ريتا ابراهيم فريد

أطلّت بدور الممرّضة في مسلسل "ضوي يا نجوم"

ألين شمعون: أمام ابتسامة الأطفال المرضى تتغيّر نظرتنا الى الحياة

16 كانون الثاني 2023

02 : 01

مشهد من المسلسل
شخصية موهوبة أحبّها المشاهدون، وتعلّق الأطفال بها. جسّدت دوراً صعباً، حيث أنّ معظم مشاهدها أدّتها في المستشفى، وكانت على احتكاك بالأطفال الذين يعانون من مرض السرطان. عفوية وخفيفة الظلّ، وفي الوقت نفسه متماسكة وقوية. "نداء الوطن" تواصلت مع الممثلة والإعلامية ألين شمعون التي ظهرت بدور الممرّضة سينتيا في مسلسل "ضوي يا نجوم" (من كتابة ديديه فرح وإخراج داني جبور)، والتي تركت شخصيّتها انطباعاً لافتاً، وتمنّى كثيرون أن يلتقوا بممرّضة مثل سينتيا في الواقع، فشكّل دورها أحد العناصر الأساسية التي ساهمت في نجاح المسلسل، الذي كان بالفعل رسالة أكثر من كونه عملاً تلفزيونياً.

حين نقف وجهاً لوجه أمام المرض، عاجزين أمام طفل ينتظر تأمين علاجه، سنعود حتماً الى إنسانيتنا بشكلٍ أعمق. على صعيد شخصي، ماذا تغيّر داخل ألين شمعون بعد هذه التجربة؟

حين تواصلت معي ديديه وأخبرتني عن مسلسلها الجديد الذي يتمحور حول أطفال يعانون من مرض السرطان، شعرتُ فوراً بأنّه سيكون عملاً رائعاً. وقبل أن أعرف أي تفاصيل عن القصة، أحسستُ أني بحاجة الى هذا المسلسل ليغيّر في داخلي شيئاً ما في ظلّ الظروف الصعبة التي نمرّ بها، حيث فقدنا القدرة على الفرح وبتنا نشعر أنّنا نقف مكاننا. وعلى صعيد شخصي، دوري في المسلسل صالحني مع فكرة مرض السرطان الذي خسرتُ بسببه عدداً من الأحبّاء، وكنتُ في السابق أتجنّب هذا الموضوع وأقفل عليه. لكنّي أجبرتُ نفسي في المسلسل على التعاطي مع فكرة المرض حتّى تخطّيتُها وتصالحتُ معها. إضافة الى ذلك، نحن أحياناً نشكو من بعض الأمور المزعجة، لكنّ رؤيتنا لأطفالٍ يعانون من مرض السرطان، ويشعرون بالفرح رغم أوجاعهم وعذاباتهم، هو أمر يلمسنا في أعماقنا، ويدفعنا الى مراجعة نظرتنا الى الحياة.

صوّرتِ معظم مشاهدك في المستشفى مع الأطفال، وعاينت المرضى منهم عن قرب. هل من موقف ما طبع في داخلك أثراً لافتاً؟

ظهرتُ في المشهد الأوّل من المسلسل مع كايت التي تجسّد دور طفلة مريضة، وكنتُ الى جانبها قبل أن تغادر الحياة بدقائق، ولم يكن باستطاعتي أن أخبرها ذلك. هذا المشهد أثّر بي كثيراً. وحين شاهدتُه مع أصدقائي أثناء عرض المسلسل، انهرتُ بالبكاء! ثمّ تذكّرتُ بعد ذلك أنّني ممثّلة في هذا العمل، فلماذا أبكي؟ (ضاحكة). بعض الأطفال الذين شاركوا معنا في المسلسل هم بالفعل مرضى. ورغم أوجاعهم والأمصال المؤلمة في أيديهم، كانوا يأتون للتصوير بكلّ فرح من دون أن يشكوا من التعب، علماً أنّهم أحياناً صوّروا لأكثر من 5 ساعات متواصلة. وكانوا يجلسون بانتظار تأدية دورهم وهم يبتسمون. ذلك يعيد تذكيرنا بمدى بساطة الحياة.

لم يكن دورك سهلاً. أجواء التصوير قاسية في المستشفى، بين رائحة المعقّمات والأمصال والإبر. لكنّك جسّدتِ الدور باحترافية حتى ظنّ البعض أنك بالفعل ممرّضة. أيّ صعوبات واجهتِ وكيف تخطّيتها؟

أنا أخاف كثيراً من الحقنة ومن رؤية الدماء. ولديّ ذكريات قاسية مع المستشفى. بالتالي كان الأمر شديد الصعوبة بالنسبة لي، إذ عليّ أن أمسك الحقنة بيدي، وأن أتعامل مع المصل من دون أن يُغمى عليّ. لكنّي تذكّرتُ أنّ الممرّضات يقمن بذلك يومياً، ويسهرن طوال الليل أحياناً في إطار عملهنّ. لذلك، عليّ أنا أيضاً أن أقوم بعملي. فتمرّنتُ كثيراً على ذلك، وطوال فترة التصوير لعبتُ دور الممرّضة حتى في المنزل. وتماهيتُ مع الشخصية لدرجة أنّني كنتُ أجهّز حقيبتي بأدوية للصداع أو للحنجرة، وأعطيها للممثلين أو لفريق العمل إذا شعر أحدهم بالألم، تماماً كما لو كنتُ ممرّضة. وهُنا تظهر أهمية الممثّل الذي يعمل على تطوير نفسه ومتابعة أبسط التفاصيل كي يندمج في الشخصية التي يؤدّيها.

أثناء التيليتون ظهرتِ مباشرة على الهواء الى جانب الطفلة غالينا التي تعاني من السرطان. كيف تصفين شعورك في تلك اللحظة بالذات؟

كنتُ قد أمضيتُ أسبوعاً كاملاً أفكّر بما يمكنني أن أقوله لها. شعرتُ بالقلق من إحساسي وأنا في طريقي لمقابلة طفلة تعاني من مرض السرطان. لكن حين وصلتُ الى المستشفى قبل أن يبدأ التصوير، دخلتُ الى غرفتها كي نتساير قليلاً. في سياق الحديث اكتشفتُ كم هي قوية، وكم هي متصالحة مع نفسها. أخبرتني أنّها تتألّم وتحزن وتضعف بلا شكّ، وأنّها تسأل الله لماذا يحدث ذلك معها. لكنّها سرعان ما تشعر فجأة بالقوة. وتحدّثت عن إيمانها الكبير وعن حبّها للقديسة رفقا. وحين سألتُها عن أفضل شخصية في المسلسل أجابت فوراً: الممرّضة سينتيا. وأخبرتني بأنّ هذه الشخصية ذكّرتها بإحدى الممرّضات التي كانت في المستشفى ثم هاجرت. وحين رأتني تأثّرت كثيراً، لأنّ تلك الممرّضة كانت تدخل لتخبرها القصص، تماماً كما تفعل "سينتيا" في مسلسل "ضوّي يا نجوم". بالفعل، أعطتني غالينا الكثير من القوة في تلك اللحظة، وأصبحنا صديقتين.




ألين مع لمى لاوند وبياريت القطريب


من خلال هذا العمل، كيف لمستِ أهمية الدراما في تسليط الضوء على المشاكل الإجتماعية والحياتية؟

للدراما أهمية كبرى خصوصاً في أيامنا هذه. هناك مسلسلات وأفلام لبنانية عدّة تركت أثرها في المجتمع. مسلسل "بالقلب" لطارق سويد مثلاً، الذي تناول فيه مسألة الرصاص الطائش ووهب الأعضاء، والذي دفع بعدد كبير من المُشاهدين الى التوصية بالتبرّع بأعضائهم، كما فعلنا جميعاً في فريق العمل. كذلك فيلم "غدي" لجورج خباز عن ذوي الاحتياجات الخاصة، الذي غيّر نظرة قسم كبير من المجتمع تجاههم.

بالعودة الى مسلسل "ضوي يا نجوم"، الكلّ يعلم أنّ هناك أطفالاً مرضى. لكنّ الأغلبية لم تكن على علم بالمبالغ الطائلة التي يحتاجونها للعلاج، إضافة الى صعوبة تأمين الدواء. ورغم أنّ المسلسل كان قاسياً وأبكى الجميع، لكنّه يعكس الواقع الذي نعيش فيه، فهو يجسّد قصّة حقيقية، وكان من الضروري تسليط الضوء على هذا الواقع. أحبّ أن أشير هُنا الى أنّ بعض الأهالي تواصلوا معي وأخبروني أنّ أطفالهم تأثّروا وطلبوا أن يتبرّعوا للأطفال المرضى. كان ذلك برأيي الرسالة الأجمل التي وصلت من خلال هذا العمل.



ألين مع بياريت القطريب وإليز فرح باسيل



أنت إعلامية وتقدمين برنامجاً صباحياً يومياً، تتناولين فيه مواضيع صحية وإجتماعية وتتحدثين عن النجاح والأمل. هل من رسالة للشباب اللبناني الذي يقف اليوم على حافة اليأس؟

حين بدأتُ بتقديم هذا البرنامج، وحين دخلتُ الى مجالي التصوير والتمثيل، كنتُ على يقين بأهمية المبادرة وإصرار الإنسان على القيام بما يحبّ، لا أن ينتظر الظروف كي تتحسّن أو يتّكل على الآخرين أو على أيّ عناصر خارجية.

فليكن لوطننا الأولوية. هذا الوطن الذي وهبنا طبيعة رائعة ومناخاً مميّزاً، من واجبنا أن نقدّره وأن نشكّل إضافة له في ما نقوم به مهما كانت مهنتنا. وحين نسعى الى تطوير أنفسنا، تلقائياً سنحدث فرقاً كبيراً. المهمّ ألّا نستسلم أبداً.


MISS 3