سهجنان حسن الرز

لإنقاذ الآثار... من الحروب والكوارث الطبيعية

18 شباط 2023

02 : 00

قلعة "حلب" قبل الدمار

فجر يوم الإثنين الواقع فيه 6 شباط 2023 تعرّضت الأراضي السورية والتركية لزلزال عنيف، وصلت ارتداداته إلى لبنان ودول أخرى، فحصد عشرات آلاف القتلى والمصابين والمشردين ودمر عشرات القرى والمدن، وأصاب المباني التراثية والمواقع الأثرية حيث يعمل الخبراء للكشف عن الأضرار التي لحقت بها للمبادرة الى ترميمها ومعالجتها قبل انهيارها.



أُصيبت الآثار في سوريا بكارثتين، أولاهما الحرب الداخلية والثانية الزلزال الأخير، حيث تعرّضت للتدمير والقصف والسرقة أو الإهمال أو عدم قدرة الدولة لحمايتها أو صيانتها وقُتل الفنيون، وأبرز هذه الآثار هي: قلعة "حلب"، المتحف الوطني، الأسواق القديمة وسور "باب أنطاكية" في حلب، آثار مدينة "تدمر"، متحف "معرة النعمان" في ادلب، "المدن الميتة"، آثار بلدة قنوات "النبي أيوب"، الكنيسة الشرقية في عفرين، قلعة "القدموس"، قلعة "المرقب"، قلعتا "الحصن" و"جعبر" وسور "الرقة" في حمص، "جامع الإمام إسماعيل"، قلعة "شميميس" في حماة، قلعة "منبج" والبرج الروماني في "سيرين"، والكثير من البيوت التراثية والمساجد والكنائس.



قلعة "حلب" بعد الدمار





أما في تركيا فقد دُمرت آثار كثيرة وأبرزها قلعة "غازي عنتاب"، مسجد "الشرفاني"، مسجد "حبيب النجار" والكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في أنطاكيا، قلعة "ديار بكر"، حدائق "هفسيل"، "غوبكلى تبهو"، جبل "نمرود" وتل "أرسلان تيبيه".




وفقًا للبحوث الجيولوجية، ودراسة الزلازل التي ضربت منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط تم تسجيل 181 زلزالاً مدمراً في التاريخ بين 1356 ق.م و 1900 م، وتقع سوريا وتركيا عند نقطة التقاء ثلاث صفائح تكتونية، مما يفسّر عدد الزلازل الكبير الذي تتعرّضان له. ولأنه لا يمكن منع حدوث الزلازل، فلا بد من إقرار سياسات وقائية تحمي البشر والحجر عبر التصاميم الإنشائية والمعمارية والبنى التحتية قبل حدوثها وخطة طوارئ بعد حدوثها، خاصة في لبنان الذي يقع على فالق زلزالي كان قد دمر عاصمته بيروت سابقاً.



قلعة "غازي عنتاب"




إن حماية وحفظ المواقع الأثرية تتطلب خطة علمية ممنهجة تكمن في الامور التالية:




- صيانة وتدعيم الآثار لحمايتها من العوامل والكوارث الطبيعية والحروب، ورفع الخرائط والرسومات وتصوير جزئيات الأثر وإعداد فيديوات تفصيلية وغيرها من التقنيات قبل حدوث كوارث طبيعية أو الحروب.

- بعد الزلزال لا بد من تأمين حراسة أمنية وشعبية للآثار لمنع السرقات والتعديات، عبر نشر الوعي وثقافة حفظ التراث كإرث وطني وعالمي على مستوى الحضارة والهوية، والبدء بتوثيق المواقع الأثرية المتضررة وإحصاء الأضرار، وإعلان مواقعها مناطق محظورة ومنع استخدام الآليات الضخمة.

- إستخدام تقنية الأقمار الصناعية لتحديد وتقييم الأضرار الناجمة عن الزلزال، واعتماد تقنيات علمية من قبل الجهات الحكومية المختصة وفرق الترميم والجمعيات ذات صلة بالتنسيق لتجميع أجزاء الآثار وفق الصور والخرائط التي تم إعدادها مسبقاً، ومنع جرفها بشكل عشوائي وإعادة ترميمها وبنائها بشكل يدعمها ويحفظها من احتمالية زلازل مقبلة.

- الاستعانة بمنظمة "اليونسكو" والمنظمات المختصة لإعادة ترميم المواقع الأثرية بعد الكوارث الطبيعية بناء "لاتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972" كما كان الحال عند حدوث زلزال في "وادي كتمندو" في النيبال سنة 2015.

- الإضاءة على أن حماية الآثار وترميمها وإعادة بنائها جزء أساسي من خطة التعافي على الصعيد التاريخي الاجتماعي والاقتصادي السياحي.



دمار قلعة "غازي عنتاب"




إن أهمية الآثار التاريخية تكمن في فهم الناس لماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم وأما على الصعيد الاجتماعي فللآثار أهمية تتجلى في تكوين هوية المواطن وانتمائه لبلده، وأهمية المواقع الأثرية في الخطط الاقتصادية السياحية واستثمارها، وإعادة إحيائها عبر ترميمها وصيانتها حفظاً للإرث الثقافي والحضاري العالمي الذي يجذب السياح في عملية تلاقٍ وتعارفٍ إنساني.


MISS 3