دياب يهدّد الأوروبيين بالنازحين... "أردوغان ستايل"

"المالية" للوزراء: موازناتكم "حبر على ورق"!

02 : 00

جانب من الاعتصام في "مجمع فؤاد شهاب" أمس احتجاجاً على اعتداء مرافقي زياد أسود على الثوار (رمزي الحاج)

هي "أوراق التوت" تتساقط الورقة تلو الأخرى عن عورات السلطة المتهالكة، ليتكشف يوماً بعد آخر حجم الهريان الضارب في بنية الدولة وهشاشة بيت مالها الذي أضحى أوهن من "بيت العنكبوت" تحت وطأة استنزاف الخزينة العامة لصالح خزائن أرباب الحكم الذين نهشوا مقدرات اللبنانيين "فأكلوهم لحماً ورموهم عظماً" حتى وصلوا إلى ما هم عليه اليوم من بؤس وانهيار و"خراب بيوت" بكل ما للعبارة من مآسٍ يعيشها المواطنون يومياً في كل تفاصيل واقعهم المذل والمهين تحت مقصلة قطع الأرزاق. ولأنّ السحر بطبيعته ينقلب على الساحر، دارت الدوائر على المنظومة الحاكمة فضرب "الكابيتل كونترول" الدوائر الرسمية مكبلاً حركتها المالية وفارضاً عليها فرملة دورة مدفوعاتها.

وفي هذا الإطار، كشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ"نداء الوطن" أنّ وزارة المالية أبلغت في الآونة الأخيرة مختلف الوزراء وجوب وقف أذونات الصرف من موازنات وزاراتهم باعتبار الأرقام المرصودة فيها لم تعد أكثر من "حبر على ورق" ولا تقابلها الملاءة النقدية اللازمة في الخزينة العامة، مشيرةً إلى أنّ التراجع الحاد في إيرادات الدولة منذ الانتفاضة الشعبية أحد أهم الأسباب الذي أفرغ جيوب الدولة ودفعها مضطرةً إلى قوننة ما تبقى من مخزونها النقدي بشكل لا يتخطى مستوى تصريف الأعمال، وسط مخاوف حقيقية بدأت تفرض نفسها في الأذهان من قرب ملامسة "الخط الأحمر" الذي يحيط بمعاشات موظفي القطاع العام!

أمام هذا الواقع المخيف والسيناريوات المرعبة التي تقضّ مضاجع اللبنانيين، ثمة "بارقة أمل وطمأنينة" لاحت أمس في أفق الأزمة بعدما استنفر رئيس الحكومة حسان دياب وطلب تغيير اسم حكومته ليطلق عليها "حكومة مواجهة التحديات"! وإلى هذا "الإنجاز النوعي" الذي لا شك في كونه سيحتل صدارة كتاب "إنجازاتي" المرتقب صدوره عن دياب بعد انتهاء ولاية إقامته في السراي الكبير، تباهى رئيس الحكومة بإنجاز بيان وزاري توقع له أن يشكل مدرسةً للأجيال القادمة وقدوةً لمن سيخلفه و"نموذجاً للحكومات التي ستلي" حسبما قال خلال جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا أمس.

أما مضمون البيان، فكاد أن يُمهر بختم "طبق الأصل" نسخاً عن بيانات الحكومات السابقة لا سيما في شقه السياسي، ولولا أن انهالت الانتقادات لحكومة دياب بسبب تبنيها خطة كهرباء 2019، لما اضطرت إلى إدخال بعض التعديلات "التقنية" الطفيفة على الخطة أمس قبل إقرار البيان لإضفاء بعض التمايز فيها. في وقت وصفت مصادر اقتصادية لـ"نداء الوطن" حكومة دياب بأنها "حكومة البواخر" في إشارة إلى سلوكها خط الإمداد البحري نفسه للتغذية بالطاقة، موضحةً أنّ أجندة الحكومة الجديدة التي يجسدها البيان الوزاري لم تعطِ انطباعاً إصلاحياً إزاء عملية سدّ مزراب الهدر الأكبر الذي يمثله قطاع الكهرباء علماً أنّ هذا القطاع وكيفية التعاطي معه هما المعيار الأساسي في ميزان التقييم الدولي للعمل الإصلاحي المطلوب من الحكومة.

وما إن أقرّ البيان الوزاري الذي سيخضع لعملية تشريح نيابي – شعبي يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين خلال جلسة الثقة البرلمانية، حتى سارع رئيس الحكومة إلى إطلاق رحلة "الاستغاثة المالية" من دول الخارج باعتبارها مفتاح الحل والربط في عملية الإنقاذ الاقتصادي والنقدي في البلاد وكل ما تبقى من صيغ إنشائية ووعود وردية لا يعدو كونه أكثر من تفصيل لا يسمن ولا يغني اللبنانيين في زمن القحط الذي يمرون فيه. وعلى هذا الأساس، جاءت مناشدة دياب دول الاتحاد الأوروبي لمد يد "المساعدة العاجلة" إلى الدولة اللبنانية قائلاً أمام سفراء الاتحاد خلال اجتماعه بهم في السراي أمس: "لبنان يحتاج اليوم إلى مساعدة عاجلة على مختلف المستويات، في الكهرباء والأدوية والمواد الغذائية والمواد الأولية، وهو يوجه دعوة إلى الدول الأوروبية لفتح خط ائتمان ضروري لتأمين حاجات لبنان الذي ينتظر أن تبدأ مفاعيل مؤتمر سيدر بالترجمة سريعاً".

على أنّ كلمة دياب لم تخلُ من التلويح بسلاح النازحين السوريين أمام الأوروبيين، وهو ما استوقف أوساطاً ديبلوماسية غربية لاحظت في هذه الجزئية من الكلمة اقتباساً من "أردوغان ستايل" حسبما وصفتها لـ"نداء الوطن"، مشددةً على أنّ هذا الاقتباس غير مستحب أوروبياً لا سيما وأنّ هذا الأسلوب لم ينفع الرئيس التركي نفسه بحيث لم تجدِ كل تهديداته المتكررة "بإغراق الأوروبيين بأمواج النازحين" في ابتزاز دول الاتحاد الأوروبي. وكان دياب قد ربط أمام سفراء أوروبا حديثه عن الأزمة المالية والاقتصادية بمسألة النازحين السوريين قائلاً: "الوضع المالي والنقدي للبنان أصبح مقلقاً نتيجة عدة عوامل، أبرزها ضغط النزوح السوري (...) إنّ لبنان يتطلع إلى وقوف الدول الأوروبية الصديقة إلى جانبه في هذه الأزمة، وهو يعرف مدى حرص الدول الأوروبية على استقراره لأنّ أي اهتزاز في هذا الاستقرار ستكون له انعكاسات سلبية على أوروبا أيضاً".