النجف تدفن قتلاها وعلاوي يُلوّح بالتنحّي

ثوّار العراق صامدون!

10 : 50

ثوّار "ساحة التحرير" في بغداد يرفعون شعارات متضامنة مع رفاقهم في النجف أمس (أ ف ب)

شيّع ثوّار "بلاد الرافدين" المناهضون للطبقة السياسيّة الحاكمة المدعومة من إيران، بالأمس، رفاقهم الذين قُتِلوا خلال "غزوة" أصحاب "القبعات الزرقاء" الموالين للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، لخيم اعتصامهم في النجف جنوب العراق، مؤكدين تصميمهم على الصمود في ثورتهم الهادفة إلى اسقاط النظام السياسي برمّته، ومقاومة بطش وقمع عناصر الميليشيات التي تدور في فلك النفوذ الإيراني.

ومنذ تغيير الصدر موقفه تجاه الثورة، وجّه أنصاره لقمع المتظاهرين وحرق خيم ساحات الاعتصام، فيما أكد المتظاهر محمد وهو طالب هندسة يتظاهر بشكل مستمرّ في "ساحة التحرير" وسط بغداد، لوكالة "فرانس برس" أنّ "الأقنعة سقطت في النجف". وبعد قتل المحتجّين، قال محمد إنّ "ما يجري بين المتظاهرين والصدريين أشبه بحوار الصمّ"، مضيفاً: "تعرّض المتظاهرون لعمليّات قتل بطلقات ناريّة وخطف واغتيالات، وتتعرّض معسكرات المحتجّين للهجوم في وضح النهار وتحت أعين قوّات الأمن... الفصائل المسلّحة تفعل ما تُريد لإنهاء الاحتجاجات".

وفي مدينة كربلاء الواقعة على بُعد 100 كلم جنوب بغداد، انطلقت تظاهرة مندّدة بـ"مجزرة النجف" وطالب المعتصمون القوّات الأمنيّة بحماية "ساحات الثورة" وحصر السلاح بيد الدولة، بينما اقتحم أتباع التيّار الصدري "ساحة التربية" وسط المدينة، وقاموا بالاعتداء على المتظاهرين واطلاق النار عليهم وتحطيم منصّة الاعتصام الرئيسيّة، ما أدّى إلى إصابة أكثر من 10 منهم. وذكرت قناة "السومريّة" أن القوّات الأمنيّة عادت لتفرض سيطرتها لاحقاً على الوضع قرب "ساحة التربية".

وفي الناصريّة التي نزل الثوّار للتظاهر فيها بكثافة، اعتبر عدنان ظافر الذي يُواصل احتجاجه منذ أشهر عدّة، أن الهجوم الذي وقع مساء الأربعاء بمثابة استمرار منطقي لأربعة أشهر من حملات القمع والتخويف التي يقوم بها "المهاجمون الذين لم تستطع الدولة حتّى الآن تحديد هويّتهم"، لكن الأمم المتحدة وصفتهم بـ"الميليشيات"، في وقت خرجت تظاهرة طلّابية في الديوانيّة مناهضة للصدر وهادي العامري، أحد كبار قيادات "الحشد الشعبي" الموالي لإيران، هتف المشاركون فيها: "لا مقتدى ولا هادي ، تبقى حرّة بلادي".

وفي "ساحة التحرير" وسط بغداد، حيث لا تزال تضجّ بالثوّار وهي التي تُعتبر بمثابة "عاصمة الثورة"، قالت الطالبة طيبة وهي تلف العلم العراقي حول كتفيها لـ"فرانس برس": "لقد اعتدنا على ذلك، لكنّنا أكثر تصميماً من قبل... كان الطلاب يخرجون مرّة في الأسبوع للتظاهر والآن أصبحوا ينزلون إلى الساحات ثلاث مرّات".

وكان لافتاً بالأمس، مقتل الشيخ حازم الحلفي، القيادي في تنظيم "سرايا السلام" التابع للصدر، على يد مسلّحين مجهولين في مدينة البصرة، بحسب ما أوردت مصادر أمنيّة عراقيّة.

وبعد حادثة النجف الدمويّة التي أسفرت عن مقتل نحو سبعة متظاهرين، ألمح رئيس الوزراء المكلّف محمد علاوي إلى "التنحّي" في حال استمرار العنف ضدّ المعتصمين. وقال إنّ "الممارسات هذه تضعنا في زاويةٍ حرجة، لا يُمكن حينها الاستمرار بالمهمّة الموكلة إلينا مع استمرار ما يتعرّض له الشباب". وأضاف علاوي، الذي تعهّد بأن يكون فتح التحقيقات في الحادثة من أولويّات الحكومة المقبلة: "لم نأتِ إلى هذه المهمّة الوطنيّة إلّا من أجل بناء ما تهدّم، وليس من الأخلاقي القبول بتصدّر المشهد، وتسنّم المهمّة، بينما يتعرّض أبناؤنا لما نعرفه من ممارسات تُدمي القلب والضمير".

ووعد علاوي مجموعات من ممثلي الثوّار الذين التقاهم في الأيّام الأخيرة، باختيار وزير أو اثنين منهم. لكن إلى أن تحصل حكومته على ثقة البرلمان، فإنّ علاوي غير مخوّل اتخاذ أي قرار، وحكومة عادل عبد المهدي المستقيلة لا تزال هي المسؤولة عن تصريف الشؤون الحاليّة.

كما دانت سفارة الولايات المتحدة في بغداد بشدّة الهجوم "الوحشي" في النجف. وقالت السفارة في بيان: "من المؤسف أنّه لا يزال يُسمح للجماعات المسلّحة بانتهاك سيادة القانون في العراق مع الإفلات من العقاب ضدّ المواطنين السلميين الذين يُمارسون حقهم الديموقراطي في حرّية التعبير".


MISS 3