مناظرة "ديموقراطيّة" حامية

بلومبرغ في مرمى النيران!

09 : 40

وورن تتوسّط ساندرز وبلومبرغ خلال المناظرة "الديموقراطيّة" الأخيرة (أ ف ب)

واجه الملياردير الأميركي مايكل بلومبرغ، المرشّح الرئاسي الذي يتعرّض إلى انتقادات لامتلاكه ثروة كبيرة وقد دُعي بإلحاح إلى تفسير فترات محرجة من ماضيه، صعوبات في الردّ على وابل من الهجمات العنيفة أثناء مناظرة ديموقراطيّة حامية الأربعاء.

ومع منافسين يقومون بكلّ ما يُمكن للبقاء "على قيد الحياة" في السباق الرئاسي، شهدت المناظرة التي شارك فيها ستّة مرشّحين، وهي الأولى التي يخوضها بلومبرغ، حدّة نادرة في لاس فيغاس بولاية نيفادا، حيث سيُجرى التصويت الثالث غداً السبت في الانتخابات التمهيديّة للحزب الديموقراطي.

وقالت السيناتورة التقدّمية إليزابيث وورن: "أودّ التحدّث عن خصمنا. هو ملياردير ينعت النساء بالبدينات والمثليّات"، مضيفةً: "كلا أنا لا أتحدّث عن (الرئيس الأميركي) دونالد ترامب. أتحدّث عن مايكل بلومبرغ". واتّهمته أيضاً بأنّه "يدعم سياسات عنصريّة"، في إشارة خصوصاً إلى الاستجوابات وعمليّات التفتيش التي تُعتبر في نظر البعض خلف تفشّي التنميط العنصري في نيويورك.

وأُرغم بلومبرغ كذلك على الدفاع عن نفسه مقابل اتهامات بالتحيّز الجنسي وجّهتها إليه موظّفات سابقات. وفي مواجهة هذه الهجمات التي كرّرها مرشّحون آخرون، سعى بلومبرغ البالغ 78 عاماً إلى تقديم نفسه على أنّه الديموقراطي الأكثر قدرةً على الفوز في الانتخابات الرئاسيّة المرتقبة في الثالث من تشرين الثاني. وتساءل: "من يُمكنه هزيمة دونالد ترامب؟ ومن يُمكنه القيام بالعمل في البيت الأبيض؟ أقول إنّني المرشّح القادر على القيام بهذَيْن الأمرَيْن"، بينما اعتبرت وورن (70 عاماً) أن "الديموقراطيين يُجازفون كثيراً إذا قاموا فقط باستبدال ملياردير مغرور بآخر".

وفي بعض الأحيان، بدا بلومبرغ الذي لم يُشارك في مناظرة منذ أكثر من عشر سنوات، متراجعاً ومتلعثماً. ليعود وينتقل من نبرة متردّدة إلى لهجة أكثر صرامة، مقدّماً نفسه على أنّه مسؤول سابق قادر على الحكم وفاعل خير سخي. ويُقدّم بلومبرغ، الذي تُصنّفه مجلّة "فوربز" بأنّه تاسع أغنى رجل في العالم مع ثروة تُقدّر بنحو 64 مليار دولار، نفسه على أنّه المرشّح القادر على استقطاب الوسط، وبالتالي هو المرشّح الأوفر حظّاً لمقارعة ترامب الذي يُعزّز موقعه في القواعد الناخبة يوماً بعد يوم.

وقد دخل صاحب وكالة "بلومبرغ" الماليّة، الحملة الانتخابيّة متأخّراً جدّاً في تشرين الثاني، ويُموّل ترشيحه بمئات ملايين الدولارات تُصرف من حسابه الشخصي. واعتمد بلومبرغ استراتيجيّة قلّما استُخدمت في تاريخ الانتخابات التمهيديّة في الولايات المتحدة، بقراره عدم خوض الانتخابات في الولايات الأربع التي تصوّت في شباط (أيوا ونيوهامبشير ونيفادا وكارولاينا الجنوبيّة). وسيدخل السباق في الثالث من آذار حين ستُجرى الانتخابات في 14 ولايةً.

وقبل خوضه أي انتخابات تمهيديّة، حلّ بلومبرغ في المرتبة الأولى في استطلاعات الرأي على المستوى الوطني، الأمر الذي دفع خصومه لاتهامه بأنّه "اشترى" مكانة في الحملة الرئاسيّة. وقال السيناتور المستقلّ بيرني ساندرز (78 عاماً): "مايك بلومبرغ يملك ثروة كبيرة توازي ما يملكه 125 مليون أميركي"، هم الأكثر فقراً، معتبراً أنّه "أمر غير أخلاقي". فردّ بلومبرغ: "جنيت الكثير من المال وسأُعطي كلّ شيء لتحسين هذا البلد". وكان لساندرز حصّته من الانتقادات. ووُجّهت أيضاً إلى الملياردير انتقادات من جانب خصومه لعدم نشره حتّى الآن تصاريحه الضريبيّة. وحاول بلومبرغ تبرير تأخّره بحجم المهمّة. وشدّد المرشّح، الذي كان جمهوريّاً وأصبح مستقلاً قبل أن يتحوّل إلى ديموقراطي، على عزمه مكافحة التغيّر المناخي والتصدّي لعنف السلاح المنتشر في الولايات المتحدة.

وأزاح ساندرز، الذي حقّق نتائج ممتازة في أوّل ولايتَيْن جرت فيهما انتخابات حتّى الآن (أيوا ونيوهامبشير)، نائب الرئيس السابق المعتدل جو بايدن من المركز الأوّل في استطلاعات الرأي للحزب الديموقراطي. ويُتوقّع أن يُحقّق نتيجة جيّدة أيضاً في انتخابات السبت في ولاية نيفادا للبقاء في السباق. وقدّم الأربعاء تحت الضغط أداءً جيّداً أثناء المناظرة، لكن من دون أن يبرز بشكل لامع.

وانتقلت وورن التي فقدت زخمها أيضاً، إلى الهجوم، فانتقدت ليس فقط الملياردير لكن أيضاً مرشّحَيْن معتدلَيْن يُهدّدان ترشيحها بعد أن حقّقا تقدّماً مفاجئاً، هما رئيس بلديّة ساوث بند السابق بيت بوتيدجيدج والسيناتورة إيمي كلوبوشار.

وبعد فوزه في ولايتَيْ أيوا ونيوهامبشير، حاول بوتيدجيدج أن يُقدّم نفسه في سنّ الـ38، على أنّه بديل لشخصيّتَيْن "تُثيران انقسام": ساندرز وبلومبرغ، فيما يُراقب ترامب الانتخابات التمهيديّة الديموقراطيّة بشكل منتظم ويسخر منها متسلّحاً بأرقام اقتصاديّة قويّة، ويُلقّب بلومبرغ بـ"ميني مايك" أو "مايك الصغير" للسخرية من قامته التي تبلغ 170 سنتم. وقال الرئيس الجمهوري أمام الآلاف من مناصريه في ولاية أريزونا: "سمعت أنّه سيُحطّم نفسه هذا المساء"، مضيفاً: "لا تهمّنا معرفة من سيفوز في انتخابات الحزب الديموقراطي، لأنّنا نحن من سيفوز في الانتخابات الرئاسيّة".

ولاحقاً، عبّر الرئيس الجمهوري عن شكوكه في إمكانيّة أن يتمكّن بلومبرغ من الفوز بترشيح الحزب الديموقراطي لخوض الانتخابات الرئاسيّة. وكتب ترامب في تغريدة أن بلومبرغ ذكر في المناظرة أن السيناتور "الاشتراكي" ساندرز "لن يستطيع" هزيمة ترامب، مشيراً إلى أنّه توجد "فرصة أقلّ لفوز بلومبرغ بالترشيح، خصوصاً بعد أدائه خلال المناظرة". لكن ترامب عبّر في الوقت عينه عن أمله في ألّا يخسر بلومبرغ السباق، ويفوز بالترشيح.


MISS 3