الذكاء الاصطناعي... بديل عن اختبار سكّر الدم بوخز الإصبع؟

15 : 33

يكشف بحث جديد أن الذكاء الاصطناعي قد يصبح بديلاً عن اختبار الغلوكوز الغازي يوماً. إذا نجحت التقنية الحديثة، سيستفيد مرضى السكري تحديداً من هذا التطور.

تذكر تقارير إعلامية جديدة أن تقدّم الذكاء الاصطناعي بدأ يتباطأ. مع ذلك، يتابع المبتكرون في هذا المجال تصميم تقنيات متطورة تَعِد بتسهيل حياة جميع الناس في أحد الأيام.

تسمح تقنيات عاملة بالذكاء الاصطناعي بتحسين العلاجات التي تستهدف مشاكل صحية محددة. طوّر العلماء في الفترة الأخيرة مثلاً نظاماً يستطيع رصد اضطراب نقص سكر الدم. يأمل الباحثون في أن يساعد هذا النوع من الذكاء الاصطناعي المرضى على قياس مستويات الغلوكوز في دمهم، من دون الحاجة إلى طريقة غازية مثل اختبار وخز الإصبع. في حالات كثيرة، يتطلب قياس غلوكوز الدم وخز الإصبع بإبرة متّصلة بجهاز. ثم تخضع عيّنة الدم المأخوذة للتحليل عبر نظام مراقبة الغلوكوز المستمر الذي يحتاج إلى إعادة الضبط مرتين في اليوم على الأقل. قد تكون هذه العملية صعبة ومزعجة وغير مناسبة، لا سيما مع الأولاد وكل من يحتاج إلى فحص دمه في منتصف الليل. لهذا السبب، يعجز البعض عن قياس معدلاته بشكلٍ متكرر أو بالدقة المطلوبة. يريد المشرفون على الدراسة الأخيرة إيجاد طريقة غير غازية لتحسين معدلات الالتزام بالفحص لدى من يحتاجون إلى مراقبة مستويات الغلوكوز عن قرب، على غرار مرضى السكري.تطورت التقنية الجديدة العاملة بالذكاء الاصطناعي في جامعة "وارويك"، بريطانيا، وهي تستطيع رصد نقص سكر الدم استناداً إلى إشارات تخطيط القلب الكهربائي.

أثبت العلماء في دراستهم أن هذه التقنية الجديدة تكون دقيقة في 82% من المرات، وهي نسبة شبيهة بأنظمة مراقبة الغلوكوز المستمر المستعملة راهناً. يوضح الدكتور لياندرو بيكيا، أستاذ مساعِد في الهندسة الطبية الحيوية في جامعة "وارويك": "يقضي ابتكارنا باستعمال الذكاء الاصطناعي لرصد حالات نقص سكر الدم آلياً عن طريق عدد صغير من النبضات التي يسجلها تخطيط القلب الكهربائي. إنه تطور مهم لأن هذه النبضات يمكن رصدها في أي ظروف، حتى خلال النوم".


كيف يعمل النظام الجديد؟


يؤثر نقص سكر الدم على المعطيات الفيزيولوجية الكهربائية للقلب. وبما أن آثاره تختلف قليلاً بين فرد وآخر، يسمح نظام الذكاء الاصطناعي بمراقبة مستويات الغلوكوز بطريقة شخصية جداً.في دراسة تجريبية حديثة، إستعمل الباحثون الذكاء الاصطناعي لرصد نقص سكر الدم بطريقة آلية خلال الليل استناداً إلى بعض إشارات نبضات القلب التي يسجلها جهاز قابل للارتداء. شملت الدراسة أشخاصاً أصحاء، وراقبهم العلماء على مدار الساعة، طوال 14 يوماً متلاحقاً. كانت هذه الدراسة استثنائية لأن العلماء راقبوا مستويات الغلوكوز لدى المشاركين فردياً، بينما كانت التجارب السابقة تُحلل نتائج المشاركين جماعياً. يظن الباحثون أن مقاربتهم الجديدة تكشف التنوع الواضح في إشارات تخطيط القلب الكهربائي لدى الأفراد، علماً أن التجارب السابقة لم تكن تستطيع رصد الاختلافات بدقة.


نظام إنذار في الوقت الحقيقي


تطرح التسجيلات الشبيهة بالموجات على آلة تخطيط القلب الكهربائي صورة مفصّلة عن أداء القلب: يقدم كل جزء من الموجة معلومة عن عوامل قلبية محددة مثل ضربات القلب.

طوّر الباحثون في الدراسة الأخيرة طريقة لمعرفة أي جزء من موجات تخطيط القلب يرتبط بنقص سكر الدم. قد يُمهّد هذا الابتكار لنشوء نظام إنذار في الوقت الحقيقي لتنبيه الفرد إلى تغيّر مستويات السكر في دمه بطريقة جذرية. يسمح هذا الإنذار المبكر بتقصير مدة نقص سكر الدم الذي يطرح خطورة كبيرة أحياناً، لا سيما لدى مرضى السكري. هذه الطريقة الجديدة هي جزء من نماذج الطب الدقيق التي تستطيع تحسين مسار التحكم بمرض السكري. لن تصبح هذه التقنية متاحة لعامة الناس قبل مرور فترة من الزمن، لكن تبدو النتائج الأولية واعدة.

أصبح الذكاء الاصطناعي محط جدل منذ ظهوره. تُذكّرنا تقنيات معينة بمضمون كتاب 1984 لجورج أورويل، لكنها قد تُمهّد فعلياً لنشوء عالمٍ حيث تصبح الابتكارات التكنولوجية أدوات تكميلية للطب لتحسين حياة ملايين الناس.إذا نجحت هذه التكنولوجيا التي خضعت للاختبار في الدراسة الأخيرة، قد تسمح بتوسيع نطاق استعمال الذكاء الاصطناعي وفحص الفيزيولوجيا الكهربائية للقلب. حتى أنها قد تُستعمل للتحكم بمجموعة متنوعة من الاضطرابات الناجمة عن تغيّر الدم بدقة شخصية عالية.


MISS 3