رفيق خوري

حراس الأزمة ساهرون على تزوير الحل

8 شباط 2020

01 : 50

لا بأس في اللجوء إلى المثل القائل إن الإنتظار أفضل مستشار. وليس غريبًا أن يتمترس الكل في الداخل والخارج خلف موقف تقليدي: إنتظار الأفعال، لا الأقوال، للحكم على حكومة الرئيس حسان دياب. الغريب هو تجاوز ما في الأقوال نفسها، وتجاهل كون الحكم على الحكومة هذه المرة هو حكم على حاضر لبنان ومستقبله. والأغرب هو الرهان على النظرية القائلة إن مصلحة المجتمع الدولي تدفعه إلى الحرص على عدم إنهيار لبنان، أكثر من الرهان على ما نقوم به نحن لوقف الإنهيار.

ذلك أن حراس الأزمة ليسوا متفرجين على محاولات الخروج منها. فهم الرابحون فيها على حساب الشعب الخاسر والذين كدسوا الثروات بإفقار لبنان. وهم يمسكون باللعبة، بحيث يقوم البحث عن حل على تغطية أسباب الأزمة وحماية مصالح النافذين في السلطة وخارجها. وإذا كان البيان الوزاري هو البرنامج الإنقاذي للحكومة، فإن المشكلة مزدوجة: البرنامج ناقص وملتبس في النقاط الحساسة والملحة مثل الكهرباء، بمقدار ما هو فضفاض وعام، مع "أن الحقيقة المطلقة تكمن في التفاصيل" كما قال الفيلسوف سبينوزا. وأداة التنفيذ ليست حرة في العمل خارج مصالح الذين جاؤوا بها، وإن كانت تحت مجهر المراقبة المحلية والعربية والدولية.

والمشكلة الأكبر هي "تصحير" الحياة السياسية، وسط فائض الثرثرة السياسية. فلا شيء يختصر السياسة في وضعنا أكثر من أمرين: أولهما انتظار ما يقوله الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطبه. وثانيهما ملاحقة تحركات السفراء ومن يزورون وبماذا يهمسون وماذا يقولون في العلن. حتى كلام المسؤولين فإنه يبدو، كأنه يبدو محاولات للتملص من المسؤولية. أبسط ما يقوله حراس الأزمة النقدية والمالية هو أننا وصلنا إلى نهاية نموذج مصرفي ونحتاج إلى نموذج مختلف. وأقل ما يقوله أهل الأزمة الإقتصادية هو أننا نشهد "سقوط نموذج إقتصادي".

ولا شيء يوحي أن التغيير الجذري والبنيوي للسياسات النقدية والمالية والإقتصادية هو على جدول الأعمال. فهو تغيير يمس مصالح النافذين، ويستحيل الوصول إليه من دون التسليم بسقوط النموذج السياسي وضرورة التغيير السياسي الشامل. وليس أمرًا قليل الدلالات على حالنا أن يطالبنا بالتغيير الجذري الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش القائل: "إن لبنان يواجه أزمة سياسية معقدة وأزمة إقتصادية ومالية صعبة جدًا، ويحتاج إلى إصلاح عميق لآليات العمل السياسي، ووجود دولة ليس لها رؤية طائفية في تكوينها".

ولا مهرب من أن نأمل. و"الأمل فطور جيد، لكنه عشاء فقير" كما يقول مثل أميركي.


MISS 3