أمين عام جمعية المصرفيين العرب في لندن جورج كنعان:

سقط النظام المصرفي برمّته... هيكلته تحتاج 5 إلى 10 سنوات

02 : 00

الازدحام أمام المصارف

يمكن حل الأزمة المالية في لبنان في غضون خمس إلى عشر سنوات إذا تم تنفيذ «برنامج مدروس» للحفاظ على حقوق صغار المودعين وتلبية احتياجات المودعين متوسطي الحجم، وجعل المودعين الكبار شركاء في البنوك الجديدة، وفقاً لخبير في القطاع المالي في لندن.

يقول جورج كنعان لـ»آراب نيوز»، وهو الرئيس التنفيذي (الأمين العام) لجمعية المصرفيين العرب ABA، وهي منظمة أعمال غير ربحية مقرها لندن يعمل أعضاؤها في البنوك والصناعات المرتبطة بها بالعالم العربي والمملكة المتحدة: «كان بإمكانهم التعافي بشكل أسرع إذا كانوا قد بدأوا في وقت سابق». «ومع ذلك، مرت ثلاث سنوات ولم يتم اتخاذ أي مبادرة».

عمل كنعان، مدير ABA منذ عام 2009، في البنوك الرائدة في نيويورك ولندن والمملكة العربية السعودية منذ عام 1975. ويقول إنه ليس من غير المعتاد أن يفشل بنك أو بنكان في بلد ما، أو ربما قسم من صناعة أو قطاع متخصص، «لكن فشل النظام بالكامل يكاد يكون الأول في التاريخ».

ويقول كنعان: «نود أن نرى إجراءات مشتركة من قبل كبار المودعين للعمل مع البنوك والحكومة وصندوق النقد الدولي لإعادة هيكلة نظام فشل... فشل تماماً».

ويشير إلى أن الفساد وهدر الإيرادات والموارد لم يلعب في الواقع سوى دور صغير في الفشل، وأن النظام المالي قد انهار بشكل أساسي بسبب عدم كفاءة إدارته، ولا سيما ادارة البنك المركزي في البلاد- مصرف لبنان.

ويحقق خبراء أوروبيون حالياً في مزاعم الاحتيال على مستوى وأفعال رياض سلامة، الذي شغل منصب محافظ البنك المركزي لمدة ثلاثة عقود. تمّ اتهامه وشقيقه رجا باختلاس أكثر من 300 مليون دولار من البنك بين عامي 2002 و 2015.

«تم تعيين محافظ البنك المركزي منذ فترة طويلة جداً، ومن الواضح أنه قد مر فترة معقولة من سوء الإدارة، إما بسبب الجهل أو لأنه بدا أنه ناجح وسمح له بالاستمرار، إما بسبب ضغوط من النظام السياسي، يقول كنعان.

ويضيف أن «الثقب الأسود في النظام المصرفي اللبناني يصل إلى حوالى 100 مليار دولار». «ما يقرب من الثلث ذهب قروضاً إلى زبون سيئ حقاً يسمى الدولة اللبنانية... والثلثان لدعم الليرة والحفاظ عليها بسعر صرف ثابت يبلغ 1500 ليرة لبنانية للدولار».



جورج كنعان



هذه الاستراتيجية، التي تم تنفيذها في التسعينات بعد نهاية الحرب الأهلية، نجحت في البداية لأنها ساعدت على «استقرار الاقتصاد والسماح له بالنمو على أساس سليم»، تابع كنعان. لكنه يقول إنه كان ينبغي أن ينتهي ذلك بعد ثلاث إلى خمس سنوات، مع ترك سعر الصرف لتقلبات السوق. وهذا لم يحدث.

ويؤكد إنه خلال الأزمة المالية العالمية في 2008، كانت الأموال «تتدفق» إلى البلاد. كان يُنظر إلى المصارف اللبنانية على أنها ملاذات آمنة لأنها لم تتضرر مثل البنوك في البلدان الأخرى ولم تشارك في الأدوات «الخطرة» و «المعقدة» التي تستخدمها البنوك الغربية. لذلك، كان من غير البديهي في ذلك الوقت التخلي عن السعر الثابت مقابل الدولار.

ويضيف: «بمجرد انقضاء هذه الفترة الوردية، بدأت البلاد تمر بفراغات، أي بدون مجلس للوزراء وبلا رئيس، انتزعت صلاحيات الدولة وبدأ الاقتصاد يتدهور».

لو تركت الليرة تتعرض لتقلبات السوق، لكانت فقدت بعض قيمتها، وكان من الممكن جراء ذلك أن يدق ناقوس الخطر للسوق والسياسيين والجميع ليقول: الوضع ليس جيداً، يجب معالجته. لم يحدث ذلك، لقد استمروا في دعم الليرة بشكل أعمى، وكان لذلك أثر في إعطاء اللبنانيين إحساساً زائفاً بشكل استثنائي بالأمان والثروة».

لم يتأثر صغار المودعين بشدة واستعادوا بعض أموالهم. ويقول كنعان إن المودعين الكبار جداً «اضطروا إلى التزام الصمت» – معظمهم اجرى عمليات عبر البنوك في لبنان لأنهم لم يتمكنوا من القيام بأعمالهم تلك في مكان آخر. إما كانوا يخشون من العقوبات، أو جاءوا من ولايات قضائية مشكوك فيها، أو تورطوا في معاملات بغيضة أو تهرب ضريبي...

إنه يلوم المصرفيين أولاً وقبل كل شيء، حيث كان من واجبهم التأكد من استعادة المودعين لأموالهم. وأشار إلى أنه كان ينبغي عليهم تحدي أوامر مصرف لبنان.

يتابع كنعان: «هنا يكمن الخطأ». «البنك المركزي أجبر الناس حرفياً على فعل ما يريده ورضخ الناس، فخلق بطريقة ما نظاماً غير عادي».

«لم يكن حقاً نظاماً. كان لدينا بنك هو مصرف لبنان، وفروع هي البنوك التجارية المتشابهة. كان كل فرع استنساخاً مشابهاً للفرع المجاور له ؛ لا يمكنك التفريق بينها لأنها جميعها أُجبرت على أخذ نفس الأصول الخطرة «.

يقول كنعان: «في غضون خمس إلى عشر سنوات، سيكون من الممكن الحصول على نظام جديد، واستعادته بالكامل، وسيسترد الناس أموالهم في الغالب»، مضيفاً أنه يمكن إصلاح أي نظام كل خمس سنوات.

لكن سيتعين التوجه إلى كبار المودعين بمقترح Bail in مثلما حصل في قبرص عندما تحول كبار المودعين الى مساهمين في البنوك. اصحاب الودائع المتوسطة يستعيدون حقوقهم بوسيلة برنامج توريق او سندات».

يختم كنعان قائلاً إن التعافي سيحدث بشكل أسرع إذا تدفقت عائدات كبيرة أو «مكاسب غير متوقعة»... من النفط والغاز على سبيل المثال.

ويخلص إلى أن «المثير في هذه المرحلة هو اكتشافات الغاز والنفط في البحر»، والتي يجب أن يبدأ لبنان في استغلالها.