جاد حداد

Your Place or Mine...كوميديا باهتة رغم شهرة نجومها

22 شباط 2023

02 : 00

يجمع فيلم الكوميديا الرومانسية Your Place or Mine (مكانك أو مكاني) ريس ويذرسبون وآشتون كوتشر، لكن يسهل نسيانه بعد مشاهدته لأنه يشبه معظم الأعمال الجديدة التي تدخل في هذه الخانة. لكنه قد يخيّب آمال المشاهدين أكثر من غيره لأن المشاركين فيه لهم وزن كبير في عالم السينما، وعلى رأسهم ويذرسبون والمخرجة والكاتبة ألين بروش ماكينا التي كتبت سيناريوات ساحرة وذكية في فيلمَي 27 Dresses (27 ثوباً) و The Devil Wears Prada(الشيطان يرتدي برادا). من المؤسف إذاً أن تقرر إطلاق مسيرتها في عالم الإخراج عبر هذا الفيلم الباهت الذي يفتقر إلى عوامل الذكاء والدفء التي ميّزت أعمالها السابقة.

ترتكز الحبكة الأساسية على عناصر مألوفة في جميع أعمال الكوميديا الرومانسية السابقة: صديقان مقرّبان سرعان ما يكتشفان أنهما خُلِقا لبضعهما (مثل فيلم When Harry Met Sally (عنما التقى هاري بسالي))، وتبديل المنازل بما يشبه أحداث فيلم The Holiday (الإجازة). قد تكون هذه العناصر جاذبة، لكنها تحافظ على أجواء رتيبة حتى النهاية. يظهر مؤشر تحذيري ليؤكد على طابع القصة المألوف منذ البداية: تدور أحداث المشهد الأول في العام 2003، حيث تمضي شخصيتا ويذرسبون وكوتشر ليلة عابرة معاً لأنهما ثملان. تبدو مقدمة القصة سريعة ولا تكشف الكثير عن الشخصيتَين الرئيسيتَين، فيبدأ الفيلم بشكلٍ متعثر.

سرعان ما تعود الأحداث إلى الزمن الحاضر، فتظهر "ديبي" (ريز ويذرسبون) كأم عزباء وعصبية تقيم في لوس أنجليس، بينما يكون صديقها المقرّب "بيتر" (أشتون كوتشر) زير نساء في بروكلين. ثم يقرر كل واحد منهما العيش في منزل الشخص الآخر طوال أسبوع. تريد "ديبي" أن تنهي دورة جامعية فيما يعتني "بيتر" بابنها. سرعان ما يدركان طبعاً ضرورة أن يقيما في المدينة نفسها.

قد نشعر في بعض اللحظات العابرة بأن ويذرسبون عادت إلى عالمها الطبيعي بعد سنوات على مشاركتها في أنواع مختلفة من الأفلام. كانت أعمالها السابقة قد أثبتت أنها ممثلة جريئة لا تخشى خوض التجارب ولا حدود لها في عالم التمثيل، فهي طوّرت نفسها وأثبتت قدراتها أمام الجمهور في أفلام صعبة وقاتمة مثل Freeway (الطريق السريع)، و Election(الانتخاب)، وAmerican Psycho (مريض نفسي أميركي)، و Best Laid Plans (أفضل الخطط)، وPleasantville. كان نجاحها المستحق في أفلام Legally Blonde (شقراء قانونياً) التي حصدت إعجاباً واسعاً قد وضعها في قالب الممثلة الظريفة، فاعتبرها الجميع نموذجاً للممثلة الأميركية اللطيفة والبسيطة والبعيدة عن التحديات الكبرى. تخلصت ويذرسبون من هذه الصورة بفضل فيلم Wild (جامح) المقتبس من رواية شيريل ستريد في العام 2014، فذكّرت الجميع بقدراتها وباستعدادها للقيام بكل ما تفرضه عليها مهنتها. ثم خصصت معظم وقتها لمسلسل The Morning Show (البرنامج الصباحي)، وهو عمل مريع وساخر. لكن لم تكن عودتها إلى الشاشة الكبيرة في فيلم Your Place or Mine بالمستوى المطلوب لأنه عمل عابر ومشابه للأفلام التي كانت لتشارك فيها منذ عشر سنوات.

من المؤسف أن تُكرر ويذرسبون دور الأم العصبية مجدداً، من دون أن تكون الشخصية التي تقدمها عميقة أو مفصّلة بما يكفي. كذلك، يرتكز الفيلم في معظمه على أفكار نمطية مملة تُرسّخ الاختلاف بين الجنسَين بدرجة لا يمكن تصوّرها. تحب المرأة الطبخ، بينما يحب الرجل استمالة النساء! كان من الأفضل أن تنقلب الأدوار هذه المرة، فيظهر بطل القصة بصورة الأب المتعلّق بأولاده بينما تخاف المرأة من الارتباط الجدّي. تُعرَض لقطات قصيرة عن مواضيع أكثر أهمية بشكل عام، إذ يتعافى زير النساء "بيتر" من إدمانه على الكحول ويتبيّن أن والدة "ديبي" كانت مدمنة أيضاً، ثم تخضع صداقتهما لاختبارات شائكة. تعني هذه الأفكار كلها على الأرجح أن السيناريو كان أكثر تعقيداً من الناحية العاطفية في مرحلة معينة. لكن لا تتطور هذه الأفكار للأسف، بل إن التلميحات التي تحمل ثقلاً معيناً تتحول سريعاً إلى مشاهد كاريكاتورية سخيفة أبطالها هزليون وضعفاء وشخصياتها الثانوية تافهة وباهتة كتلك التي يؤديها ستيف زان وزوي تشاو، فيبدو العمل في مرحلة معينة أشبه بفيلم للأطفال. ورغم الصيغة المألوفة التي يرتكز عليها العمل، لا يقترب مستواه في أي لحظة من الأعمال المضحكة أو الرومانسية التي تدخل في الخانة نفسها، فهو يفتقر إلى النكات الحذقة والجاذبة، ويتخبط بطلا القصة لإثبات الكيمياء التي تجمعهما خلال المكالمات الهاتفية التي تبدو مصطنعة أكثر من اللزوم بالنسبة إلى صديقَين تجمعهما علاقة قديمة. باختصار، يخلو الفيلم من الحيوية وعوامل الجذب وقد لا يكون أفضل خيار لعيد الحب هذه السنة...


MISS 3