"السكر الاصطناعي" يؤثّر على أيضك!

16 : 00

يدعو الباحثون إلى استهلاك السكريات باعتدال، بغض النظر عن عدد السعرات الحرارية فيها، فقد كشفت دراسة جديدة أثر مواد التحلية الاصطناعية على الأيض وطريقة التحكم بالغلوكوز.نسمع في الفترة الأخيرة كلاماً كثيراً في وسائل الإعلام عن مخاطر استهلاك السكر. من المعروف أن السكر المضاف يزيد خطر البدانة وأمراض القلب والأوعية الدموية والنوع الثاني من السكري، ولا ننسى الإدمان الذي يسببه في الدماغ أحياناً.

لهذا السبب، يلجأ الكثيرون إلى مواد تحلية قليلة السعرات في محاولةٍ منهم لتجنب السكر. تكون مواد التحلية الاصطناعية حلوة المذاق من دون أن تسبب أي آثار جانبية، لذا يعتبرها البعض "حيلة" صحية ومُرحّباً بها.

جرى البحث الجديد تحت إشراف مارتا يانينا بيبينو، أستاذة في علم الغذاء والتغذية البشرية في جامعة "إلينوي"، شيكاغو، ونُشِر تقرير عنه في مجلة "المغذيات".قررت بيبينو وزملاؤها اختبار الفرضية القائلة إن السكرالوز (أي مادة التحلية الاصطناعية الموجودة في سكريات قليلة السعرات الحرارية) قد يؤثر على الاستجابة الأيضية لدى أصحاب الوزن المعتدل والمصابين بالبدانة بطرقٍ مختلفة.لاختبار هذه الفرضية، طلب الباحثون من 21 مشاركاً (10 من أصحاب الوزن الطبيعي و11 بديناً) الخضوع لاختبارات تحمّل الغلوكوز عن طريق الفم بعد استهلاك الغلوكوز والسكرالوز. لم يكن أيٌّ من المشاركين مصاباً بمرض السكري وما كانوا يستهلكون مواد التحلية الاصطناعية بانتظام. في البداية، خضع المشاركون للاختبار بعد شرب مياه مقطّرة.

وبعد مرور أسبوع، خضعوا للاختبار مجدداً بعد استهلاك المياه مع 48 غراماً من السكرالوز فيها (أي ما يساوي عبوة عادية من المشروبات الغازية)، ثم خضعوا أخيراً لاختبار ثالث حين تذوقوا الكمية نفسها من السكرالوز طوال 5 ثوانٍ من دون أن يبتلعوه.خضع المشاركون أيضاً لاختبار تحمّل الغلوكوز عن طريق الفم بعد شرب محلول يحتوي على 75 غراماً من الغلوكوز، واستهلكوا الغلوكوز بعد 10 دقائق على تلقي أحد العناصر الثلاثة الآنف ذكرها.

جمع الباحثون عينات دم من المشاركين قبل 40 و30 و20 دقيقة وقبل 10 و8 و6 و4 دقائق ودقيقتين على استهلاك الغلوكوز، ثم فور استهلاكه أو بعده بـ10 و20 و30 و40 و50 و60 دقيقة، ثم كل 20 دقيقة طوال أربع ساعات إضافية لتحليل طريقة تجاوب الجسم مع الغلوكوز.حلـــل العلماء مسـتويات السكرالوز والأنسولـين والغلوكوز والببتيـــد "سي" في دم المشاركين. في ما يخص أصحــاب الوزن الطبيعي، يذكر تقرير الباحثين أن ابتلاع السكرالوز أدى إلى زيادة بسيطة في مستويات الأنسولين خلال الساعة الأولى وزيادة في حساسية الأنسولين بنسبة 50% تقريباً.لكن حين ابتلع البدينون مادة التحلية، ارتفعت مستويات الأنسولين لديهم بدرجة فائقة مقارنةً بما حصل حين شربوا المياه المقطرة أو اكتفوا بتذوق مادة التحلية.توضح بيبينو: "يتجاوب الأنسولين مع تذوق السكرالوز أو ابتلاعه بالطريقة نفسها لدى أصحاب الوزن الطبيعي، لكن تختلف تلك الاستجابات بشدة لدى البدينين. لذا نفترض أن جزءاً من آثار السكرالوز بعد استهلاكه قد لا ينشأ إلا لدى البدينين".

لكن تلفت الباحثة إلى اختلاف البنى الكيماوية بحسب أصناف مواد التحلية، لذا قد لا تنطبق نتائج هذه الدراسة، في ما يخص الآثار المُسجّلة بعد الاستهلاك، إلا على السكرالوز. في المقابل، يمكن تعميم أثر المذاق الحلو وحده. وعلى عكس ما توقّعه الباحثون، كان لافتاً أن يترافق مجرّد تذوق مادة التحلية مع أثر أيضي أيضاً.

تقول بيبينو: "في المجموعتَين معاً، أي أصحاب الوزن الطبيعي والبدينون، رصدنا تراجعاً في استجابة الأنسولين تجاه اختبار تحمّل الغلوكوز حين اكتفى المشاركون بتذوق السكريات قبل شرب محلول الغلوكوز. لقد فاجأتنا هذه النتيجة كثيراً، لذا نحرص على متابعتها في دراسة جديدة الآن. أهم ما نستطيع استنتاجه هو أن المذاق الحلو بحد ذاته قد يؤثر على أيض الكربوهيدرات ومسار التحكم بالغلوكوز".

مع ذلك، يعترف الباحثون بحدود نتائجهم: "تكشف بياناتنا عن وجود آليات لا نفهمها بوضوح حول طريقة تنظيم الغلوكوز داخل الجسم والآثار الأيضية المحتملة لتذوق السكريات، بعيداً عن المتعة التي توفرها هذه التجربة". في مطلق الأحوال، يشدد الباحثون على أهمية استهلاك الحلويات باعتدال.تختم بيبينو قائلة: "صحيح أن العينة السكانية في دراستنا كانت صغيرة، لكن تضاف نتائجها إلى مجموعة الأدلة التي تدعو إلى استهلاك السكريات باعتدال، بغض النظر عن عدد السعرات الحرارية".