عماد موسى

طفل المنظومة

31 كانون الثاني 2023

02 : 00

في الحبس المنزلي الإحترازي، المسمّى «الحجر» تلطيفاً، خير جليس كتاب. الأحد خصصته لمجالسة نبيه بري. لا «أستذة» ولا «ألقاب» ولا «دولة» نبيه بري. «حاف» من دون زوائد. لأكن دقيقاً منعاً لأي لبس، تصفحت كتاباً عمره 20 سنة، صادراً عن دار «مختارات» وعنوانه «نبيه بري/ أسكن هذا الكتاب» لنبيل هيثم. إذاً جالست الكتاب وزرته بشكل عاجل ومتأخر. لفتني في الصفحات الأولى، أن أبا نبيه، سجل تاريخ ولادة ابنه على نسخة من القرآن الكريم: «4 أيار سنة 1936»، ما يعني أن على دوائر النفوس ودوائر مجلس النواب ودوائر القرار في «الحركة» الإستعداد لاحتفالية القرن بعد 13 سنة وليس بعد 15 سنة. كما علمت أن النبيه والأمين القطري السابق لحزب البعث العربي الإشتراكي في لبنان عاصم قانصو( مواليد العام 1937) تزاملا في «الحكمة» وامتازا بروح النكتة والروح الـ «مشاغباتية». كان يمكن أن يكون بري أميناً قطرياً للبعث وقانصوه رئيساً لحركة المحرومين. قلة فرق. الخندق الممانع صَهَرهما ولو بعد أعوام.

في امتحانات البكالوريا نجح الشاطر «نبيه» ورسب في آن. نجح في تخطي المعدل ورسب في مادة اللغة الفرنسية، حيث نال أقل من خمسة على عشرين فاعتُبر راسباً. من مركز بريد تبنين بعث برسالة إلى رئيس الجمهورية كميل شمعون لإنصافه. فجاء الجواب برقياً بعد أيام بتحديد موعد للشاب الجنوبي. سأعفيكم من تفاصيل اللقاء. في مؤتمر لوزان (1984) ذكّر برّي شمعون بالواقعة. مرّ 67 عاماً على «خبرية البكالوريا» ولا يزال معدل نبيه باللغة الفرنسية تحت الـ» خمسة على عشرين»!

وفي أول أنشطته الميدانية، شارك نبيه في تكسير سينمايات ومحال تجارية وسيارات في وسط بيروت إحتجاجاً على اعتقال المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد في الجزائر. مشاركة مباركة كانت.

وكم هزّني، وأنا أتصفح بعض سطور العزّة العربية، وصف بري لجمال عبد الناصر بـ»هذا المارد من النُبل» ليضيف «اعتبرتُ أن جمال عبد الناصر، كما الرئيس حافظ الأسد وكذلك الرئيس بشار الأسد مثّلوا طموحات الأمة كلها». يمكن إضافة اسم حافظ بشار الأسد إلى الثلاثة الكبار بطبعة جديدة ومنقّحة.

لم أفرغ بعد من قراءة كتاب الزميل نبيل هيثم كما لم أرتوِ بعد من التمعّن في صورة نبيه بري الطفل (أقل من ثلاثة أعوام) المنشورة مطلع الكتاب، قاعداً على مقعد من دون ظهر، ناظراً إلى عدسة المصوّر. شوشت علي المتعة إطلالة طفلنا المعجزة جبران باسيل على الشاشة في مونولوغ ممل هاجم فيه المنظومة الحاكمة، وعلى رأسها بري بطبيعة الحال. ماذا لو تفرّس جبران ببراءة الوجه الذي كانه نبيه، ألا يغيّر رأيه بطفل المنظومة؟