سيلفانا أبي رميا

يدرس مشروعاً جديداً مع MTV

الأب إيلي خنيصر: نشرات الطقس عبر الشاشات والتطبيقات مليئة بالتضليل

18 شباط 2023

02 : 01

لم تمنعه حياته الكنسية واللاهوتية من أن يتصدّر نجومية مواقع التواصل، تمكّن من كسب ثقة الملايين في ما يخصّ علم المناخ وأحوال الطقس. وبجدارة، نجح الأب إيلي خنيصر الذي ارتسم كاهناً في 6 تموز الـ2002 بحمل رسالتين بدل واحدة، هو الذي يهوى مراقبة الطقس عن كثب درس تحليل الأرصاد الجوية في بوسطن، وبدأ العام 2015 نشراته التحديثية وبات اليوم المرجع الأهم للسائلين عن حال الطقس. وكان لـ"نداء الوطن" حديث معه ليخبرنا عن رسالته الطويلة وعن موقع لبنان مناخياً.



كيف ومتى دخلت عالم الطقس؟

علم الطقس هو جزء لا يتجزأ من وجودنا على الأرض، ورغبتُ منذ صباي أن أدخله لأصبح ذات يوم خبيراً في المناخ والأحوال الجوية، وكان طموحي كبيراً يمتد إلى ما هو أبعد من النشرات الجوية المتلفزة التي لا تقدم لنا أكثر من حالة "مشمس غائم، ممطر مثلج وضباب محلي".

وأثناء زيارتي للولايات المتحدة الأميركية العام 2007، وبينما كنت في بوسطن أشاهد فيلماً وثائقياً عن كيفية تشكّل الأعاصير، قررت دخول المجال. وأتتني حينها فرصة ذهبية استغلّيتها ودرست مادة علم المناخ وتحليل حركة الطقس المستندة على الضغوط الجوية.

ماذا عن الشقّ الكهنوتيّ؟

أنا راهب ينتمي إلى الرهبانية الباسيلية الشويرية، تلقيت دراساتي الفلسفية واللاهوتية في "معهد القديس بولس" في حريصا ولي مؤلفات مريمية لاهوتية.

إرتسمتُ كاهناً في 6 تموز 2002، وكانت أولى إطلالاتي التلفزيونية في التصدي لبدعة عبدة الشيطان سنة 2004، سافرت بعدها إلى بوسطن عام 2007 حيث حصّلت دراساتي الأساسية في علم المناخ والطقس.

تَصدُق توقعاتك والملايين يتابعونك، ما السرّ؟

بدأت بشكلٍ عفوي الظهور في هذا المجال في 2010، إلى أن فتحت صفحةً خاصةً بالأحوال الجوية عبر "فيسبوك" عام 2015 وتضمّ حالياً حوالى المليون ومئة ألف متابع. مصداقيتي مع الناس واستنادي إلى العلم في ما أقوله وأشرحه أوصلني لهذا النجاح. حتى أنني بدأت مشاركة نشراتي وتحليلاتي أخيراً من باب تطبيق "تيك توك" مع 50 ألف متابع. بالإضافة إلى 17000 مشترك في خدمة الخبر السريع عبر "واتساب".





متى شاركت نشرتك الأولى وكيف كانت ردود الفعل؟

أولى نشراتي الرسمية كانت في شتاء 2015 وأثارت الخوف عند الكثيرين، وجاءت الانتقادات قوية وسلبية. وقتها أنذرت الناس أننا أمام عاصفة ثلجية وتدنّ قياسي للحرارة في البقاع إلى نحو 15 درجة تحت الصفر، ما تسبب بضجة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وطرح علامات استفهام حولي، خصوصاً أنني بالنسبة لهم من العالم الكهنوتي لا أكثر.

وانهالت الانتقادات والسخرية إلى أن ضربت لبنان عاصفة ثلجية نتج عنها تدفّق لموجة قطبية هي الأعنف والأقسى حتى يومنا هذا وما زال يُضرب فيها المثل، حيث لامست اثرها درجات الحرارة الصفر ساحلاً و12 تحت الصفر جبلاً و16 تحت الصفر بقاعاً.

عندها تفتّحت الأعين من حولي واتصل بي المئات واختصروا الكلام بعبارة: "منّك هيّن يا خنيصر، ظلمناك وإنت وحدك اللي صُبتها".

ومنذ ذلك الوقت بات معظم الهواة يستعينون بتحليلاتي ونشراتي بعدما تأكدوا من صحة ما أقدّمه على "غوغل". واتسعت رقعة عملي لتصل إلى الدول العربية من خلال صفحتي والمواقع الإخبارية ونشرات الأخبار، وكَثُر عدد المتابعين من المملكة السعودية والكويت والبحرين والإمارات.

ما هي الوسائل التي تستند إليها للتنبؤ بالطقس؟

تعتمد دراسة الطقس على تحليل الخرائط الجوية التي تقدّمها الأقمار الاصطناعية والرادارات الحرارية والتي نتعلّم كيفية ربطها ببعضها البعض، تماماً كما يتعاطى الطبيب مع صور الأشعة فهو الوحيد الذي يمكن قراءتها.

علم الأحوال الجوية علم واسع تطوّر منذ سنوات، وبات اليوم في متناول الجميع ضمن تطبيقات نجدها على الهواتف، إذ تقدم لنا حالة الطقس لعدة أيام وتقوم بتحديثات كل 12 ساعة تقريباً. لكن للأسف هذه التطبيقات لا تكون في معظم الوقت صائبة ولا يجب أبداً الاعتماد عليها لا من قبل الناس ولا من قبلنا نحن كإختصاصيين.

تعرضت للكثير من الانتقادات ما كان أبرزها؟

الانتقادات كانت كثيرة ولاذعة، إلا أن السؤال الموحّد كان: "ما علاقة الأبونا بالطقس؟ الكاهن يجب أن يخدم في كنيسته ويدع هذا العلم لأصحاب الاختصاص".

آسف لعدم تقبّل مجتمعي للموضوع وأشك بوجود متخصصين مخضرمين بهذا العلم في بلادنا، وإلا لرأيناهم عبر الشاشات ومواقع التواصل يشرحون بجرأة ما تخصصوا به ويفصّلون الوقائع على الخرائط الجوية.

لأيهما الأولويّة، الخدمة الدينية أم علم الطقس؟

لا تتطلب دراسة الطقس ومراقبة الأحوال الجوية الكثير من الوقت، إلا أن الأولوية أعطيها لواجباتي وخدمتي الرعوية والكنسية والنشاطات المتعددة التي أقوم بها. وبما يتبقى لي من وقت أقوم بجولة سريعة على وضع الخرائط الجوية.

لكن وباختصار، في موسم الثلوج أكون أكثر تفرّغاً وأقل ارتباطاً رعوياً ما يخوّلني دراسة مناخ الشتاء بشكل أوسع، فالحركة تبدأ مع بداية الصوم وتبلغ ذروتها في أسبـوع الآلام والصيف والخريف.





هل يتعارض مجال الطقس مع رسالتك الكهنوتية؟

مجال الطقس لا ينحصر بفئة معينة، فالكاهن المثقف يمكنه دخول أي مجال للاستفادة والإفادة.

في الدول المتحضرة كأميركا مثلاً يستطيع رجل الدين دخول السلك العسكري والتخصّص ليكون مرشداً للجيوش، حتى أنهم يظهرون احتراماً وتقديراً لمركزه هذا بتعيينه ضابطاً بنجمتَين.

على العكس، هذا الخط الذي اخترت السير فيه كان بمثابة تتمّة لرسالتي الكهنوتية، ففي ظلّ التضليلات الكثيرة التي بتنا نشهدها في نشرات الطقس عبر التلفزيون ومواقع التواصل، قررت أن أكون شخصاً يلقي الضوء الواضح والصريح والعلمي على هذه المعلومات التي يعتمد عليها البشر في حياتهم اليومية لتسيير أعمالهم وزراعاتهم وغيرها.

هل تأثر لبنان كثيراً بالاحترار المناخي العالمي وكيف؟

طبعاً لبنان كغيره تأثر بالضغوط الجوية المرتفعة والناجمة عن الاحترار المناخي وهو ما شهدناه في العواصف الغريبة وفي تأخر هطول الأمطار هذا العام لمدة شهر ونصف.

لكن السيناريو سيتحسن مع تراجع هذه الضغوطات، فنشاط منخفَض السودان الكبير سيؤدي لجذب الكتل القطبية والشتاء إلى منطقة أفريقيا والشرق الأوسط ويأتي عليها بالخيرات والمياه.

ماذا ينتظرنا في الأسابيع المقبلة؟ وماذا عن صيف 2023؟

كما قلت في نشراتي السابقة، شباط سيعوّض الخسائر وسيجمع بين الكانونَين. وبعد العاصفتين اللتين شهدناهما في القسم الأول منه، سنشهد هدنةً مدتها حوالى الأسبوعين. لكن ستحمل الأيام الأخيرة من هذا الشهر مجدداً الأمطار الغزيرة والثلوج والرعد فوق الجبال. وسيسلّم شباط وديعته هذه لشهر آذار لتكتمل مشاهد البرودة القطبية والثلوج والأمطار.

أما أن نتحدث منذ الآن عن صيف 2023 فهذا يدخل ضمن التكهنات. عادةً ما يكون صيف لبنان معتدلاً ما لم ينشط المنخفض الهندي الموسمي الحار فوق شبه الجزيرة العربية ويمدد كتلاً مدارية حارةً نحو الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ويرفع درجات الحرارة بقاعاً فوق الأربعين درجة.

لا يمكن الحديث عن الصيف المقبل منذ اللحظة فالوضع مرتبط بنشاط المنخفض الهندي فوق الربع الخالي في المملكة العربية السعودية.

هل تلقّيت أي عروض في مجال نشرات الطقس؟

نعم، وكان آخرها مناقشة مشروع جديد مع قناة MTV لكن الأمر ليس نهائياً بعد. لا أعتقد أن الناس ستتفاجأ إذا ظهرْت على الشاشة أقدّم نشرة الطقس، فقد اعتادوا على متابعتي وبات اسمي يتصدّر التحديثات والأخبار في هذا المجال.


MISS 3