سيلفانا أبي رميا

Drive Throw لفرز النفايات للمرة الأولى

بيار بعقليني: سنغطّي بيروت والمتن ونعالج 30% من النفايات

3 شباط 2023

02 : 01

عادت النفايات لتتكدّس في شوارع بيروت ومحيطها في مشهدٍ يعيد إلى الأذهان أزمة 2015 المرعبة عندما بلغ مطمر برج حمود سعته القصوى وتوقف عن استقبال النفايات. وحاله حال أي قطاع، بقي علاج النفايات من دون حسيب أو رقيب وغابت الاهتمامات والاستراتيجيات التي كان يمكن أن تنقذ لبنان من مبالغ إدارة النفايات الهائلة السنوية والمواطنين من براثن التلوث والأمراض والسرطانات. وفيما أشاح مسؤولونا بنظرهم عن الأزمة، ولدت مبادرة فردية شبابية بطلها ناشط بيئي رفض الاستسلام وترك البيئة غارقة في الفساد وأكوام القمامة. بيار بعقليني الشاب الطموح ومؤسس Lebanon Waste Management أخبر "نداء الوطن" عن مبادرته Drive Throw التي نجحت في أن تكون مثالاً لطريقة إدارة الأزمات.

متى وكيف ولدت مبـــــــادرة Drive Throw؟

بعد أزمة 2015، وفي بلدٍ يتكبّد سنوياً 420 مليون دولار لإدارة النفايات الصلبة فيما يكلّفه التدهور البيئي فاتورة باهظة تلامس الـ 66 مليون دولار، وبعدما أصدرت الحكومة مرسوماً يفوّض البلديات بتوفير الموارد التي يحتاجها السكان لفرز نفاياتهم وفشلَت، قرّرْت من خلال مؤسستي Lebanon Waste Management أن أطلق مبادرةً تشجّع وتساعد الناس على تطبيق فرز النفايات. افتتحنا أول مركز Drive Throw في المدينة الصناعية في سدّ البوشرية في حزيران 2022 وهو الأول من نوعه في لبنان والعالم.

ماذا تتضمّن المبادرة؟

يقوم الشخص بفرز نفاياته وتقسيمها في منزله، ثم يحملها إلى أحد مراكزنا في أكياس منفصلة. هناك نقوم بفتح ملف خاص به وQR code يسهّل علينا التعامل المستقبلي معه. بعدها، يأخذ فريقنا النفايات ويقوم بقياس وزنها أمام الزبون وتسعيرها، وهنا يختار الأخير ما إذا كان يفضّل قبض ثمنها أو التبرّع بها لصالح مؤسستنا أو لجمعية Kids First التي تهتمّ بعلاج الأطفال المصابين بالسرطان.

بعدها نقوم نحن بأخذ النفايات إلى مصنعنا حيث عملية الفرز الأوسع وعمليّتا الفرم والكبس. ومن هناك ننطلق لتوزيعها على مصانع لبنانية لتعيد إنتاجها أو نصدّرها إلى الخارج. وبالنسبة للأشخاص الذين يريدون المشاركة ولا يستطيعون الوصول إلى مراكزنا، لدينا خدمة Pick up نزور من خلالها المنازل لاستلام النفايات بمبلغ 10 دولارات.

أي نوع نفايات تجمعون وكيف تتم عملية التسعير؟

نأخذ كل ما هو ورق أو بلاستيك أو نيلون، بالإضافة إلى الإلكترونيات والتنك والبطاريات والألمنيوم وحتى زيت القلي المستهلَك الذي يعاد استخدامه لاحقاً في مصانع الصابون.

أما عن الأسعار فندفع مقابل كيلوغرام الكرتون والورق 1000 ليرة، النيلون 1500، الإلكترونيات والفلّين 5500، التنك والبلاستيك 5000، قوارير المياه 7000، أغطية هذه القوارير 8000، البطاريات 15000، الألمنيوم 27000 والزيت المستعمل 25000.

كم مركز لـDrive Throw حتى اليوم؟

افتتحنا يوم أول من أمس مركزنا الثاني داخل محطة IPT في الدكوانة الصالومي، وسنقوم بعد حوالى أسبوعين بافتتاح مركز آخر في ضبية. نرتكز في اختيار مواقعنا على كمية الطلب وأعداد الناس المشاركة في كل منطقة، إلا أن هدفنا النهائي هو افتتاح 100 مركز بين بيروت وقضاء المتن الذي ينتج وحده 60% من نفايات لبنان.

ماذا عن تجاوب الناس؟

واجهنا في البداية صعوبةً كبيرةً في جذب اللبنانيين وإقناعهم بالفكرة وبأهمية الفرز، لكن بدأت أرقام الوافدين والمشاركين تفاجئنا وتتخطّى التوقعات، بحيث بتنا نستقبل بين 80 و110 أشخاص يومياً. 70% منهم يميلون لقبض مستحقاته من الفرز فيما يقوم 30% بتركها للجمعية أو المركز.

حتى أننا نشهد مشاركات واسعة من الوسطين السياسي والفني وأوّلهم وزير البيئة ناصر ياسين والممثلة نادين نجيم ورولا شامية وغيرهم.

ماذا يوجد داخل مركز Drive Throw؟

يحتوي كل مركز على مكان لاستقبال النفايات وتجميعها ومحاسبة الزبائن، ويقوم بالعملية 3 أو 4 موظفين. لكن ما يميّز مراكزنا هو مكتبة خاصة أنشأتها دعماً للقراءة والثقافة، ملأتها بالكتب التي جمعتها من أكياس النفايات التي كانت تصلنا. وتقوم هذه المكتبة على مبدأ "كتاب بدل كتاب"، أي أن كل من يريد أخذ كتاب يجب أن يضع آخر مكانه.

الكتب المرمية للأسف كلها ذات قيمة عالية، أتذكّر واحداً من الأكثر مبيعاً حول العالم How to Win Friends and Influence People والذي أخذه وزير الصناعة جورج بوشيكيان.

كيف يتمّ تمويل المشروع؟

تمويل المشروع كان ولا يزال فردياً من رأسمالي الخاص ومردودات Lebanon Waste Management. كذلك خضعت وفريقي لتدريبات ودورات مكثفة مع Berytech حصلنا بفضلها على دعمٍ منها للمشروع.

هل حصلت على أي دعم من الجهات المسؤولة؟

تبنّى وزير البيئة الدكتور ناصر ياسين مشكوراً جزءاً من المشروع حيث سيقوم بتعميم موضوع الفرز على كل مناطق لبنان والبلديات في محاولةٍ لجعل العملية أسهل وأوسع.



مراحل معالجة النفايات




هل تأمل خيراً من مشروعك؟

حلمي أن يعي المسؤولون حجم الانفجار الذي نحن على مشارفه صحياً وبيئياً واجتماعياً، وأن يتحركوا ويضعوا ايديهم بأيدننا. آمل أن يدخل مبدأ فرز النفايات كل بلدة وقرية وبيت ويصبح جزءاً من مفهوم حياتنا اليومية. كما أتمنى أن يبقى لشبابنا ما يكفي من الحب والإيمان بهذا البلد ليستمروا في المحاولة بدل الهجرة.


MISS 3