلت وفاة الإسكندر، اقتنع غرانت بأن الوصية الأصلية أُعيدت صياغتها سراً ووزعها أحــد الجنرالات المتنافسين على شكل منشور "لإثبات" شرعية ميراثه وللقضاء على الجنرالات المعارضين له.بالإضافة إلى تسمية الخلفاء الذين اختارهم الإسكندر، يتضمن المنشور أيضاً تفاصيل مؤامرة بين الجنرالات لتسميم القائد الكبير. بدل أن يكتفوا بالمناطق التي منحها الإسكندر لكل واحد منهم في الإمبراطورية كي يحكموها نيابةً عن ابنَيه، فضّلوا خوض معركة مريرة للسيطرة على الإمبراطورية كلها.

يقول غرانت: "توضح النصوص المتبقية أن أياً من الجنرالات الذين تواجدوا مع الإسكندر في بابل ما كان ليقبل بالتنازل عن سلطته لصالح ابنٍ ينتمي إلى عرق تغلبوا عليه. كان إخفاء الوصية وما رافقه من ادعاءات مفادها أن الإسكندر توفي صامتاً، من دون تقديم أي تعليمات بهذا الشأن، أو توفي بعدما شجّع جنرالاته على المحاربة في سبيل السيطرة على الإمبراطورية حين استعمل عبارة "إلى أقوى الجنرالات"، كفيلاً بتشريع أفعالهم واعتداءاتهم وتحالفاتهم خلال السنوات التي تَلَت وفاة الإسكندر".إذا كان غرانت محقاً، سيؤدي اكتشافه إلى دحض دراسات أكاديمية انتشرت على مر ألفَي سنة عن هذا الموضوع. توصّل الباحث إلى استنتاجه بعد دراسة مجموعة متنوعة من النصوص القديمة عن القائد العظيم طوال عشر سنوات.

يوضح غرانت: "تثير الحملة الدعائية والميول السياسية الواردة في المنشور شكوكاً جدّية حول مصداقية الوصية التي استُعمِلت في مرحلة معينة لتحضير كتاب من الحكايات الرمزية يُعرَف اليوم باسم Greek Alexander Romance (رومانسية الإسكندر اليوناني). حالما أضاف الكتاب تلك النفحة الرومانسية، تراجعت مكانته فوراً وتحوّل من حقيقة إلى قصة خيالية. لكنّ الأبحاث التي قمتُ بها أوصلتني إلى استنتاج قوي مفاده أن الكتاب قد يكون شائباً، لكنه يرتكز على الوصية الأخيرة الأصلية للإسكندر الأكبر، ويبدو أنها كانت واحدة من أقوى الوثائق العسكرية والسياسية في العالم القديم".لطالما تجاهل المؤرخون الوصية الواردة في الصفحات الأخيرة من كتاب Romance. لكن اعتبر غرانت، خريج الأدب الكلاسيكي، أن هذه الفرضية "مشبوهة لأقصى الدرجات" نظراً إلى تركيز الإسكندر على أدق التفاصيل وطبيعة جنرالاته المتعطشين للســـلطة. يضيف غرانت: "يسود إجماع في الأوساط الأكاديمية مفاده أن الوصية تسرّبت على الأرجح من جانب أحد الجنرالات المتنافسين لكسب الدعم والتفوق على خصومه. مع ذلك، يبرز منطق بديهي جداً لكن تجاهله الجميع على ما يبدو: ستكون إعادة نشر وصية غير موجودة أصلاً خطوة خطيرة وانهزامية بالنسبة إلى أي واحد من كتّاب المنشور المزعومين، علماً أنهم كانوا جميعاً جنرالات رفيعي المستوى. ما كان كاتب المنشور السياسي ليتمكن من المطالبة بحصته من السلطة إلا إذا استند إلى الوصية الأخيرة الحقيقية".من المنتظر أن يصدر كتاب In Search of the Lost Testament في وقتٍ لاحق من هذا الأسبوع.

MISS 3