جاد حداد

Woman of the Dead... مميّز على جميع المستويات

4 شباط 2023

02 : 00

بدأت شبكة «نتفلكس» تعرض مسلسل التشويق النمساوي الجديد Woman of the Dead (زوجة المقتول). هو يتألف من ست حلقات ويسهل أن يدمنه المشاهدون لدرجة أن يشاهدوه دفعةً واحدة. إنه أوّل مسلسل ممتاز في السنة الجديدة! يتكلم الممثلون باللغة الألمانية، لكن يبقى الانتقام المحرّك الأساسي للحبكة وتحمل لغة الانتقام طابعاً دولياً. تعجّ القصة بالمفاجآت والحوارات القوية منذ الحلقات الأولى. يستحقّ المسلسل المشاهدة لأنه مدهش على جميع المستويات، لا سيما الشخصية الرئيسية والممثلة التي تقدّم هذا الدور.

يموت عدد كبير من الناس في هذا المسلسل (أو بالأحرى يتعرّضون للقتل). تعمل بطلة القصة في مجال دفن الموتى، ويتماشى هذا الجانب مع عنوان المسلسل على أكمل وجه. هي مسؤولة عن معظم الجرائم المرتكبة لكن يستحق ضحاياها ما يصيبهم، بما يشبه قصة القاتل الشهير «دكستر مورغان».

كان العام 2022 قد انتهى بعرض مسلسل آخر عن الانتقام على شبكة «نتفلكس»، لكن يبدو أول عمل من هذا النوع في العام 2023 أسرع بكثير على مستوى إيقاع تنفيذ الانتقام. مع ذلك، يستحقّ المسلسل الكوري الجنوبي The Glory (المجد) على «نتفلكس» المشاهدة أيضاً، مع أن التخطيط لعملية الانتقام فيه يمتدّ على عقود قبل البدء بتنفيذه. في المقابل، تحصل جميع الأحداث في المسلسل الجديد خلال أسابيع.

كان جعل بطلة القصة متعهدة لدفن الموتى ومالكة قاعة لتنظيم الجنازات تفصيلاً لامعاً بمعنى الكلمة. يشبه هذا الجانب مسلسل الرعب النروجي Post-Mortem: No One Dies in Skarnes (ما بعد الوفاة: لا أحد يموت في سكارنس)، لكنه يخلو من التفاصيل الأخرى التي ميّزت ذلك العمل.

تتكلم بطلة القصة مع كل من يمرّ في طريقها وتستعمل تواصلها مع الآخرين كعلاج نفسي لها. سرعان ما يكشف المسلسل جوانب من الكوميديا السوداء.

تتمحور القصة حتى النهاية حول شخصية «بلوم» (آنا ماريا موهي). اسمها الكامل هو «برونهيلد بلوم»، لكن لا أحد يستعمل اسمها الأول. هي تملك مركزاً لتنظيم الجنازات في منطقة معروفة بمنتجع تزلّج هادئ، كما أنها أم لولدَين صغيرَين يتأثران لأقصى درجة بوفاة والدهما بطريقة عنيفة.

تشهد «بلوم» على الحادث المزعوم (إنه مشهد صاخب يسهل أن يزعزع المشاهدين)، ثم تدرك بعد فترة قصيرة أن ما أصاب زوجها لم يكن حادثاً بل إنه تعرّض للقتل لإخفاء أسرار مريعة كان يوشك على كشفها. لا تقدّم الشرطة مساعدة كبرى لكشف ملابسات القضية، مع أن زوجها الراحل كان ضابطاً في الشرطة.

يعني ذلك أن مسؤولية كشف ما حصل يقع على عاتقها وحدها. سرعان ما تطلق عملية ضخمة لأخذ انتقامها. عملياً، تُعتبر معظم نشاطات «بلوم» دفاعاً عن النفس. هي تكتشف أسراراً مريعة وتسارع إلى الدفاع عن نفسها حين تتعرّض للتهديد.

في مرحلة معينة، يتحوّل الصياد إلى فريسة، لكن يستخف كل من يتعرض للمطاردة بقدرات «بلوم» في البداية. على غرار القصص الكورية الجنوبية الشائعة، تكثر الشخصيات الشائبة والواقعية في هذا المسلسل، وينطبق ذلك على شخصية «بلوم» أيضاً، وتنعكس هذه الميزة إيجاباً على مستوى القصة عموماً.

تبدو «بلوم» في معظم الأوقات شخصية غير محبوبة، لا سيّما حين تنسى أهمية أن تقدّر قيمة من يهتمون بها أو تُهمِل ولدَيها مع أنهما خسرا والدهما أيضاً. لكنّ هذا الجانب بالذات يعطي شخصيتها لمسة واقعية تستحق الإشادة، فهي لا تشبه الشخصيات الانتقامية النموذجية التي نشاهدها في بعض أفلام الحركة أو الكتب الهزلية. تحمل القصة هذه المرة طابعاً مختلفاً.

تقدم الممثلة آنا ماريا موهي (شاركت سابقاً في مسلسل Dogs of Berlin (كلاب برلين) على «نتفلكس») أداءً قوياً ومؤثراً بدور «بلوم». هي ليست مثالية بأي شكل، لكنها لامعة وبغيضة وواقعية في جميع ردود أفعالها. قد لا يُقدِم معظم الناس على قتل الآخرين حين يواجهون المخاطر بل يحاولون البقاء على قيد الحياة بكل بساطة، لكن يجب أن يتذكر الجميع أن «بلوم» تتورط في رحلة انتقام صاخبة.

يتّسم جميع الممثلين الآخرين بقوة الأداء أيضاً، وإلا ما كان العمل ليعطي الأثر المنشود. هو يصيب الهدف في النهاية بفضل طاقمه التمثيلي، وعلى رأسهم يوسف سويد (من مسلسل Unorthodox (غير تقليدي)) بدور «ريزا»، مساعِد «بلوم» في دار تنظيم الجنازات، ورومينا كوبر بدور الشابة «دنيا» التي يهرّبها مجرمون إلى النمسا.


MISS 3