الغالبيّة العظمى في طهران مستاءة من سوء الإدارة

إيرانيّون يُقاطعون الانتخابات التشريعيّة

09 : 13

مصمّمة الأزياء الإيرانيّة باري آغا زاده (أ ف ب)

في ظلّ العقوبات الاقتصاديّة القاسية والاضطرابات السياسيّة العاصفة وشبح النزاع العسكري، تسود حالة من الاستياء العام وعدم المبالاة بين العديد من الإيرانيين حيال المشاركة في الانتخابات العامة هذا الأسبوع. وبقلوب مثقلة وشعور بالمرارة، يشتكي عدد من أهالي طهران من أنّهم تعبوا من السياسيين الذين فشلوا في الإيفاء بوعودهم برفع المستوى المعيشي في البلاد.

وفي هذا الإطار، قالت باري (62 عاماً): "مستحيل! لن نُصوّت!"، بينما أكدت ابنتها أنّها تنوي مقاطعة الانتخابات التشريعيّة الجمعة بعدما فقدت ثقتها بالسياسيين. وأضافت باري: "الأمر صعب بالنسبة إلى الجميع في إيران اليوم. مللنا. نُريد إيصال رسالة بأنّنا غير راضين عن الوضع".

ويشعر الإيرانيّون أن حياتهم شُلّت جرّاء تباطؤ الاقتصاد الذي تدهور أخيراً نظراً للعقوبات الأميركيّة المشدّدة منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 2018 من الاتفاق النووي مع إيران. وازداد الوضع سوءاً مع خطر اندلاع نزاع عسكري في وقت كثّف ترامب حملته لممارسة "ضغوط قصوى" على الجمهوريّة الإسلاميّة.

وكانت باري تتنزّه مع ابنتها كيانا في تجريش، أحد أرقى أحياء العاصمة، حيث تتناقض مظاهر الثراء والفقر الشديدَيْن. وتقود نساء أنيقات بنظارات شمسيّة داكنة سيّاراتهنَّ الرياضيّة في الشوارع، بينما يصطفّ على الأرصفة باعة متجوّلون يعرضون بضائعهم.

وقالت كيانا التي تطاير شعرها الأسود من تحت غطاء الرأس الذي كانت ترتديه: "لا يوجد عمل ولا مستقبل". وأشارت إلى أنّها لم تعُد "تثق بالسلطات" وتشعر بالإحباط حيال "عدم صدقيّتها"، إذ تراجعت صدقيّة المسؤولين الإيرانيين بشكل لافت بالنسبة إلى كثيرين، عندما نفت السلطات الشهر الماضي أن القوّات المسلّحة الإيرانيّة أسقطت بالخطأ طائرة ركّاب أوكرانيّة، قبل أن تعترف بالأمر بعد أيّام.

وعند مدخل "بازار طهران الكبير" الذي تزيّنه الفسيفساء، وقف أمير محتشم (38 عاماً) العاطل من العمل منذ عامَيْن، وقد أعرب عن قلقه حيال غياب الرؤية لدى المرشّحين الذين سُمِحَ لهم بخوض الانتخابات، بحيث تقدّم لهذه الانتخابات 7296 مرشّحاً للفوز بـ290 مقعداً في مجلس الشورى، وذلك بعد أن شطب مجلس صيانة الدستور المكلّف التصديق على الترشيحات ويُهيمن عليه عتاة المحافظين، أسماء 7148 مرشّحاً إصلاحيّاً آخرين. وقال محتشم: "يبدو أن أيّاً من المرشّحين لا يملك خطّة لشيء"، مضيفاً: "لا المحافظين ولا الإصلاحيين جديرون بالثقة. كلّ ما يهمّهم هو الأصوات... انتخاباتنا عديمة الفائدة".

وعلى مقربة منه، أعرب تاجر سجّاد في وضع أفضل بكثير من محتشم عن وجهة نظر مشابهة. وقال التاجر محمد (30 عاماً): "كان لدينا حلم عندما صوّتنا لروحاني، لكنّنا لم نُحقّق شيئاً"، متّهماً السلطات بنشر "الأكاذيب". وتابع: "لم يعُد الناس يشعرون بالراحة. عندما لا يكون الناس هم من يُقرّرون، فلمَ نُصوّت؟ إذا كان التصويت يمنح شرعيّة للفائزين بالانتخابات فلن نُصوّت". لكن آخرين من خلفيّات محافظة أو دينيّة، أكدوا عزمهم على المشاركة في الانتخابات.

وفي حي نازي آباد الأكثر فقراً في جنوب طهران، تحدّث شباب عن تعطّشهم لمزيد من الحرّية في الجمهوريّة الإسلاميّة، التي احتفلت هذا الشهر بالذكرى الـ41 لتأسيسها. وقال كمران بلوش زاده (20 عاماً) بتعبير نادر من نوعه عن معارضته لمجرى الأمور: "أصبحت الانتخابات مجرّد أمر رمزي... لا أؤيّد هذه المنظومة ولن أُصوّت". وأضاف وهو يرتجف في درجات حرارة أدنى من الصفر: "أشعر بفقدان الأمل والضعف ولم أبلغ 25 عاماً بعد. أشعر باليأس"، مشيراً إلى النفقات التي لا يُمكنه تحمّلها وقلقه في شأن عدم قدرته على العثور على زوجة والاهتمام بوالديه.

بدورها، قالت مصمّمة الأزياء باري آغا زاده التي كانت تحمل أكياساً من الملابس وهاتفاً نقالاً: "بصراحة لا أُريد التصويت لأنّ ذلك لن يحلّ مشكلاتنا"، متّهمةً الحكومة بسوء الإدارة. وأضافت آغا زاده التي أجرت عمليّة تجميل لأنفها بينما وضعت أظافر اصطناعيّة وطبقة سميكة من أحمر الشفاه: "هذه الحكومة وهذا النظام لا يهتمّان إطلاقاً بالنساء. لا نملك أي حرّيات شخصيّة"، معتبرةً أنّه على الأقلّ "يُمكننا التعبير عن احتجاجنا" من خلال مقاطعة الانتخابات.

وفي هذا الصدد، أظهرت نتائج استطلاع رأي جديد لجامعة طهران أن 93 في المئة من سكّان العاصمة مستاؤون من سوء الإدارة في إيران، فيما أكد 75.8 في المئة أنّهم لن يُشاركوا في الانتخابات التشريعيّة، وسط عدم رضا 81.1 في المئة من أداء حكومة حسن روحاني في القضايا السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة.

وأفادت وكالة "فارس" نقلاً عن رئيس مركز الأبحاث الاجتماعيّة في جامعة طهران أحمد نادري، بأنّ الحكومة حصلت على 2.5 من أصل 10 نقاط لدى سؤال الإيرانيين عن أداء الحكومة الحاليّة. وشارك في الاستطلاع ألف شخص من مختلف مناطق طهران. وشكّلت النساء 50.1 في المئة من نسبة المستطلعة آراؤهم، فيما تراوحت أعمار المشاركين بين 31 و50 عاماً.


MISS 3