تركيا تُعلن "حال الطوارئ"... وتنسيق دولي - عربي لمساعدة السوريين

"سباق مع الزمن": 23 مليون متضرّر وجسور جوية لإغاثة المنكوبين

02 : 00

خلال إنقاذ رجل عالق تحت الأنقاض في هاتاي أمس (أ ف ب)

يُسابق عمّال الإنقاذ الوقت في المناطق المنكوبة في تركيا وسوريا، حيث درجات الحرارة متدنية والطقس شديد البرودة، لانتشال الناجين العالقين تحت الأنقاض، خصوصاً أن كثيرين بينهم قد يكونون مصابين بجروح بالغة ولا قوّة لهم حتّى على الصراخ لطلب النجدة، بينما يتصاعد عدّاد القتلى بشكل مرعب ليبلغ العدد الإجمالي مساء أمس أكثر من 7300 قتيل في البلدَين.

ويعرقل سوء الأحوال الجوية مهمّة فرق الإنقاذ ويزيد من معاناة الناجين الذين يُعانون البرد تحت الخيام التي نُصبت في المناطق المنكوبة، فيما يصعب الوصول إلى منطقة كهرمان مرعش المنكوبة في جنوب شرق تركيا بسبب تراكم الثلوج، التي تحوّلت إلى عدوّ للسكان، الأمر الذي دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إعلان "حال الطوارئ" لمدّة 3 أشهر في 10 محافظات في جنوب شرق البلاد.

وإذ أوضح أردوغان أنّه "قرّرنا إعلان حال الطوارئ لضمان تنفيذ أعمال الإغاثة بسرعة"، كشف أن فرق الإنقاذ التي أُرسلت إلى المناطق المتضرّرة يتجاوز عددها 53 ألف شخص، مطالباً رجال الأعمال بالتبرّع لجهود الإنقاذ. كما أشار إلى أن 45 دولة عرضت المساعدة، في وقت أعلن فيه الاتحاد الأوروبي أن 19 دولة عضو بينها فرنسا وألمانيا واليونان، أرسلت إلى تركيا 1185 مسعفاً و79 كلباً للمساعدة في عمليات البحث.

أمّا في سوريا، فالاتحاد يتواصل مع شركائه في المجال الإنساني ويُموّل عمليات الإغاثة. وسبق أن أعلنت واشنطن أنها أرسلت فريقَي إنقاذ إلى تركيا، اللذَين سيصلان صباح اليوم وسيتوجهان إلى مدينة أديامان، حيث كانت جهود البحث محدودة حتى الآن، بينما تعمل الولايات المتحدة مع شركاء لها في سوريا لتقديم المساعدة للمنكوبين جرّاء الزلزال، على الرغم من أنها لا تعترف بالنظام السوري.

ونُشر في تركيا أكثر من 1400 عنصر من أجهزة طوارئ أكثر من 20 دولة شريكة في "حلف شمال الأطلسي"، بينها فنلندا والسويد. وقدّمت هذه الدول خصوصاً فرق بحث وإنقاذ. ويُقدّم الدعم بواسطة المركز الأوروبي الأطلسي لتنسيق الاستجابة للكوارث التابع للحلف.

وفي السياق، وجّهت القيادة السعودية بتقديم الدعم والمساعدة لتركيا وسوريا في أزمة الزلزال، من خلال بعث فرق إنقاذ وتسيير جسر جوي إغاثي يشمل مساعدات طبية وإنسانية بصورة عاجلة، مؤكدةً وقوفها وتضامنها مع البلدَين الشقيقَين في هذا الظرف الإنساني. وبحسب التوجيه، يقوم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بتسيير جسر جوي وتقديم مساعدات صحية وإيوائية وغذائية ولوجستية لتخفيف آثار الزلزال على الشعبَين السوري والتركي، وتنظيم حملة شعبية عبر منصة "ساهم" لمساعدة الضحايا.

كذلك الأمر بالنسبة للإمارات التي أرسلت فرق بحث وإنقاذ و"مساعدات طارئة" إلى سوريا. وأعلنت تخصيص مساعدات إنسانية بقيمة 100 مليون دولار مناصفة بين سوريا وتركيا، في حين أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمرّة الأولى اتصالاً بنظيره السوري بشار الأسد، لتقديم العزاء في ضحايا الزلزال.

وأكد السيسي، بحسب بيان الرئاسة المصرية، "تضامن مصر مع سوريا وشعبها الشقيق... وتقديم كافة أوجه العون والمساعدة الإغاثية الممكنة". كما أفاد بيان من الرئاسة السورية بأن الأسد "تقدّم بالشكر على هذا الموقف من مصر والذي يُعبّر عن العلاقات الأخوية التي تربط البلدَين والشعبَين الشقيقَين". كذلك، اتّصل السيسي بأردوغان للهدف عينه.

توازياً، كشفت منظمة الصحة العالمية أن عدد المتضرّرين بالزلزال قد يصل إلى 23 مليوناً. وقالت المسؤولة في المنظمة اديلهايد مارشانغ أمام اللجنة التنفيذية للوكالة التابعة للأمم المتحدة: "تُظهر خريطة الأحداث أن عدد الذين يحتمل أن يكونوا قد تأثروا (بالزلزال) يبلغ 23 مليوناً، بينهم نحو 5 ملايين في وضع ضعف"، مشيرةً إلى أن منظمة الصحة العالمية "تُدرك قدرة تركيا القوية على الاستجابة وتعتبر أن الاحتياجات الرئيسية التي لم تُلبَّ قد تكون في سوريا على المدى القريب والمتوسط".

ودعا المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس الذي وقف إلى جانب مارشانغ، أوّلاً إلى التزام دقيقة صمت حداداً على ضحايا الزلزال. ثمّ قال: "سنعمل بتعاون وثيق مع جميع الشركاء لدعم السلطات في تركيا وسوريا في الساعات والأيام الحاسمة المقبلة، وكذلك في الأشهر والسنوات المقبلة، على طريق تعافي البلدَين فيما يُعيدان البناء". وأعلن إرسال "ثلاث طائرات إلى البلدَين" حاملة معدّات طبية، بما فيها معدّات لإجراء جراحات، من منصّة الخدمات اللوجستية الإنسانية في دبي.

وفي الأثناء، حذّرت الأمم المتحدة من أن نقل المساعدات من تركيا إلى المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في سوريا من خلال نقطة العبور الوحيدة المسموحة تأثرت جرّاء الزلزال. وأوضح المتحدّث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن معبر باب الهوى نفسه لم يتضرّر، مؤكداً مواصلة استخدام معبر باب الهوى "لأنّ منصّة إعادة الشحن في الواقع سليمة"، مضيفاً: "لكن الطريق المؤدية إلى المعبر تضرّرت، ما يؤثر موَقتاً على قدراتنا لاستخدام المعبر كلّياً".

من جهته، أوضح المتحدّث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ينس لاركي أن الزلزال دمّر طرقات في تركيا وأثّر على موظّفي الأمم المتحدة المحلّيين والدوليين وشركائهم وسائقي الشاحنات الذين ينقلون المساعدات. وقال: "يبحثون عن عائلاتهم تحت الأنقاض. لذلك تأثرنا نحن أيضاً كما هي حال الجميع"، و"كان لذلك أثر مباشر على العملية (عبر الحدود)".

وطالب "الهلال الأحمر السوري" الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات عن بلاده وتقديم مساعدات، فيما رأى مراقبون الطلب بمثابة استغلال من قبل النظام السوري للفاجعة التي طالت سكّان المناطق المتضرّرة واستثماراً سياسيّاً للزلزال المدمّر. وقال رئيس المنظمة خالد حبوباتي خلال مؤتمر صحافي عقده في دمشق: "أناشد جميع بلدان الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا"، مضيفاً: "آن الآوان بعد هذا الزلزال" لفعل ذلك. وتابع: "رجاءً، أوقفوا وارفعوا العقوبات الاقتصادية". كما ناشد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أن "تُقدّم في ظلّ الوضع الصعب الذي نعيشه مساعدات إلى الشعب السوري".